جريدة الجرائد

صحف عبرية : نودع السلام مع مصر؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تل أبيب


ان مواطني اسرائيل مثل مواطنين في دول ديمقراطية اخرى يتابعون في اهتمام الاحداث في الشرق الاوسط ويأملون نجاح طالبي حقوق الانسان في الدول المجاورة. لكن لا يبدو أننا سنستطيع في المستقبل القريب اذا استطعنا أن نكون شركاء في سعادة الثائرين لتحقيق حقوقهم الاساسية.
برغم أنهم نجحوا في اسقاط نظم الحكم في عدد من الدول، وحتى لو نجحوا في فعل ذلك في بلدان اخرى، يبدو أن لكل حركات الاحتجاج قاسما مشتركا واحدا وهو أنها تعبر عن ارادة السكان حكما ديمقراطيا لكنها لا تنجح في اقامة قيادة سياسية وهي غير قادرة على ان تعرض قوة عسكرية تستطيع أن تواجه سلطة مصممة على الحفاظ على موقعها. لهذا اضطرت دول اوروبا الى التدخل في ليبيا في جهد لمنع ذبح المنتفضين. وقد يأخذ زعماء عرب آخرون مثل رئيس سوريا بشار الاسد خطوات مشابهة لتلك التي اخذ بها زعيم ليبيا معمر القذافي.
في كل الدول العربية قوتان منظمتان منقسمتان على نفسيهما: الجيش الذي هو ذراع السلطة القديمة الكريهة؛ والاسلام المتطرف المنشق او المقسم احيانا الى فصائل ثانوية لكنه متحد على تصور فحواه أنه يجب تطبيق قوانين الاسلام على الدولة ومحاربة الكفار. ان نشاط المتظاهرين في كل واحدة من الدول يستنزف الجيش ويفضي الى انتقال وحدات الى صفوف المتمردين والى انشقاقه.
وعلى ذلك فان القوة الوحيدة القادرة على العمل في هذه الدول هي الاسلام المتطرف. سيكون وقت السيطرة الاسلامية على دول مفتاحية كمصر وتونس نتيجة تقدير تكتيكي لا نتيجة قرار استراتيجي. وفي صياغة واضحة نقول: في كل دولة عربية سقط فيها نظام الحكم القديم او سيسقط في المستقبل سيحل محله ان عاجلا أو آجلا نظام متطرف اسلامي. لا بديل عنه الان. وفي الوضع الحالي لا توجد معطيات تمكن حركات ديمقراطية من النشوء.
هذه القراءة المتشائمة لكن الواقعية تقتضي ان نفحص عن قريب عن المعاني الكامنة في الاجراءات التي تحدث في الدول العربية من وجهة نظر اسرائيلية. ان اسرائيل مثل أكثر الغرب متعلقة باربعة معابر استراتيجية في منطقتنا: مضايق البحر الاسود، التي تمكن من تحرك اسطول روسي الى البحر المتوسط ومنه السيد على هذه المضايق هو السلطة الاسلامية في تركيا؛ وقناة السويس والسيد هو النظام المؤقت في مصر الذي سيحل محله في شبه يقين نظام اسلامي متطرف؛ ومضايق باب المندب التي تصل البحر الاحمر بالمحيط الهندي وهي ليست بعيدة عن اليمن وهي الدولة التي سيحدث فيها سقوط النظام التالي في المنطقة؛ ومضيق هرمز منفذ الخليج الفارسي وهو معبر النفط الاهم في العالم ومنذ وقعت ثورة الخميني في 1989 وأحد جانبيه في يد النظام المتطرف في ايران.
ان عبور السفينتين الحربيتين الايرانيتين قناة السويس الشهر الماضي، وحقيقة أن الحصار البحري على اسرائيل في حرب يوم الغفران قد طبق في مضيق باب المندب، يقتضيان تفكيرا استراتيجيا جديدا من أجل الاستعداد لكل مجابهة ممكنة. حتى لو كان استهلاك النفط الاسرائيلي بالمفاهيم العالمية لا أهمية له فان اسرائيل التي تتمدح بكونها قاعدة متقدمة للغرب والديمقراطية في الشرق الاوسط ليست معفاة من اعداد خطط لاوضاع ممكنة، من أجل تأمين مسارات النفط في منطقتنا. والى ذلك ينبغي ان نفرض في جملة التقديرات ان النظام الاسلامي الذي سينشأ في مصر سيحاول أن يحظى بشرعية دولية. لهذا لن تعلن السلطة الجديدة هناك الغاء اتفاق السلام مع اسرائيل بل ستعمل فقط على اضعافه على نحو تقع المسؤولية فيه عن الغائه على اسرائيل. في هذه الظروف من الواجب على اسرائيل أن تستعمل سياسة معتدلة حذرة بان تغمض عينها عن نقض طفيف لاتفاق السلام وان تعبر علنا عن اهتمام باستمرار دور مصر وسيطة في اجراءات سياسية في منطقتنا؛ وينبغي في الان نفسه استكمال انشاء جدار حدودي بين الدولتين ومضاءلة مراكز الاحتكاك المحتملة.
حتى لو كان النظام الجديد في مصر مصمما على الغاء الاتفاق، فمن المناسب ان تكون اسرائيل ومواطنوها وكل جهة دولية معنية بما يجري في المنطقة على قناعة بان الخطوات التي ستأخذ بها اسرائيل لن يكون لها أي تأثير في قرار مصري سلبي اذا اتخذ. مهما تكن التطورات السياسية فمن الضروري ان نفهم ان المنطقة كلها تعمل الان بحسب قواعد سياسية جديدة غاية الجدة. يقتضي هذا الوضع اتخاذ قرارات وصوغ تفكير استراتيجي يستبق الاحداث. هذا هو وقت العمل على ذلك.

' مستشار رئيس الحكومة الاسبق اسحق رابين للشؤون العربية، محاضر في قسم الشرق الاوسط في المركز الجامعي في ارئيل
هآرتس 30/3/2011

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف