جريدة الجرائد

اليمن... و«تسويف» الرئيس!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

جميل الذيابي


لا شك في أن الحالة السياسية والاقتصادية والأمنية، التي تسود في اليمن في الوقت الراهن، مربكة ومقلقة، واستمرار الأوضاع على ما هي عليه، من دون إيجاد حلول توافقية ترضي كل الأطراف المتطارحة، ربما يجرّ البلاد نحو مصير مجهول. لذلك لم تُطلق دول الخليج العربية المبادرة التي يرفضها الرئيس علي عبدالله صالح، حتى وإن زعم بقبولها، إلا بعد اتساع الهوة، وانسداد الأفق بينه وبين الشباب وأحزاب المعارضة.

هناك رغبة خليجية في ردم الفجوة الكبيرة بين أطراف العمل السياسي في اليمن، عبر الحوار المباشر على طاولة واحدة في الرياض، لفتح الأبواب المسدودة لأكثر من شهرين. كان لا بد لدول الخليج من تقديم مبادرة إيجابية أو جملة مقترحات تزيل حالة الاحتقان والغليان، في ظل استمرار التظاهرات والاعتصامات في الشوارع لأكثر من شهرين، والإصرار على إسقاط النظام، ورحيل الرئيس صالح، وهو ما يتوجب على دول مجلس التعاون الخليجي الاستمرار فيه، حتى يتجاوز اليمن الأوضاع الراهنة، والخروج من حالة الشلل التي تعم البلاد، وحماية الشعب من أتون الانزلاق إلى حرب قبلية أو فتنة طائفية، ستؤثر على بلدانهم بشكل مباشر أو غير مباشر.

لا شك في أن التركيبة السكانية في اليمن تختلف عن مصر وتونس وليبيا وسورية، لكن عندما تقابل الأجهزة الأمنية المتظاهرين بالقتل والقمع والتهديد، فإن البلاد تدخل مباشرة إلى فوهة المجهول، وهذا ما سيحدث في صنعاء، خصوصاً مع تلكؤ صالح وحزبه.

لم تبدأ الاحتجاجات في الشارع اليمني في صورة مختلفة عن السائد في الدول العربية، فقد انطلقت ترفع شعارات الإصلاح، وتطالب بتحسين المعيشة، وتدعو إلى إطلاق الحريات، لكنها ما لبثت أن قدحت "شرارة" رفع سقف المطالب عند إطلاق الرصاصة الأولى إلى جماجم المحتجين وقتل المتظاهرين، لتدشّن الدعوة الصامدة إلى "إسقاط النظام"، ورفع شعارات رحيل الرئيس، أو "العيش فوق الأرض سعداء أو الموت تحت الأرض شهداء".

لكن كيف ستكون الحال في اليمن الذي يعاني من نسبة فقر مرتفعة، وحالة اقتصادية رديئة، وتركيبة سكانية قبلية، ويتسلّح فيه الرجال والنساء والصغار؟ بالتأكيد ستتحوّل الأوضاع إلى كارثية في حال حدوث أية مواجهات أو صدامات بين أنصار الرئيس صالح والأحزاب المعارضة، وربما تنزلق البلاد إلى حرب قبلية وفتنة طائفية، تهدّد الوحدة اليمنية "الهشة"، في ظل وجود حركة انفصالية في الجنوب، وحركة متمردة مسلّحة في الشمال، وثارات قبلية، إضافة إلى تغلغل تنظيم "القاعدة"، وهو بانتظار اللحظة المناسبة للانقضاض على البلاد، لتحويلها إلى مستنقع دموي أشبه بما يحدث في أفغانستان أو الصومال أو العراق، وهو ما سيؤثر في الأمن الإقليمي والدول المجاورة لليمن.

لقد انطلقت المبادرة الخليجية من أهمية اليمن الاستراتيجية، ولكونه دولة شقيقة وجارة لدول مجلس التعاون، ولأن تردي الأوضاع وتزايد الاضطرابات وعدم الاستقرار الأمني، تنعكس بشكل مباشر على الأمن الخليجي والإقليمي والدولي، لذلك يجب أن يدرك علي صالح أن الدعوة الخليجية لن تقف مع طرف ضد آخر، وإنما تأتي بصيغة المساهمة الأخوية والدعم لليمنيين، وبرغبة توفير أرضية صلبة لحلول يمكن التوافق عليها، لمنع الدفع بالبلاد نحو المصير المجهول.

الأكيد أن استمرار الرئيس صالح في التردد والتسويف في شأن التنحي ونقل السلطة سلمياً بالتوافق نحو تشكيل مجلس حكم انتقالي موقت وحكومة وحدة وطنية بحجة "إلى من يسلم السلطة؟"، وكأن الأمهات اليمنيات لم يلدن غيره، يعتبر خطأ وتسويفاً مستهلكاً سيجلب أضراراً غير محمودة العواقب على البلاد، كون طغيان التركيبة السكانية القبلية، والحالة الاقتصادية السيئة، وانتشار السلاح، ودراية اليمنيين باستخدامه وخبرتهم في الحروب والعصيان المسلّح، قد تدفع البلاد إلى نفق مظلم وصراع عنيف يعطي "القاعدة" فرصة أكبر للعمل، ويمهّد الطريق للانفصاليين والحوثيين لكسب مؤيدين جدد، ما قد يأخذ اليمن نحو أشكال عدة كلها مؤلمة، وحينها لن ينفع "تصفير كل العدادات"!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لاخير
عبد الرحمن - -

اكيد ان من حق الشعب اليمني ان يقرر مصيره وزعامته بأقالة صالح ومن حق هذا الشعب ان تكون له قيادة وحكومة منتخبة توفر الحياة الكريمة للشعب ...لكن الغريب في الأمر هو هذا (الكومبارس ) الخليجي المضحك والكوميدي حقا ...فالكومبارس الممثل في مجلس التعاون الذي يأتمر بأمر السيد الأمريكي هو الذي يريد الديموقراطية للشعب اليمني ..ياسلام ...لاحظ المهزلة ...بينما هذه الأنظمة الخليجية هي انظمة عائلية متوارثة ومصونة ولايتجرأ مواطن على مساءلتها او الأعتراض عليها ..تفعل ماتشاء وتتصرف كما تريد وفي كل دولة خليجية هنالك الاف الأمراء الذين يستنزفون اموالا طائلة من فيلل وقصور ورفاهية وارصدة في بنوك الغرب وذهب وحرير وبذخ ...الخلاصة :ان فاقد الشيء لايعطيه ابدا ..وعلى دول الخليج ان تكون ديموقراطية اولا وتؤمن بتداول السلطة ثم تتعالم على شعوب المنطقة وتعطي النصائح ...