سورية: تردد الأسد في مواجهة التطرف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سورية: تردد الأسد في مواجهة التطرف "كان خطأ كبيرا"
هدى الحسيني
في الكلمة التي وجهها الرئيس الأميركي باراك أوباما مساء الاثنين الماضي عن الوضع في ليبيا، أشار بلفتة إلى سورية من دون أن يذكرها بالاسم، حيث دعا إلى ضرورة تجنب الفتنة المذهبية، وضرورة البدء بإصلاحات اقتصادية واجتماعية. جاءت إشارته هذه بعدما ندد بالنظام القمعي في إيران.
الأسبوع الماضي توترت الأوضاع في سورية، وما جرى في اللاذقية كان أخطر بكثير مما جرى في درعا. ولامت بعض الشخصيات السورية تردد الرئيس السوري بشار الأسد في معالجة ظاهرة الإسلاميين المتشددين في سورية، التي كما يبدو لعبت دورا أساسيا في الأحداث الأخيرة. وأشارت هذه الشخصيات إلى أن الأسد، وقبل الأحداث، قال لمعاونيه، إن الوقت الآن ليس مناسبا أبدا لمواجهة الحالة الإسلامية المتشددة، لأنها قد تجر إلى صراع في سورية. وكان "ذلك خطأ كبيرا". ويبدو أن أكثر القلقين من الأحداث الأخيرة كانت قيادة حماس في دمشق، التي حسب مصدر مطلع، بدأت تبحث عن مكان آخر لنقل مقر قيادتها إليه.
في شهر يناير (كانون الثاني) من هذا العام قدمت بثينة شعبان مستشارة الشؤون السياسية والإعلامية تقريرا إلى الرئيس السوري، كان قد أعده بطلب منها أحد معاونيها، وهو أستاذ في العلوم الاجتماعية في إحدى جامعات دمشق، حذر فيه من تنامي التطرف الإسلامي، وذكر أرقاما أكدت ما جاء في تقرير سابق أعدته الاستخبارات السورية، وضمنه نقدا قاسيا لرد فعل النظام الضعيف للحد من انتشار التطرف.
قرأ الرئيس السوري التقرير وطلب وضعه على الرف قائلا إنه لا ينوي اتخاذ إجراءات قاسية لأنه لا يخطط للتحريض على الاضطرابات المدنية. وقيل إن واضعه انتهى في الإقامة الجبرية.
حسب التقرير، فإن النظام لا يبذل جهودا لوقف التمدد الأصولي، وأن الرئيس يركز جهوده على السياسة الخارجية بدل أن يقمع المجموعات الإسلامية، بما فيها الشيعية، التي تمارس نوعا من السيطرة على حياة الناس. الاتجاه الحالي في سورية بالنسبة للكثير من المواطنين هو احتضان المذهب الشيعي كنتيجة لنشاط إيران، كما أن "الحسينيات" تنتشر، وهذا سببه أن النظام لا يريد أن يلحق الضرر بعلاقاته مع طهران.
أما بالنسبة إلى انتشار التطرف السنّي، فإن النظام، حسب ما جاء في التقرير، لا يريد أن تتضرر علاقاته بالعالم الإسلامي، وهذا أدى إلى نشاطات فعالة لمنظمات "الدعوة" الإسلامية، خصوصا في مدينة حلب والمناطق المجاورة. وأشار التقرير إلى ضغوط مسؤولين في الكثير من الدول الإسلامية على النظام السوري ليتخلى عن سياسته المتشددة التي يتبعها تجاه المنظمات الإسلامية، ولهذا، فإن كل الإجراءات التي كانت معتمدة في السابق ضد العناصر المتشددة، والمراقبة السرية في المساجد عبر الكاميرات، أو رجال الاستخبارات، توقفت كلها العام الماضي، وهذا يعود، كما نقل التقرير، إلى اتفاقات بين سورية من جهة وإيران وشخصيات كبرى في العالم الإسلامي السني من جهة أخرى.
