جريدة الجرائد

سورية .. القمع ليس حلاً

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عبدالباري عطوان

'جمعة الاصرار' التي تجسدت يوم امس في مظاهرات احتجاجية صاخبة في مختلف المدن السورية اكدت حدوث متغيرات اساسية عدة، سواء في صفوف الشعب، او في اروقة النظام الحاكم في سورية، يمكن ان تؤشر لهوية، بل ونوعية التطورات المقبلة في البلاد، والسيناريوهات المتوقعة بالنسبة الى مستقبلها.
السوريون المشاركون في الهبة الاحتجاجية هذه، اظهروا حرصاً واضحاً على تخلصهم من عقدة الخوف، وانهم لا يقلون عزيمة وتصميماً عن الشعوب العربية المنتفضة الاخرى، على اسماع اصواتهم، واثبات شجاعتهم، ومواصلة الحراك السياسي والاحتجاجي حتى نيل جميع مطالبهم في الاصلاح والتغيير كاملة.
النظام السوري في المقابل وصل الى قناعة راسخة بان اللجوء الى القتل بهدف الترهيب، وبث الرعب، ربما يعطي نتائج اخطر بكثير من التعاطي الأقل عنفا مع المحتجين، خاصة بعد ان تبين امام العالم بأسره تمسكهم بالوسائل السلمية، وعدم الانجرار الى دوامة العنف الطائفي، التي حاول البعض اغراقهم فيها.
فما حدث في كل من درعا وبانياس وجبلة وحمص من عمليات قتل لم يتكرر بالوتيرة نفسها يوم امس، وشاهدنا اجهزة النظام تستخدم، وللمرة الاولى تقريباً، خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، وليس الرصاص الحي، باستثناء بعض الحالات المحدودة.
اختفت فجأة عصابات 'الشبيحة' من الشوارع، واختفى معها 'المندسون' الذين كانوا يطلقون النار عشوائياً، كما اننا لم نسمع مطلقاً عن مقتل رجال أمن بالعشرات مثلما سمعنا في الايام الماضية، الامر الذي يلقي بظلال الشك على كل الروايات التي جرى ضخها عبر وسائل الاعلام الرسمية في هذا الشأن.
الأمر المؤكد ان مراجعة شاملة حدثت لنهج الافراط في استخدام القوة من قبل قوات الامن ضد المتظاهرين السوريين، خرجت من خلالها القيادة السياسية بحصيلة مفادها ان سفك الدماء يؤدي حتماً الى تأجيج الاحتجاجات لا تخفيف حدتها، وان الجنازات هي دائماً مهرجانات تعبئة وتحشيد من اجل الثأر والانتقام.
ولعل النقطة الأهم التي دفعت القيادة السياسية السورية الى التعاطي 'السلمي' مع مظاهرات الأمس هو خوفها من التدخل الخارجي، الاقليمي، او الدولي، خاصة بعد بيان الخارجية الامريكية الذي تحدث عن وجود معلومات تؤكد ارسال ايران قوات لدعم النظام السوري في مواجهة الاحتجاجات.
لا نعتقد ان النظام السوري بحاجة الى مساعدة ايران، او غيرها، لقمع المتظاهرين المنتفضين، فلديه فائض من الاجهزة القادرة على اداء هذه المهمة، يمكن تصديره الى دول الجوار، والهدف من هذا التسريب الامريكي هو تحذير النظام من عواقب تكرار تجربة النظام الليبي المؤسفة في هذا المضمار.
' ' '
يراودنا أمل ضعيف باقتناع القيادة السياسية في سورية في فشل الحلول الامنية للازمة المتفاقمة في البلاد، وهي الحلول التي اتبعتها طوال الاربعين عاماً الماضية، فلم يفلح اي نظام سياسي استخدم هذه الحلول سواء كان في الغرب او الشرق بما في ذلك امريكا (في العراق وافغانستان) وبريطانيا (في ايرلندا)، وصربيا (في كوسوفو والبوسنة) ناهيك عن مصر وتونس والقائمة تطول.
حتى التهديد بورقة 'الفتنة الطائفية' سواء من قوى خارجية او داخلية في سورية، لم تعط اكلها، فمظاهرات 'جمعة الاصرار' اكدت على قوة الوحدة الوطنية والتلاحم بين مختلف الطوائف والاعراق، بل سمعنا العديد من الشعارات التي تحرص على التعايش، وتؤكد عليه، كرد واضح وجلي على هذه 'الفزاعة'.
