جريدة الجرائد

متى تتحــرك مصـــر؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

حسن حنفي

كان مقتل النظام السابق الوقوف في المكان داخلياً وخارجياً، مما أدى إلى التفكك والفساد وبيع مصر أجزاء، أرضاً وشركات وبنوكاً ومصانع، القطاع العام الذي كونه جيل الخمسينيات والستينيات بشد الأحزمة على البطون. فما اقتصده هذا الجيل من قوته لتوفير حاجات الشعب نهبه الجيل الثاني، مجموعة من الأفراد، تملك السلطة والثروة والأمن. صحيح أن الانفراجة مع تركيا قد بدأت بعد الحضور الطاغي لتركيا في القضية الفلسطينية وفي الوطن العربي لتعادل توجهها الغربي التقليدي مع توجهها الشرقي الجديد. ومع ذلك نفس التباطؤ الذي يتم في السياسة الداخلية ينعكس أيضاً في السياسة الخارجية. ومصر- بتاريخها وجغرافيتها وحجمها قيادةً وأخاً أكبر ومركزاً لتجمع إقليمي عربي وإلا تقطعت الأطراف وانجذبت نحو مراكز أخرى كما حدث للدولة العثمانية بخسارة آسيا الوسطى التي انجذبت نحو روسيا، والبلقان الذي انجذب نحو أوروبا- ستتفتت أيضاً.

والثورة طاقة وحركة وتغيير وانطلاق لتحقيق أهدافها. هي انتفاضة روح تؤدي إلى تحرك جسد بعد أن أصبح جثة هامدة أصابه التحلل. هي عودة إلى الطبيعة وإلى مسار التاريخ. تخشى على نفسها من التوقف والتسرب والضياع. فتستمر في تجميع الملايين في ميدان التحرير لتذكير القادة بأهداف الثورة، وبدفع العربة المتوقفة إلى الأمام لعلها تسير من جديد بدفع ذاتي. صحيح أن الداخل يأتي قبل الخارج إذ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، وتلك عبقريتها، ولكن إذا طال الداخل توقف. وظل الخارج كما هو لم يتغير. وعاد النظام القديم في روحه بالرغم من سقوط رأسه. فالروح مازالت تنبض في القلب. لقد ولّدت شرارة تونس الثورة في مصر. وامتدت روح الثورة إلى اليمن وليبيا، كل بطريقته. واندلعت المظاهرات في الجزائر والمغرب وموريتانيا في المغرب وفي الأردن وسوريا والعراق في المشرق لتبين وحدة الوطن العربي. بل غطت الثورة على الحرب الأهلية في الصومال، والحرب كما يقال ضد "القاعدة" في الجزيرة العربية والمغرب العربي. كما غطت على مأساة انفصال جنوب السودان واحتمال أن يحدث ما يشبهه في دارفور. فتتفتت أكبر دولة عربية أفريقية تربط العرب بأفريقيا من خلال وادي النيل.

لقد تحققت بعض المطالب الثورية مثل إسقاط رأس النظام، والقبض على بعض رموز الفساد من أجل تقديمهم للمحاكمة، وتغيير بعض القيادات الإعلامية، وإلغاء الحرس الجامعي، وإلغاء مجلسي الشعب والشورى وإبطال انتخابهما تنفيذاً لحكم القضاء، وتعديل الدستور باستفتاء شعبي عام. ومازال قطار الثورة بطيئاً لم يصل بعد إلى حل الحزب الحاكم، والقبض على باقي رموز الفساد من أجل تقديمهم للمحاكمة، وإلغاء قانون الطوارئ، والمحاكم العسكرية، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، واسترداد ثروات مصر المهربة إلى الخارج، وتطبيق حكم القضاء بتطبيق الحد الأدنى للأجور، وصياغة مشروع قومي لبناء العشوائيات بالأموال المنهوبة، فقد صدر قانون الإصلاح الزراعي ضد الإقطاع بعد ستة أسابيع من بداية ثورة يوليو 1952، استمرار تصدير الغاز إلى إسرائيل بالرغم من حكم القضاء نظراً لانخفاض الأسعار عن المعدل العالمي، والاستقلال عن الولايات المتحدة بالرغم من إعجابها بالثورة المصرية ونيلها الاحترام، واعتبارها نموذجاً للتعليم في المدارس الأميركية.