قال التقرير، إنه طالما أن إيران هي الحليفة الاستراتيجية لسورية، وطالما أن سورية ترى لبنان كواحد من مشكلاتها الكبرى، فإن مسألة تنامي الحركات الإسلامية المتطرفة ستتواصل، خصوصا أن الرئيس يستثمر جزءا كبيرا من وقته وتركيزه على المسألة اللبنانية، لا سيما وهو ينتظر صدور القرار الظني للمحكمة الدولية المتعلقة بجريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، الذي قد تؤدي نتائجه إلى فتنة في لبنان.
وقيّم التقرير، أن توازن القوى بين مختلف المجموعات الإثنية في سورية قد يكون العامل الأساسي وراء قرار النظام عدم التعامل بقسوة مع انتشار ظاهرة التطرف في البلاد.
قريبون من مكتب بثينة شعبان، الذين اطلعوا على مضمون التقرير، أشاروا إلى أنه كان واضحا أن الرئيس السوري يشعر بقلق من انتفاضة محتملة الوقوع لحساسيات تركيبة الوضع السوري. من هنا كان رد بثينة شعبان قاسيا على الشيخ يوسف القرضاوي الذي حرض عبر فضائية "الجزيرة" السنّة في سورية على الثورة وتسلم الحكم.
وادعى التقرير أن كل الإجراءات الظاهرية التي اتخذها النظام لمواجهة انتشار التطرف الإسلامي في سورية كانت مجرد فعل سطحي استهدف تحسين العلاقة بين سورية العلمانية والغرب، وأن تلك الخطوات كانت معتدلة جدا، لأن إجراءات أقسى يمكن أن تضر بمصالح سورية الداخلية والإقليمية.
من جهة أخرى، أشار التقرير إلى عوامل أخرى مسؤولة عن هذا القصور، أهمها استمرار تردي الوضع الاقتصادي، وفشل النظام في وضع خطة لتحسين الوضع المعيشي للمواطنين.
حتى قبل أسبوع، لم يكن يُنظر إلى الوضع الاقتصادي السيئ، على أنه يهدد بقاء النظام، وذلك لعدم وقوع اضطرابات اجتماعية، لكن الوضع الاقتصادي في سورية صعب جدا.
فمعدل البطالة الرسمي لعام 2010 هو 8.3 في المائة، لكن البيانات غير الرسمية تشير إلى ضعف هذه النسبة وأكثر، ما بين 17 إلى 20 في المائة، والتقرير عن الفقر في سورية، الذي أعده ممثل الأمم المتحدة هناك في شهر سبتمبر (أيلول) 2010، كشف عن أن ما بين 2 و3 ملايين سوري يعيشون في فقر مدقع. وكانت سورية خفضت الدعم على الوقود، فارتفعت نتيجة لذلك أسعار المنتجات النفطية (أشار إلى ذلك تقرير صندوق النقد الدولي في شهر مارس "آذار" 2010). وعلى الرغم من أن إصلاحا في إعانات الوقود جرى، ووزعت قسائم على المواطنين للتعويض عن الدعم، فإن هذه القسائم وُزعت بطريقة محدودة على المحتاجين، ولا يمكن مقارنتها بالدعم الذي كانت تقدمه الدولة لكل مواطنيها.
هناك سبب آخر لانتشار التطرف الإسلامي، يعود حسب التقرير إلى التحريض الذي يمارسه السنّة المؤيدون لتنظيم القاعدة، فالتحريض ضد النظام وضد الغرب في تزايد في المساجد، وهو مستوحى من تعاليم أسامة بن لادن ومعتقدات الحركات التكفيرية في سورية، التي تعتبر "كل آخر"، هرطوقيا يستحق القتل.
هذه المجموعات تمارس أنشطتها علنا، وليس واضحا لماذا يتردد النظام في مواجهتها. كما كان هناك ارتفاع تدريجي لعدد السوريين الذين يسافرون إلى اليمن لمتابعة دراساتهم الدينية، أو إلى المراكز الشيعية في إيران والعراق.