المجتمع السوري تسامى دائماً على الاعتبارات الطائفية، وتجاوز كل افرازاتها، بل وذهب الى ما هو ابعد من الاقليمية او المناطقية، عندما 'صدّر' الافكار القومية الى مختلف انحاء المنطقة العربية، وفتح اراضيه لكل انسان عربي بغض النظر عن دينه او مذهبه او قوميته. وهذا ما يفسر استقبال اكثر من مليون ونصف المليون عراقي تدفقوا الى سورية هربا من الحرب الاهلية الطائفية في بلادهم، او حوالي ربع مليون فلسطيني قبلهم، وجدوا جميعا حرارة الاستقبال، وكرم الضيافة، والمعاملة على قدم المساواة مع ابناء البلاد، دون اي تمنن.
الرئيس بشار الاسد التقى عددا كبيرا من قادة العشائر ووجوه المناطق، وتحاور معها بكل صراحة وبقلب مفتوح، وتعهد بتلبية جميع مطالبهم المحلية (المناطقية) بمن في ذلك وجهاء مدينتي درعا وبانياس، ولكنه كرر وعوده بالاصلاح على مستوى الدولة.
هذه الخطوة جيدة، وان كنا نعتقد انها جاءت متأخرة ومنقوصة في الوقت نفسه، فما يريده الشعب السوري هو البدء فورا في الاصلاح والمصالحة الوطنية في الوقت نفسه، فالفجوة بين النظام والشعب تتسع بشكل متسارع مع كل قطرة دم تسفكها قوات الامن، وكنا نتمنى لو ان الرئيس السوري الشاب اعتذر، وهو المسؤول الاول، لاهالي الشهداء والجرحى، وفي خطاب عام، وما زال هناك بعض الوقت لانقاذ ما يمكن انقاذه.
الخطأ الاكبر الذي ارتكبه النظام وعلى مدى السنوات العشر الاخيرة انه لم ينقل البلاد وشعبها من مرحلة حكم الرئيس الراحل حافظ الاسد الى حكم نجله بشار من خلال اصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية جذرية، وما نراه اليوم من هبات شعبية غاضبة هو التجسيد الحقيقي له، فما كان يصلح قبل اربعين او عشرين عاما من استخدام للقمع وادواته لا يمكن ان يصلح اليوم، فالزمن تغير، والشعب تغير ولكن النظام لم يتغير، بل استعصى على التغيير بفضل سيطرة الحرس القديم ونهجه الامني المتخلف.
' ' '
الانتفاضة الشعبية السورية تدخل اليوم اسبوعها الخامس، ومن المحزن ان النظام لم يقدم تنازلا واحدا، ولم يتجاوب مع اي مطلب من مطالب المتظاهرين، وما زال يدرس الغاء حالة الطوارئ، وقانون التعددية الحزبية، وقانون الاعلام الجديد، والغاء المادة الثامنة من الدستور التي تؤكد هيمنة حزب البعث.
كيف يقبل بالتعددية السياسية وهو يعتقل كل رأي مخالف، وكيف يسمح بقانون جديد للاعلام يكرس الحريات التعبيرية وهو يقيل رئيسة تحرير صحيفة رسمية (تشرين) لانها طالبت بالتحقيق في تجاوزات قوات الامن لتوجيهات الرئيس واطلاق النار على المتظاهرين، ولم يشفع لها تأكيدها على تربية اولادها على حب الرئيس بشار الاسد؟
حتى الحكومة الجديدة التي شكلها السيد عادل سفر جاءت مخيبة للآمال، فقد ضمت نصف الوزراء السابقين، ولم تضم وزيرا واحدا من المعارضة الشبابية، او الشخصيات الوطنية، وهي حكومة تذكرنا بحكومة اللواء احمد شفيق التي شكلها الرئيس حسني مبارك قبل رحيله.
السوريون يريدون ان يكونوا احرارا، وان يستعيدوا كرامتهم وعزة أنفسهم، في ظل اصلاحات تكرس الديمقراطية والعدالة والمساواة، وحكم القانون، واعلى سقف ممكن من الحريات، والتحرك في هذا الاتجاه بدأ ومن الصعب ان يتوقف او حتى يتباطأ، والامور لن تعود الى الوراء مطلقا، وما زالت هناك فرصة ولو ضئيلة للانقاذ، وان كنا لسنا متفائلين كثيرا باستغلالها من قبل القيادة السياسية في البلاد.
الشعب السوري شعب كريم يحمل في عروقه جينات الحضارة والريادة، ولن يتوقف في منتصف الطريق، ومن يقول غير ذلك لا يعرف هذا الشعب، ولم يقرأ تاريخه، والايام بيننا.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
عادت حليمة ...
جاسم -