والأهم من ذلك كله هو الغياب الإقليمي لسياسة مصر الخارجية، واستمرار العزلة عن الوطن العربي. فليبيا شقيقة مصر. وثورة الفاتح 1969 وليدة ثورة يوليو. وقائدها الابن البار للقومية العربية. ضربته الثورة المضادة في السبعينيات وقذفته بالقنابل. وتحولت إلى أفريقيا، وأصبح ملك ملوكها لترك مصر له. والآن قامت الثورة الشعبية لتصحيح ثورة الفاتح 1969 كما قامت ثورة 25 يناير في مصر لتصحيح ثورة يوليو 1952. أقصى ما فعلناه هو تحركنا من خلال الجامعة العربية لمطالبة مجلس الأمن الدولي لإعطاء غطاء جوي حماية للمدنيين في ليبيا، وطال الأمر، وتحولت الثورة إلى حرب أهلية. واستعان النظام القديم بالمرتزقة الأفارقة، ولديه من الأسلحة الثقيلة ما ليس لدى الثوار، وخرج الثوار من بنغازي إلى طرابلس. وأوقفوا في منتصف الطريق. وتدخلت القوات الأميركية ثم انسحبت، وتدخلت قوات حلف شمال الأطلنطي ثم توقفت، وتقهقر الثوار. وتدخلت دول البحر الأبيض المتوسط، إيطاليا، واليونان للمصالحة بين الثوار والنظام. ووضعت تركيا خارطة طريق ترضي الطرفين. فأين مصر؟ أين الأخ الأكبر؟ مليون ونصف المليون مصري في ليبيا، ولا فرق بين بنغازي والإسكندرية؟ أين ثورة 25 يناير في مساندة الثورة الليبية التي ينقصها سلاح المدرعات، ولمصر حدود مشتركة مع ليبيا؟ وكما ساندت ثورة يوليو 1952 ثورة الفاتح 1969 لماذا لا تساند ثورة 25 يناير 2011 ثورة 17 فبراير 2011 والفارق بينهما شهر واحد؟ لماذا تترك الشقيقة الكبرى الشقيقة الصغرى؟

واندلعت ثورة اليمن بنفس الطريقة السلمية مثل الثورة المصرية. وطالب المدة شهرين. واليمن جزء من مصر. والثورة اليمنية في 1964 امتداد لثورة يوليو 1952. دافعت عنها ضد الثورة المضادة. بل أرسلت جزءاً من جيشها نحو سبعين ألفاً دفاعاً عن الثورة ضد فلول النظام اليمني. وفي رأي بعض العسكريين قد تكون الحملة المصرية في اليمن أحد أسباب هزيمة الجيش المصري في 1967 في مواجهة الجيش الإسرائيلي. والآن أين مصر؟ واليمن جزء من أمنها القومي في جنوب البحر الأحمر. أدت دورها أثناء حرب أكتوبر بغلقها لخليج عدن حماية لمصر من مرور الأسطول الإسرائيلي. إن ثورة يناير في مصر لا تنشغل عن الثورات العربية الأخرى على حدودها وفي محيط أمنها القومي، الثورة لا تنشغل عن الثورة بل تزيدها اشتعالاً. وقد اندلعت الثورة الروسية في 1917 في نفس الوقت الذي كانت تدافع فيه عن أراضيها ضد العدوان النازي.

والسودان كان جزءاً من مصر منذ محمد علي والخديوي إسماعيل حتى فاروق ملك مصر والسودان. واستقل بفضل الثورة المصرية. وتوالت عليه الانقلابات العسكرية والدينية حتى فرط في وحدته باسم تطبيق الشريعة الإسلامية. فانفصل الجنوب. ومازال يهدد دارفور خطر الانفصال. وتركنا الشمال. ومن السودان تمر مياه النيل. وهو الطريق إلى منابعه.

