جريدة الجرائد

الطائفيون

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

طالب المولي


على مدى الأسابيع الماضية تبين أننا نعيش أزمة أخلاقية وحالة متردية حقيقية من الاصطفاف الطائفي في غياب متعمد لدور العقل لدى المؤسسة الدينية؛ في تسابق نحو الترويج للممانعة لتقبل الآخر، وانفرطت سبحة الموالين للحكومة فبدأت بتقديم الاستجوابات إلى الحكومة بعد أن كانوا من المنافحين عنها.

في سباق مع الزمن تتضافر جهود الطائفيين لحرق البلد والعودة بنا إلى محاكم التفتيش عن الضمائر والبحث عن الأصول والفروع عبثا في زرع وتأصيل المفاهيم والأفكار القاتلة لهويات لا معنى لها في هذا القرن، بل يعمدون قهرا إلى تثبيت القضايا وترسيخها في عقول الناشئة في تقسيم الصداقات وبنائها على أسس قبلية ومذهبية ودينية، وهم يغفلون عمدا عن التركيبة الرائعة لفسيفساء الكويت المتنوعة فكريا ومذهبيا وعقديا، مما جعل للكويت نكهة مميزة عن باقي الدول المجاورة والحراك الثقافي والسياسي التي تتميز بها دولة الكويت، وهذا التنوع الكويتي جعل المتربصين بهذه التركيبة يعانون لوثا معرفيا للحالة الكويتية، وهم يحاولون تأسيس ثقافتنا لإيديولوجيات دينية وعرقية تنصب لتأجيج الصراع القديم والنزاع الذي راح ضحيته الآلاف من أرواح البشر كما يرسمه لنا التاريخ.

ولذلك عمدت الدول المتقدمة وأوروبا على الأخص في تجريم من يحاول التهوين من المحارق النازية الهولوكست أو محاولة العودة إلى الماضي المرير لتلك النزعة العنصرية البغيضة لمجزرة بشعة للطائفة اليهودية، دون ذنب سوى انتمائهم إلى دين يهودي، ولا المخيال الأوروبي تؤرقه هذه المجزرة في ظل تنامي النزعات الإنسانية والمدارس الفكرية الفلسفية آنذاك.

في تلك الحقبة التي أسست النظريات الإنسانية المحضة ظهرت تلك النزعة العنصرية في حرب ضروس راح ضحيتها الملايين من البشر نتيجة لإيديولوجية مجنونة، فتضافرت الجهود لمحاربة هذا التطرف بإقرار وثيقة 'الإعلان العالمي لحقوق الإنسان'؛ في خطوة جبارة لوضع حد لتلك المذابح، والتوجه نحو بناء الإنسان والقوانين المعينة لخدمة البشرية على أساس من التنوع الطبيعي بين البشر وحاجاته الروحية والمادية ودون الإخلال بالنظام العالمي.

على مدى الأسابيع الماضية تبين أننا نعيش أزمة أخلاقية وحالة متردية حقيقية من الاصطفاف الطائفي في غياب متعمد لدور العقل لدى المؤسسة الدينية؛ في تسابق نحو الترويج للممانعة لتقبل الآخر، وانفرطت سبحة الموالين للحكومة فبدأت بتقديم الاستجوابات إلى الحكومة بعد أن كانوا من المنافحين عنها، وقد عبرت عن رأيي في مقال سابق عند فوز تسعة أعضاء من الطائفة الشيعية في الانتخابات الماضية حول الالتفاف والتمسك بالدستور كضمان وخيار وحيد للخروج من وهم المؤامرة على الطائفة، بل أكدت أن ما يضمنه الدستور الكويتي لجميع الطوائف الدينية لا يمكن البحث عنه داخل الطائفة لضيق الأفق السياسي للطوائف المختلفة. وهذا ما أكده كل من الفيلسوفين اليهوديين 'سبينوزا ومندلسون' لخروج اليهود من الكانتينات الخاصة والاندماج في المجتمع الأوروبي، ولكن يبقى الوهم والاجترار التاريخي وشحن العواطف من قبل المؤسسات الدينية تجاه الآخر وفتاوى الكفر والجهل تعرقل مسيرة طويلة من الإصلاح والدولة المدنية لتعود بنا إلى بداية الانطلاق والصفر... هل حقا هذه هي كويت المستقبل؟!

جملة رائعة قرأتها في 'الفيس بوك' من الأخ محمد أشكناني: 'عندما نقترب من قضية الطائفية، ليس المهم العدد أو الدرجة، لأنه عندما يرتفع الصوت الطائفي، يعمل كالمغناطيس يسحب كتلة هائلة من برادة الطائفة ويخلق معه القطب النقيض... إنها وجهان لعملة واحدة يحركها الخوف والتاريخ والهويات الجاهلة! والسؤال الذي يلح علي دائماً، ماذا فعلت الدولة الكويتية لتعزز نزعة الهوية الوطنية وفكرة المواطنة على حساب الهويات القاتلة؟!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الطائفية لن تزول
سيف الحق -

كثيرون يتكلمون عن الطائفية وهم يعلمون ان في داخل كل منّا فرعون وهم طائفيون أنفسهم ،أقرأوا المقال مرة اخرى وستجدون ان الكاتب كان طائفيا دون ان يعلم..لقد هدأت النفوس قليلا في العراق ولبنان لولا تعمّد السعودية برفع راية الطائفية ضد البحرينيين الشيعة وتواطؤ الملك بن خليفة مع الغزاة والمجنّسين السنة لا لشيء إلا من أجل كسر شوكة الشيعة..فتحرك الغيارى في العراق ولبنان والكويت وأيران ليُعلموا أن الطائفية السنية يقابلها طائفية شيعية أيضا مادام الأخوة في السعودية قد بدأوها..كم جميل لو صرح الملك عبدالله ابو السعودية مثلا للوقوف جنبا الى جنب لمطالب شيعة البحرين..وكم جميل لو أن قراء أيلاف السنة أعطوا المواطنين البحرينيين وأقصد ال80% من الشيعة حقهم في الثورة والأنتفاضة..لو كتب الكتاب الف كتاب ولو بنى العالم الف عمارة ستبقى الطائفية تنخر فينا لسبب واحد فقط وهو لأننا مسلمون وأن دين أخوتنا السنة دين خاطيء وهو أساس العنصرية والطائفية..دعوتي هو أن يقوم أهل السنة بالتبرئة من معاوية بن أبي سفيان واللحاق بولاية علي بن أبي طالب ..بعدها لن يكون هناك طائفي واحد..مع العلم انني لست طائفي واحب جميع الاديان..

على الاقل تحت القبة
الفصول المهمة -

الاخ العزيز أنا لست كويتيا و لا أعرف شئ عن ما يحدث عندكم لكن من الطبيعي أن نكون ما نكون تحت قبة البرلمان و في نهاية سنخرج مواطنين كويتين خارج أسوار البرلمان. التجاذب السياسي طبيعي و الكل يدلو بدلوه و نتبادل التهم و نختلف و نتقارب و في نهاية نحن تحت قبة البرلمان. شكرا للراحل الشيخ عبدالله الصباح و لامير الكويت الشيخ صباح و شكرا للكويت ما قامت به وما تقوم به صورة مشرفة حتى لو كان تحت قبة البرلمان طائفيون من المدارس المختلفة الاسلامية.