.... يبدو ان الاستاذ عطوان سيكون اكثر الباكين على سقوط النظام الاسدي البعثي في دمشق وخوفه من فقدان الدعم الكلامي الذي يقدمه نظام الاسد الى حماس حبيبة قلب عطوان. نصائحك لهذا الطاغية المدلل كثيرا من امه لن تفيد، الشعب السوري يريد كنس هذا النظام بعقليته الامنية العاتية وجوقة الفاسدين المطبلين له والناصحين له من لندن بسبب المعاناة التي لاتوصف التي ذقناها على يديه ويدي ابيه السفاح وهم يتاجر في قضيتكم الفلسطيزية على حسا معاناتنا نحن الشعب السوري، والله انتم الفلسطينيين يااستاذ العطوان في نعيم تحت احتلال اسرائيل مقارنة مع مانذوقه نحن في كل يوم من هذا النظام المجرم وانت اليوم تجلس وتسدي له نصائحك البائسة لكي يدوم عزه عليك وهلى حماس على حساب دمائنا نحن السوريون ودموعنا والامنا، فالشعب في سورية انتفض ولن يتراجع قبل ان يزيل هؤلاء القتلة واللصوص.

فضة الكلام
مهيار الدمشقي -

المشكلة التي نعانيها نحن السوريون بأن جميع الكتاب التي يتعاطون الشأن السوري غرباء ( نعم غرباء )لا يعرفون الشعب السوري جيدا فترى هذه الابواق النافرة تأتينا مرة من لندن او السويد او لبنان او غيرها ومن بعض الكتبة او من يسمون انفسهم ناشطين وحقوقيين وغيرهم علما ولا احد منهم سوريا ، فكيف صدقهم فالسيد عطوان خابت اماله بتشكيلة الحكومة السورية الجديدة ، هو يريد شخصية من الثورة الشبابية كما يسميها ( متأثرا بالوضع المصري ) او شخصية وطنية ، نحن نطلب منه ان يسمي لنا اسما تنطبق عليه هذه التسميات التي سماها حسب متابعته للشأن السوري ، اذا كان مثلا ( 10 % ) من الشعب يطلب مطلبا فهل علينا ان ننسى الباقين هؤلاء الذين رأهم بالشارع لا يشكلون هذه النسبة ومعظمهم غرر بهم ومنهم من نزل الى الشارع بداعي الفضول والقلة القليلة التي نزلت لتطالب بمطالب محددة ، علما بأنه دفع مبالغ كثيرة ورشوات وتهديدات للكثير من الداخل ومن الخارج وهو صحفي متابع ويعرف هل هيثم المالح شخصية وطنية ، هل مأمون الحمصي شخصية وطنية ، هل البيانوني او الشقفة او الخدام شخصيات وطنية ، لا اعتقد والاكثرية السورية هذا رأيها ثم ما هذه الهرطقات حيث اورد الكاتب ( السوريون يريدون استعادة كرامتهم وعزة نفسهم ) ، متى كان السوري بدون كرامة حتى يستعيدها ومتى كان السوري بدون عزة نفس ممكن ينطبق هذا الكلام البعض في الوطن العربي لكن على السوري لا ينطبق والكاتب فلسطيني ويعرف هذا جيدا ام ان حياته في لندن انسته فلسطين وشعب فلسطين وانوار الفضائيات والفلاشات جعتلته ينسى تاريخه وعليه ركوب الموجة ويصبح صوتا كما الاصوات الان التي نراها على الفضائيات ونقرأها على صفحات الجرائد

دمشق بريئة منك
حنا الدمشقي -

ياسيد مهيار انت لست مهيارا ولا دمشقيا وليس لك اصلا علاقة بنا نحن السوريون، انت رجل من الشبيحة ... وانك تمسك بالقلم وتنشر الاكاذيب ......... الشعب السوري انتفض ولم يعد يخاف من تعذيبكم ورصاصكم وعنجهيتكم.