فمتى تتحرك مصر إقليمياً؟ متى تدافع عن حدودها الإقليمية في ليبيا والسودان؟ لماذا تفرط في أمنها القومي في اليمن، في البحر الأحمر، وفي الشمال في سوريا والأردن ولبنان والعراق عبر سيناء؟ هل مازال محور الاعتدال في مواجهة محور الصمود هو العقلية المسيطرة بعد ثورة 25 يناير؟

أين مظاهرات الثورة المصرية المؤيدة للثورة العربية؟ ألم تعد القاهرة قلب العروبة النابض؟ ألم تسلح مصر الثورة الجزائرية فكان جزاؤها العدوان الثلاثي عليها في 1956؟ ألم تقف بجانب سوريا ضد تهديد إسرائيل لها فكان جزاؤها العدوان عليها وعلى سوريا والأردن في 1967؟ متى تستعيد مصر خيالها العربي؟ إن الجيل القديم الذي عاصر بدايات ثورات الضباط الأحرار في أوائل عمره، ويعاصر الآن بدايات ثورات الشعوب الحرة في آخر عمره ليحن إلى صوت العرب، صوت أحمد سعيد، "أمجاد يا عرب أمجاد".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
دقة غير متوفرة
طلعت جبر -

أشارت المقالة إلى الدعوة فى أن تتحرك مصر وتعاود مباشرة نشاطها الذى كانت تتبعه إبان الفترة الناصرية الماركسية تجاه أشقاءها العرب . وأنا كمصرى .. أقول إستخدام الكاتب لمصطلح ثورة 23 يوليه 1952 هو إستخدام غير صحيح .. فـ 23 يوليه 1952 لم تكن ثورة ولكن إنقلاب عسكرى بغيض دشن بداية سلسلة الإنهزامات فى العالم العربى .. وإن كان بكريزما عبدالناصر و تسخيره للإعلام المصرى العملاق والذى ورثه من العهد الملكى الليبرالى المصرى بما يحمل من عمالقة الموسيقى والطرب والشعر قد صور للمصريين والعرب إنهزاماتنا إنتصارا وتقزيمنا عملقة كمن يرى سراب بركة من ماء عذب فى صحراء قاحلة ! ثم تم تصدير فلسفة الإنقلابات العسكرية إلى بعض الدول العربية وتم تزوير مسمياتها هى أيضا من إنقلاب عسكرى إلى ثورة .. ونرى عواقب تلك الفترة الديكتاتورية فقداننا لسيناء والجولان وبقية فلسطين وأهم من ذلك كله القدس الشريف . ومن مصائب إنقلاب 1952 ظهور الديكتاتورات العربية وأبرزها فى سوريا وليبيا واليمن .. وكانت أهم ثمرات ثورة 25 يناير فى مصر وقبلها الثورة التونسية العظيمة أن تحركت الشعوب العربية التى تعيش تحت أقوى الديكتاتوريات وأقساها مطالبة بحريتها و آدميتها .. وأصبحت الأمنية الآن ترسيخ النظام الديمقراطى وتأمين حرية المواطن وضمان كرامته فى وطنه !! فإذا كان المقال يتمنى عودة فترة الزهو الزائف لعصر عبدالناصر .. فهو بذلك يدعو إلى الخلف وليس إلى الأمام .. وكأن الثورات التى قامت إنما لتعيد الوضع إلى ماكان عليه ولكن بوجوه مختلفة !! قامت ثورة 25 يناير بإنهاء الحكم العسكرى لمصر الذى دام 60 عاما وعرفنا كيف تكون الثورات .. تكون بالشعب .. وليس بدبابات الجيش .. وعندها ستعود مصر إلى عروبتها قوية وصحية ولقد رأينا بشائر ذلك .. من مظاهرات يومية أمام السفارة الإسرائيلية فى مصر وفتح معابر رفح بحرية كاملة ..والتفاوض على موضوع تصدير الغاز إلى إسرائيل .. وكل ذلك حدث فى أيام معدودات فقط .. وذلك لأنها ثورة شعب .. وتعبر عن رغبة الشعب .. وليس رغبة الديكتاتور .. كما كان الوضع سابقا . وشكرا

