جريدة الجرائد

لعل ملاك الحظ يبتسم لنا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

جهاد الخازن

أريد أن أقرأ التفويض الذي تحمله الولايات المتحدة للتدخل في شؤون كل بلد عربي، وأريد أن أعرف اسم الجهة الدولية التي أصدرته، وتاريخ الإصدار، وهل هو لأجل أو الى ما لا نهاية.

كان للإدارة الأميركية موقف من ثورة شباب تونس، ووجدنا ان لها مواقف من ثورة الغضب في مصر، فمليون شاب ثم مليون آخر طالبوا بسقوط النظام، والرئيس أوباما قال "فوراً"، ثم غيَّر رأيه، ووزيرة خارجيته قالت إن التغيير يجب أن يكون سلمياً وتدريجياً، وعندما سقط الحليف عادت الإدارة لتقول ان حسني مبارك يجب أن يرحل، كأن لها دوراً في رحيله.

في اليمن والبحرين والأردن وسورية وليبيا، انتقدت الإدارة قتل متظاهرين، ودافعت عنهم، إلا انه كان واضحاً ان الإدارة لا يهمها أمر المتظاهرين وإنما مصالحها، وهي غير مصالحنا. وإذا أخذنا اليمن مثلاً، فالرئيس علي عبدالله صالح حليف ثابت ضد القاعدة، لذلك لا تريد الإدارة الأميركية رحيله، وإنما تدافع عن المعارضة وحقها في التظاهر وهي تؤيد الرئيس بكل وسيلة أخرى.

لست معارضاً لكل سياسة أميركية، فأنا مع الرئيس اليمني وكل رئيس ضد ارهاب القاعدة، كما انني مع الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد معمر القذافي، وأرجو أن تستمر الغارات الجوية على قواته لحماية الليبيين من آلة القتل التي يديرها، ولضمان سقوطه في النهاية.

غير أنني أنظر وأرى ان الولايات المتحدة تقرر ما ينفع سورية أو الأردن من إصلاحات، وكيف تريد أن تتجه السياسة المصرية بعد مبارك، وهي تريد نشر الديموقراطية في كل بلد عربي، شرط ان لا يدير إسلاميون الحكم، بل ان لا يشاركوا فيه إن أمكن، وهو شرط "إسرائيلي"، فالإسلاميون العرب، سواء كانوا الإخوان المسلمين، أو حماس والجهاد الإسلامي، أو حزب الله، يرفضون الاعتراف بإسرائيل، والسياسة الخارجية الأميركية، وتحديداً في الشرق الأوسط، مفصَّلة على قياس إسرائيل وحدها. وربما ما كنا هبطنا الى هذا الدرك لولا الانحياز الأميركي الكامل الى دولة فاشستية محتلة تقتل النساء والأطفال بمال أميركي وسلاح.

أكتب منتقداً ثم أعترف بأن السياسة الخارجية الأميركية كما تمارسها إدارة أوباما أفضل كثيراً من سياسة سلفه جورج بوش الابن الذي دمرت عصابة الحرب من المحافظين الجدد في أيامه العراق لأسباب ملفقة عمداً عن أسلحة دمار شامل وعلاقة مع القاعدة، فقد كانت الأسباب ولا تزال إسرائيلية ونفطية.

وأفهم ان تكون السياسة الخارجية الأميركية هدفها مصالح الولايات المتحدة، الا انني لا أفهم ان تكون هذه المصالح على حسابنا.

بأوضح عبارة ممكنة، الدول العربية كلها غير ديموقراطية، والموقف الأميركي منها ليس نشر الديموقراطية كما زعم بوش الابن يوماً، بل قتل الديموقراطية في البلدان العربية لأن البلد العربي الديموقراطي فعلاً لن يخدم مصالح أميركا وإسرائيل. ولا دليل أوضح على أهداف أميركا من ان الدول العربية، للمرة الثانية، غير ديموقراطية، ومع ذلك فالإدارات الأميركية المتتالية حالفت بعض الأنظمة الى درجة التواطؤ لأنها عقدت سلاماً مع اسرائيل أو أقامت اتصالات معها، وعارضت أنظمة أخرى الى درجة الاحتلال أو التهديد بـ "تغيير النظام" لأنها رفضت الانصياع للأوامر.

الولايات المتحدة مارست بحق دولنا كافةً استعماراً جديداً، بعد الاستعمار الأوروبي، فجزمة الجندي المحتل اختفت وخلفتها سيطرة عبر "الريموت كونترول" والعملاء والجواسيس والبنوك الدولية.

وإذا كان ذنب الإدارات الأميركية منذ 1967 وليندون جونسون كبيراً، فإن ذنب الأنظمة العربية أكبر، لأنها كلها اختارت قمع شعوبها للبقاء في الحكم، سواء مشت في ركاب أميركا أو عارضتها، وهذه الأنظمة تتحمل المسؤولية الأولى عن حرمان الشعوب العربية حقها في الديموقراطية والعيش الكريم، في حين تتحمل الولايات المتحدة المسؤولية اللاحقة عن التحالف مع أنظمة تعرف يقيناً انها ديكتاتورية.

اليوم، نرجو أن تفرض ثورات الغضب العربية تغييراً ديموقراطياً، وهناك إدارة أميركية حسنة النية تجاه العرب والمسلمين، فلعل ملاك الحظ يبتسم لنا في كل بلد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
عجب العجاب
عبدالله حمدي -

مصالح الولايات المتحدة تملي عليها تاييد طاغية وتابيد دكتاتور وتقديم لهما العون السري والعلني ليستمر في القتل والاجرام ورش الشعب بالكيمياوي وارتكاب جرائم لحسابه الخاص دون رادع او خوف من حساب او قانون دولي ولكن ماهي مصلحة صحيفة وصحفي في الرقص على نزف دماء الشعوب لحساب طاغية واجهزته الفاسدة القمعية .بالطبع هناك طواغيت يدفعون مئات الالاف من الاموال العينية والنقدية خلافا للامتيازات الاخرى كما كان يفعل صدام والقذافي وهذه ايضا مصلحة ولاحاجة للحديث عن الامانة المهنية اما ما لايستطيع ان يفهمه قارئ الصحف الرائدة في الساحة العربية هو هذا التاييد لنظام ريتشارد قلب الاسد الذي لايدفع شروى نقير لمن يطبل له ليل نهار وسؤالنا الاخيرماذا يجمع بين صحيفة لاتكسب غير شر النظام وسخط الشعب عليها الا اذا كانت الصحيفة واهلها من المشاركين في تامين الغطاء اللازم لهذا النظام لحساب اسرائيل وامريكا؟ مايزيد الشكوك في هذه الصحف ومكبراتها الصوتية ان اي تعليق بهذا الخصوص لاينشر