اليمن.. طريق التسوية.. أم مضاعفة الأزمات؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يوسف الكويليت
شرعياً وإنسانياً لايمكن قبول مبدأ القتل أو الاعتداء على المال العام وتكريس الفساد تحت أي ذريعة وسبب، وإسقاط الحكومات العربية بالثورات أو تعديل مسارها بمواثيق لا تقبل النقض والتلاعب، صار مهمة شعبية لا قراراً عسكرياً يعلن الانقلاب والبيانات المتتالية التي سارت عليها أحكام دكتاتورية أكثر قسوة من الاستعمار..
في اليمن تجري مصادمات ومظاهرات، المعارضون يريدون خلع السلطة ومحاكمتها، والمؤيدون يتخذون خط الرئيس، وإزاء هذه الأزمة قدمت دول الخليج العربي مشروعاً للتسوية ويبدو أن قبوله من الطرفين جاء إيجابياً، وقد اعترضت الجبهة المناوئة على عدم محاكمة الرئيس، وفي هذا الشأن يجب عمل مفاضلة مرضية، أيهما أهم أن يبقى ويستمر الصراع وتتالي الخسائر البشرية والمادية، أم يذهب بخيره وشره؟ لأن المحاكمة سوف تطاول المئات من أنصاره، وقطعاً سيكون أي إجراء حاد إعادة الانقسامات من جديد، لتدور عجلة أكثر خطورة من تسوية مرضية للجميع إلى صراع مجهول النتائج..
هذا الرأي لا يوضع كمبرر لإنقاذ الرئيس اليمني، والوقوف في صفه، وإنما لأخذ الاعتبارات الموضوعية التي تنقذ كل الأطراف، ولعلنا ندرك في مسيرة ما يزيد على نصف قرن أن معظم الحكومات العربية لم تكن نزيهة، أو أدت دورها بمنطق المصلحة الوطنية حتى الذين تظاهروا بالنزاهة، وصرفوا أموال الوطن على المؤامرات أو التجييش والإعلام والجواسيس وغيرها، هم بالمنطق القانوني مفسدون نهبوا مصادر الدخل العام ووظفوها في غير المصلحة الوطنية.
الوضع الراهن بانتقال السلطة اليمنية، وتسليمها لنائب الرئيس وشبه الاتفاق عليها مخرجٌ موضوعي، لأن الخطر من الانقسامات أن ينفجر الوضع بين خصوم اتحدوا على رحيل النظام، وقد يفترقون على ما بعده، ويجب الإقرار بأن الشعب اليمني لديه قبلية ومذهبية، ومغريات السلطة ربما تفتح أكثر من باب يقود إلى أزمات، وليست المسألة نقصاً في الوعي والتعليم، فلبنان لا يشكو هذه الأسباب وهو من أكثر البلدان العربية التي انفجرت فيها حروب أهلية عندما تعالت قيمة الطائفة والحزب على الوطن وموروثه، واليمن تكمن حصانته بأن يدرك أن الثارات سواء جاءت من نظام أو حزب أو غيره ستفتح سلسلة من المواجهات المضادة، وهذا البلد العريق يحتاج للبناء لأن الجائزة من سنوات الفقر والانهيارات الاقتصادية ومضاعفة أعداد السكان، أن يبدأ بطرق التنمية التي أحد مرتكزاتها الاستقرار الاجتماعي والسياسي، وقد جرّب الشعب اليمني كيف بدأت الأزمات مع الانقلابات والمد الشيوعي، والصراعات القبلية وغيرها، وكيف يصبح الخيار الخطط الطويلة ليمن جديد بنظام ديمقراطي يكون حارس المسار من أي انحراف عندما يتساوى الجميع أمام القانون، ولا يصبح لأي فئة أن تشرع قانونها، وهي الخطوات الأصعب لبلد يريد البناء بأسس جديدة لمستقبل واعد..