دقة غير متوفرة
طلعت جبر -

أشارت المقالة إلى الدعوة فى أن تتحرك مصر وتعاود مباشرة نشاطها الذى كانت تتبعه إبان الفترة الناصرية الماركسية تجاه أشقاءها العرب . وأنا كمصرى .. أقول إستخدام الكاتب لمصطلح ثورة 23 يوليه 1952 هو إستخدام غير صحيح .. فـ 23 يوليه 1952 لم تكن ثورة ولكن إنقلاب عسكرى بغيض دشن بداية سلسلة الإنهزامات فى العالم العربى .. وإن كان بكريزما عبدالناصر و تسخيره للإعلام المصرى العملاق والذى ورثه من العهد الملكى الليبرالى المصرى بما يحمل من عمالقة الموسيقى والطرب والشعر قد صور للمصريين والعرب إنهزاماتنا إنتصارا وتقزيمنا عملقة كمن يرى سراب بركة من ماء عذب فى صحراء قاحلة ! ثم تم تصدير فلسفة الإنقلابات العسكرية إلى بعض الدول العربية وتم تزوير مسمياتها هى أيضا من إنقلاب عسكرى إلى ثورة .. ونرى عواقب تلك الفترة الديكتاتورية فقداننا لسيناء والجولان وبقية فلسطين وأهم من ذلك كله القدس الشريف . ومن مصائب إنقلاب 1952 ظهور الديكتاتورات العربية وأبرزها فى سوريا وليبيا واليمن .. وكانت أهم ثمرات ثورة 25 يناير فى مصر وقبلها الثورة التونسية العظيمة أن تحركت الشعوب العربية التى تعيش تحت أقوى الديكتاتوريات وأقساها مطالبة بحريتها و آدميتها .. وأصبحت الأمنية الآن ترسيخ النظام الديمقراطى وتأمين حرية المواطن وضمان كرامته فى وطنه !! فإذا كان المقال يتمنى عودة فترة الزهو الزائف لعصر عبدالناصر .. فهو بذلك يدعو إلى الخلف وليس إلى الأمام .. وكأن الثورات التى قامت إنما لتعيد الوضع إلى ماكان عليه ولكن بوجوه مختلفة !! قامت ثورة 25 يناير بإنهاء الحكم العسكرى لمصر الذى دام 60 عاما وعرفنا كيف تكون الثورات .. تكون بالشعب .. وليس بدبابات الجيش .. وعندها ستعود مصر إلى عروبتها قوية وصحية ولقد رأينا بشائر ذلك .. من مظاهرات يومية أمام السفارة الإسرائيلية فى مصر وفتح معابر رفح بحرية كاملة ..والتفاوض على موضوع تصدير الغاز إلى إسرائيل .. وكل ذلك حدث فى أيام معدودات فقط .. وذلك لأنها ثورة شعب .. وتعبر عن رغبة الشعب .. وليس رغبة الديكتاتور .. كما كان الوضع سابقا . وشكرا

الي الكاتب
زول قرفان -

مشكلة بعض الاخوة في الشقيقة مصر جهلهم بتاريخ السودان واهله ، السودان طرد الاتراك والانجليز ولم ينجحوا بدخوله الا بالتعاون مع بعض المصريين والرئيس محمد نجيب من ام سودانية واب مصري وعبد الناصر عمل بالسودان فترة طويلة وادرك تماما ان اهل السودان ساندوا استقلال مصر من اجل استقلالهم ومعظم الشعب السوداني كان مع الاتحاد مع مصر لا غدر الضباط الاحرار بالرئيس محمد نجيب،عندها قرر الشعب السوداني الاستقلال، تعرض السودان لبضع انقلابات ولكنه نجح بثورتين شعبيتين قبل وجود الفايس بك في عام 64 و85 بقلب نظامي حكم شموليين(عبود ونميري) ، الشعب المصري شعب شقيق ونحن مع الحريات الاربع (العمل،التملك،السفر،الاقامة) لكن حكاية السودان جزء من مصر عبارة لانسمعها الا علي بعض الالسنة الجاهلة بتاريخ السودان واهله

