جريدة الجرائد

«عظمة» الرؤساء العرب!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

طلال آل الشيخ


كنت دائماً أتساءل عن سبب حرص الجهات المسؤولة عن البروتوكولات الرئاسية في الدول العربية، بأن يسبق لقب "فخامة" اسم الرؤساء العرب؟ حتى البيانات الصحافية الرسمية التي تصدر عن مكاتب الرؤساء والجهات المسؤولة في الدول العربية، تحرص على أن يسبق لقب "فخامة" اسم الرئيس، من دون أن توضح أي جهة كيفية حصول الرئيس المعني على هذا اللقب، أو حتى الإفصاح عن الجهة التي منحته اللقب.

أخيراً بعد تفجر حركة الاحتجاجات الشعبية في بعض البلدان العربية فهمت المغزى والمعنى، واتضح أهمية هذا اللقب وأسبابه. وأوضحت مجريات الأحداث التي تدور في بعض الدول العربية بأن الرؤساء العرب يستحقون لقب "الفخامة" والعظمة، فهم وحكوماتهم الوحيدون في العالم الذين لا يتقدمون باستقالاتهم في حال حدوث أخطاء كبيرة، ولو تسببت هذه الأخطاء في مقتل المئات من المواطنين، ناهيك عن الأخطاء الصغيرة، مثلما يحدث في الدول الأوروبية والغربية، إذ يتقدم فيها المسؤولون والرؤساء باستقالاتهم لمجرد اكتشاف استغلالهم لسلطتهم في تسجيل أحد أبنائهم في مدرسة هو لا يستحقها. ما أعظم الرؤساء العرب! يأتون إلى الحكم عبر جثث العشرات من الشعب وبالقوة، ويبقون فيها حتى يأخذ الله أمانته، وحتى بعد وفاتهم يورثون الحكم لأبنائهم، كما حدث في سورية، وكاد يحدث في مصر واليمن، وإن تظاهرت شعوبهم مطالبين بتغيير النظام، فيتحول الشعب إلى جرذان ومندسين ومتآمرين يستحقون القتل بالرصاص والجمال والغاز المسيل للدموع، ولو امتلأت الشوارع والأزقة بالجثث والمصابين فعظمة الرئيس ومكانته يجب ألا تتزحزح، والنظام لا يتغير.

ليس مهماً أن يموت الشعب، وليس مهماً أن ينهار اقتصاد الدولة، وليس مهماً أن تستباح أجواء الدولة للطيران الأجنبي تصيب مرة وتخطئ هدفها في مرات كثيرة، المهم أن يبقى الرئيس في مكانه، وأن يحافظ على عظمته وفخامته، فهو رئيس عربي "مُعظم" يجب أن يموت كل الشعب في مقابل أن يبقى هو في الحكم. أعتقد بأن الرؤساء العرب يستحقون هذا اللقب بجدارة، فهم لا يزالون يتمسكون بمواقعهم ومناصبهم، على رغم الاحتجاجات التي عمت شوارع وميادين الكثير من الدول العربية، يستحقون هذا اللقب لأنهم مصرون على البقاء، على رغم أن ثلاجات الموتى في المستشفيات امتلأت بالجثث، ومواكب تشييع الشهداء تتحرك يومياً ما بين المستشفيات والمقابر، يستحقون هذا اللقب لأنهم لا يزالون صامدين ودولهم تعيش شبح الحروب الأهلية، وانعدم فيها الأمن والاستقرار. يستحقون هذا اللقب لأن هناك عدد من أبناء شعبهم لا يزالون أحياء يرزقون لم يموتوا متأثرين بجراحهم التي تسبب فيها رصاص القناصين في أسطح البنايات، إذ إن الرئيس العربي لو تنحى قبل أن يموت أبناء الشعب كافة يكون غير مستحق للقب "الفخامة"، فهل تتعظ الشعوب العربية؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف