الصحافة البريطانية: فرصة لمعجزة اقتصادية عربية... وخطوة من ساركوزي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الصحافة البريطانية:فرصة لمعجزة اقتصادية عربية... وخطوة غير محسوبة من ساركوزي
لندن
أداء الحكومة البريطانية، وبدء تطبيق قرار حظر النقاب في فرنسا، وهواية تأليف الكتب لدى الطغاة، وكيفية إطلاق المعجزة الاقتصادية العربية... موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن هذا العرض الأسبوعي للصحافة البريطانية.
دوران متكاملان
تحت عنوان "هناك خيط رفيع بين الاضطراب التكتيكي القصير الأمد والفوضى الاستراتيجية بعيدة الأمد"، أشارت افتتاحية "ديلي تلغراف" إلى أن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون قد واجه أسبوعاً مزدحماً بالأحداث عندما أُرغم على إيقاف خطط إصلاح برنامج خدمات الرعاية الصحية، وطار لباكستان التي وجه اللوم لبريطانيا على العلل التي لا تزال تعاني منها، ثم سلم حكومته شيكاً بمساعدة إضافية بقيمة 650 مليون جنيه أسترليني، ثم قام بإجراء تعديل على ميزانية التحالف على ضوء التطورات التي تتم في ليبيا، وهي الفرصة التي استغلها منتقدوه الذين ادعوا أنه قد جاوز الحد في إجراء ما عرف باسم"المراجعة الأمنية والدفاعية الاستراتيجية". وفي نفس الوقت وجد دافعو الضرائب البريطانيون أنفسهم مضطرين لدفع 3.8 مليار جنيه استرليني للمساعدة على إنقاذ البرتغال من عثرتها الاقتصادية. وفي وسط ذلك كله وجد رئيس الوزراء الفرصة لقضاء عطلة عاطفية في جنوب إسبانيا مع زوجته.
ترى الصحيفة أن كل تلك الأمور تمثل نوعاً من الاضطراب التكتيكي، ولكنها لا تصل إلى حد الفوضى الاستراتيجية، وهما شيئان يفصل بينهما خيط رفيع يجب على كاميرون في جميع الأوقات أن يكون حريصاً على عدم عبوره... وقالت في معرض حكمها على أداء "كاميرون" إنه فيما يتعلق بفاتورة الرعاية الصحية كان بإمكانه أن يتحلى بقدر من البراجماتية ويعمل على التخفيف قليلاً من تكاليفها لينقذ الموقف... وبالنسبة لـ"المراجعة الأمنية والدفاعية الاستراتيجية"، رأت أن قيام "كاميرون" بإعادة التفكير فيها كان أمراً مبرراً، حيث جدت هناك ظروف لم تكن متوقعة في ليبيا، وتنهي الصحيفة بالقول إن هذا الأسبوع قد أظهر لكاميرون، أخطار التصرف كرئيس مجلس إدارة للحكومة بدلًا من التصرف كرئيس تنفيذي للحكومة، وأن عليه أن يعرف من الآن فصاعداً أنه مطالب بأن يلعب الدورين معاً.
قرار متهور
"خطوة مثيرة للفرقة والانقسام قد يندم عليها ساركوزي"...هكذا عنوانت"الإندبندنت" افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي، مشيرة إلى أن دخول قانون حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة في فرنسا حيز التنفيذ، وإلى ما أعلنته بعض النساء المسلمات في فرنسا من أن الحظر قد زادهن تصميماً على ارتداء النقاب أو"البرقع" على الرغم من أن ذلك سيعرضهن للغرامة وأنهن سيدعين لعصيان مدني تعبيراً عن احتجاجهن على القانون. وأشارت الصحيفة إلى أن تنفيذ هذا القانون لا شأن له بالهوية الثقافية لفرنسا، كما يدعي ساركوزي المثقل بالمشكلات، وأنه قد قصد من فرضه ووضعه موضع التنفيذ في هذا الوقت إلى مخاطبة شرائح في المجتمع الفرنسي يود كسب أصواتها، وذلك بعد أن وصلت نسبة تأييده إلى مستويات متدنية للغاية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي ستجري في العام المقبل حيث تضعه استطلاعات الرأي في الترتيب بعد زعيمة اليمين المتطرفة "مارين لوبان". ولكن الصحيفة ترى أن الرئيس الفرنسي قد أخطأ في حساباته وأنه بخطوته هذه يلعب بالنار خصوصاً أن عدد النساء المسلمات اللاتي يرتدين النقاب علناً في فرنسا محدود، وأن القرار سيجعل تلك النسوة المسلمات والمسلمين عموماً في فرنسا يعتقدون أن جاليتهم ودينهم مستهدفان تحديداً، وسيأتي في نهاية المطاف - القرار- بنتائج عكس المتوخاة منه، وتجعل ساركوزي يندم على اليوم الذي فكر في تطبيقه فيه.
"هواية خطرة"
احذروا من الرجال الذين يتحولون لتأليف الكتب" اختار الصحفي الشهير "روبرت فيسك" هذا العنوان لمقاله المنشور في عدد السبت الماضي من صحيفة الإندبندنت، والذي نظر فيها إلى ما يحدث في المنطقة في الوقت الراهن، والسقوط المتتالي والمتوقع لطغاتها، من منظور مختلف، فيقول إنه قد لاحظ شيئاً غريباً يكاد يكون مشتركاً بين الطغاة، وهو رغبتهم العارمة في تأليف الكتب مشيراً في هذا الصدد إلى الروايات والكتب العديدة التي ظهرت، وهي تحمل اسم القذافي على غلافها، وإلى رواية "زبيبة والملك" التي يقال إن صدام كان قد كتبها، وإلى الكتب التي كتبها الفريق مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري والتي وصل عددها إلى 40 كتاباً، في مختلف المجالات السياسية والأدبية والشعرية ومنها قصائد يتغزل فيها بالممثلة الإيطالية الفاتنة"جينا لولو بريجيدا". ويلفت الكاتب النظر إلى أن الكتب التي كتبها القذافي على وجه الخصوص، والتي لم تقتصر على الكتاب الأخضر كما يعتقد كذلك كثيرون، قد حملت في معظمها عناوين يدعو بعضها للفزع مثل "الهروب إلى الجحيم"، "الموت"، "المدينة"، "القرية"، "الأرض"، "انتحار رائد فضاء"، "الشعب المتخلف".. إلخ وأن تلك الكتب والقصص قد انطوت على أفكار في غاية الخطورة شملت التشكيك في صلب الأديان، وانطوى بعضها على أفكار خطيره مثل دعوة شعبه للعودة إلى الجذور، وترك المدينة والعودة إلى الصحراء (وهو ما تنفذه كتائبه الأمنية وقواته في الوقت الراهن من حيث تدمير المدن على ساكنيها وإجبار أهلها على الهرب للصحراء والعودة إلى حالة البداوة الأولى والبدائية)، بل إنه في أحد تلك الكتب يخاطب الناس قائلًا "ارفضوا أن تحولوا أبناءكم لجرذان تجري من بيت لبيت، ومن بالوعة لبالوعة" وهو ما يذكر ببعض العبارات التي استخدمها في خطابه المخيف بداية الاضطرابات في ليبيا، الذي وصف فيه المتمردين بالجرذان ودعا لقتلهم بلا رحمة. وأنهى الكاتب مقاله بتساؤل: هو ألا يدعونا كل هذا للخوف من الحكام الذين يهوون كتابة القصص. وألا تحتوي تلك القصص على البذور الأولى لأفكارهم المدمرة التي يطبقونها على البشر في الواقع في نهاية المطاف؟
ثمار الثورات:
"كيف نساعد على إطلاق المعجزة الاقتصادية العربية"، اختار "دانييل التمان" هذا العنوان لمقاله المنشور في عدد "الفاينانشال تايمز" أمس الأربعاء الذي تناول فيه موضوع الثورات والانتفاضات، التي تجتاح الجغرافية العربية في الوقت الراهن، والتي لا تكتفي فقط بإطاحة الطغاة وإنما بالأنظمة الاقتصادية القائمة التي كانت تقوم على الفساد والرشوة والعمولات الحرام وعلى الانحياز لمصالح الأغنياء على حساب الفقراء وتطبيق آليات السوق دون توفير أي حماية للطبقات الفقيرة. يقول الكاتب إن الفرصة قد باتت متاحة في الوقت الراهن بعد تغير المناخ السياسي الخانق لأنظمة الطغيان، كي تبدأ في تركيب أنظمتها الاقتصادية من جديد على أسس سليمة تتخلص فيه من كافة اخطائها واختلالاتها السابقة تماماً مثلما فعلت دول المنظومة الشيوعية منذ ما يقرب من عشرين عاماً، على أن تكون تلك التغييرات الاقتصادية متدرجة وليست فجائية، وأن تستفيد من المناخات السياسية المتغيرة وخصوصاً إذا ما كانت السياسات التي تنوي تغييرها تؤثر على المستهلكين وخصوصاً الفقراء منهم، أو تؤثر على التزامات التصدير وغير ذلك من أنواع الالتزامات التجارية، ويرى الكاتب أن الغرب يمكن أن يلعب دوراً مساعداً على إطلاق الاقتصادات العربية الجديدة، التي يمكن أن تحقق معجزة اقتصادية لا تقل بأي حال من الأحوال عن المعجزات التي تحققت في مناطق أخرى في العالم في قارة آسيا على وجه التحديد، وذلك من خلال تقديم المساعدات الاقتصادية وإطلاق برامج مثل برنامج مارشال الذي ساعد على إنعاش أوروبا اقتصادياً عقب الحرب العالمية الثانية، وضخ المزيد من الاستثمارات، ونقل التقنيات المتقدمة ومساعدة تلك الدول على تنظيم بيئتها الاستثمارية والعملية من خلال مدها بالخبرات المتخصصة دون مقابل.
إعداد: سعيد كامل