الشعب واع
محمد يوسف -

دمشق الفيحاء امس كانت تنبض بالعروبة عندما غادرتهادمشق العروبة كانت ولا اجمل بالامس من نبع بردى الى كل قرى الزبداني الى باب توما والصالحية والميدان والعباسيين غادرتها وكنت مطمئنا الى ان الشعب اوعى من حفنة مغرر بهم الامن يعمها والحاسدين مغلولون يبحثون عن صور من هنا وهناك حتى ولو كانت مدبلجةالتقيت الشعب السوري على مدى اسبوع كامل ووجدته مؤمن ان الاصلاح قادم بوعي من قيادة اثبتت على مدار الخمس سنوات انها الاقدر والافضل لقيادة البلاد

اتحداك
سوري حر -

مخالف لشروط النشر

...............
The Joker -

مخالف لشروط النشر

باركنا بشامها ونجدها
لبناني مستقل -

مخالف لشروط النشر

سورية .. القمع ليس ح
houshyar -

Every country has its 3loooojjjjjj. E.g. Iraq had its 3loj, MR. Saeed sahaf the worlds’ number one liar. A man how representing every dictators frauds will calls 3loojj in Iraqi. In Syria we have MR. HAJI ALI as Syria 3looj as the same level of the sahaf. finally MR_ ATWAN definitely by his advocating to Hamas and other terrorist group within al Qaeda will be the Palestinian Nember one 3loooojjjjjjj

سوري و علوي كمان
رامز -

يا عطوان تركنا بحالنا الشعب يريد اسقاط بشار و كفاك نفاقاً و دجلاً علينا. أقسم بالله العلي العظيم أني علوي أبن علوي و نحن العلويون لانريد بشار و لا عصاباته الشبيحة الذين يقتلون و يسرقون في جبلة و اللاذقية. نحن العلويون أكثر المتضررين من نظام بشار الأسد و أخوه المجرم ماهر الاسد و هؤلاء يريدون الآن توريطنا مع أخوتنا في سوريا من الطوائف الأخرى و لكن هيهات يابشار يا فاسد و الله سنخلعك.

وهل يجرأ
أحمد توفيق -

للسيد مهيار الدمشقي، كلامك يا أخي سليم فجميع الكتاب الذين يكتبون عن المشكلة السورية هم ليسوا بسوريون نعم هذا صحيح لأن الكتاب السوريون إما مرعوبون من الكتابة وهم في سوريا وإمامسجونون في المعتقلات أو مقطعة أناملهم من التعذيب وإما في مستشفى المجانين يا أخي يا مهيار أنت تعلم أكثر مما نعلم نحن بهذا الحال ولكن صبراً فالحال ليس على دوام إنشاء الله وأنا معك فيجب إطلاق أسر الكتاب من المعتقلات وإزالة قانون الطوارئ ووضعه بسلة المهملات وبعد ذلك سترى من الكتاب السوريون ما يدهشك وحتى من يكتب الآن مع النظام السوري ستراه يكتب ضده صبراً يا أخي

عطوان
بشار -

مخالف لشروط النشر

نظام الكزب والبلطجة
الياس من حلب -

هذا نظام النهب واللصوصية امتهن الكزب والاحتيال، الم يحتال علينا حضرته ابو نص لسان بخطاب القسم ووعدنا بالربيع بعد شتاء قارس زمهرير على مدى ثلاثين عاما قضيناه مع ابوه النصاب والمجرم، بعدها صرنا نترحم على ايام ابيه، هذا النظام يكزب ويناور ويماطل ويحتال لان اي شيء اخر فيه ولو واحد بالمئة من انفاس الديموقراطية ستطيح به وبنظامه، وهو خائف ان يشرعن انتفاضة الناس، هل رأيتم مرة لصا يسطو على بيت ويحتجز اهله كرهائن يجلب الشرطي الى البيت لأن اصحاب البيت الرهائن يطالبوه بجلب الشرطة الى البيت لكي يحلوا مشكلتهم معه!

محرضين ضد الشعب
سامر -

ايها السوريين انتبهوا فهناك من يحرض بشار على العنف وهم مستشاريه اللبنانين وهم وئام وهاب وطلال ارسلان وناصر قنديل وميشال سماحة فأحذروهم وحاولوا عرقلة زياراتهم لدمشق

نورنا
ليلى الاصلية -

كنت بتمنى عليك يا عطوان ما تضيع بوصلتك-باعتبارك مقيم في بريطانيا منبع الديمقراطية شو حكم القانون لناس تتظاهر بدون رخصة قانونية وكيف تتصرف الشرطة البريطانية بحق المتظاهرين اذا قاموا باحراق السيارات والاعتداء على رجال الشرطة وتدمير الاملاك العامة---نورنا

محرضين ضد الشعب
سامر -

ايها السوريين انتبهوا فهناك من يحرض بشار على العنف وهم مستشاريه اللبنانين وهم وئام وهاب وطلال ارسلان وناصر قنديل وميشال سماحة فأحذروهم وحاولوا عرقلة زياراتهم لدمشق