الي الكاتب
زول قرفان -

مشكلة بعض الاخوة في الشقيقة مصر جهلهم بتاريخ السودان واهله ، السودان طرد الاتراك والانجليز ولم ينجحوا بدخوله الا بالتعاون مع بعض المصريين والرئيس محمد نجيب من ام سودانية واب مصري وعبد الناصر عمل بالسودان فترة طويلة وادرك تماما ان اهل السودان ساندوا استقلال مصر من اجل استقلالهم ومعظم الشعب السوداني كان مع الاتحاد مع مصر لا غدر الضباط الاحرار بالرئيس محمد نجيب،عندها قرر الشعب السوداني الاستقلال، تعرض السودان لبضع انقلابات ولكنه نجح بثورتين شعبيتين قبل وجود الفايس بك في عام 64 و85 بقلب نظامي حكم شموليين(عبود ونميري) ، الشعب المصري شعب شقيق ونحن مع الحريات الاربع (العمل،التملك،السفر،الاقامة) لكن حكاية السودان جزء من مصر عبارة لانسمعها الا علي بعض الالسنة الجاهلة بتاريخ السودان واهله

إعلام الدكتاتور!
قيس الحربي -

ما تنتجه الديمقراطيات هو الأبقى، أما هذا الذي تنفخ فيه الدكتاتوريات فهو كالزبد سرعان ما يخفت. إعلام مصر قبل عام ١٩٥٢ كان إعلاماً حراً متقدماً على سائر مما في حوله من ;دول. هذا الإعلام غاص مرتداً في الظلام مدة ٦٠ عاماً، وها هو الآن يحاول مرة أخرى النهوض من وهدته الطويلة تلك. الإعلام الحر هو مرآة النظام السياسي الحر. وهذه الحرية هي التي ستبني بالتراكم الإنسان الحر الفرد المتحرر من قيود الإذلال والقمع والمتمتع بالشجاعة لأن يعارض وينتقد ويقول لا. عاش الجيل العربي الذي ولد في النصف الثاني من القرن الماضي في حواضن الخنوع والجبن والسلبية التي هي النتاج الأبدي للدكتاتورية السلطوية العائلية التي يجيدها الحاكم العربي أينما كان. مصر لو كان يحكمها نظام ديمقراطي في الثلاثين أو الأربعين عاماً الفائتة، ما كانت لترضى لنفسها أن تتقزم ويتلاشى دورها العربي والإقليمي والدولي على يد رجل لا يجرؤ أحد من العصابة المحيطة به ولا إعلامه المسترزق أهله من الوظيفة والعطايا على التفكير في شيء آخر خلاف ما يفكر فيه الديكتاتور.

إعلام الدكتاتور!
قيس الحربي -

ما تنتجه الديمقراطيات هو الأبقى، أما هذا الذي تنفخ فيه الدكتاتوريات فهو كالزبد سرعان ما يخفت. إعلام مصر قبل عام ١٩٥٢ كان إعلاماً حراً متقدماً على سائر مما في حوله من ;دول. هذا الإعلام غاص مرتداً في الظلام مدة ٦٠ عاماً، وها هو الآن يحاول مرة أخرى النهوض من وهدته الطويلة تلك. الإعلام الحر هو مرآة النظام السياسي الحر. وهذه الحرية هي التي ستبني بالتراكم الإنسان الحر الفرد المتحرر من قيود الإذلال والقمع والمتمتع بالشجاعة لأن يعارض وينتقد ويقول لا. عاش الجيل العربي الذي ولد في النصف الثاني من القرن الماضي في حواضن الخنوع والجبن والسلبية التي هي النتاج الأبدي للدكتاتورية السلطوية العائلية التي يجيدها الحاكم العربي أينما كان. مصر لو كان يحكمها نظام ديمقراطي في الثلاثين أو الأربعين عاماً الفائتة، ما كانت لترضى لنفسها أن تتقزم ويتلاشى دورها العربي والإقليمي والدولي على يد رجل لا يجرؤ أحد من العصابة المحيطة به ولا إعلامه المسترزق أهله من الوظيفة والعطايا على التفكير في شيء آخر خلاف ما يفكر فيه الديكتاتور.