فرض النظام بعض القيود، لكنها كانت محدودة. منها مثلا منع ارتداء النقاب في الأبنية العامة، واتخذ إجراءات بحق المعلمات اللواتي يتحجبن في المدارس والكليات، وقال إن ارتداء النقاب "يتناقض مع القيم والتقاليد الأكاديمية"، ثم إن النقاب قد يُستغل لأهداف أخرى كالعنف والإرهاب.
وتجدر الإشارة إلى ردود الفعل التي ثارت في شهر رمضان الماضي، حول مسلسل "وما ملكت أيمانكم"، وانتقده وطالب بإيقاف بثه عدد كبير من رجال الدين بينهم محمد سعيد رمضان البوتي، رجل الدين المقرب من النظام. لكن المسلسل بُث بكامل حلقاته ولاقى نجاحا، وخفت الانتقادات.
الخطوات التي قالت بثينة شعبان إن النظام ينوي اتخاذها، وعلى رأسها إلغاء حالة الطوارئ، تحتاج إلى سرعة في التطبيق. الوضع لا يتحمل مناورات ولا تسويفا، وربما توفر الأحداث الأخيرة للرئيس بشار الأسد الفرصة التاريخية ليتخلص من العقول المتحجرة التي تحيط به، وأيضا ليحدّ كثيرا من جشع الفاسدين المقربين.
الشعب يشعر بأن النظام السوري يحتاج إلى التخلص من كل أعباء الماضي الثقيلة جدا، وكي تكون سورية تماما كما صورتها أسماء الأسد زوجة الرئيس في الحديث الذي أدلت به لمجلة "فوغ" الفرنسية بطبعتها الأميركية هذا الشهر.
التعليقات
تعليق
free sori -النظام السوري هو حاضن الحركات الأصولية كما كان نظام مبارك حسب تقرير إيلاف الذي نشرته قبل يومين.فهذه الحركات يرعاها النظام لاستخدامها عند الحاجة.
ما هذا التحليل؟
سوري حر وبس -انه تحليل مستغرب ويخلط الأمور بعضها ببعض. فما هي علاقة انتفضة الشعب السوري ضد نظام الاستبداد بنمو الحركات الاصولية المتطرفة؟ ما تقوله الكاتبة هو نفس ما يدعيه النظام. هدى الحسيني كانت دوما على القائمة السوداء بنظر النظام الأسدي. ولو انها كانت تعيش في لبنان لتم نسفها قبل مي شدياق. واليوم تقوم الحسيني بممالأة السياسة السعودية التي عبر عنها الملك حينما اتصل مع الأسد وأبدى له تضامن المملكة مع سوريا بوجه ما أسماه بالمؤامرة. دعوا النظام السوري يتفرعن بتحالفه مع ايران وبخنوعكم أمامه المذل المخزي.. دعوه يخرب العلاقات العربية لصالح النظام الايراني.. دعوه يواصل تخريب لبنان بأداته حزب الله.. دعوه يدفن الشعب السوري المسلم السني.. كل هذا بسبب تخاذلكم وصمتكم وتواطئكم أيتها الدول العربية التي ما زالت تحتضن هذا النظام المجرم وتقدم له الدعم وتدعوه للتواسط مع ايران مع أنه رأس حربة الملالي ضد العرب. يرجى النشر موقع الحرية
لا للتحريض الطائفي
م. حسام -المقالة تحريض طائفي بامتياز إذ تربط التطرف بالسنة فقط في سوريا ، الشعب السوري متدين وليس متطرفا ، كل المتظاهرين الذين خرجوا مؤخرا أكدوا على الوحدة الوطنية. والتطرف ظاهرة عابرة للطوائف والأديان ،وقد لعب النظام السوري بالمتطرفين واستخدمهم في حالات كثيرة. ثم ما هي الرسالة التي تريد الكاتبة توجيهها مزيد من القمع والاعتقال والقتل لأبناء الشعب السوري؟؟؟
مقالة غير واقعية
بثينة -كان لك بعض في قلبي، اليوم وبعد هذه المقالة زال تماما.
مقال غامض
Mariam -وغير مفهوم رغم أن عندي 3 شهادات ما فهمت شو قصد كاتبه