صحافة أميركية :مصراته: مدينة تحت الحصار والقصف!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الميناء متنفسها الوحيد... هدفٌ لقوات القذافي
سايمون دينير - طرابلس
أمطرت القوات الحكومية الليبية يوم السبت الماضي وابلاً من الصواريخ على الأحياء السكنية لمدينة "مصراته"، وذلك لليوم الثالث على التوالي، في الوقت نفسه الذي حاولت فيه هذه القوات قطع الطريق الواصل بين المدينة وبين الميناء الذي يمثل خط النجاة الوحيد للمدينة في الوقت الراهن، حيث تحصل عن طريقه على الغذاء، والماء، والدواء، كما تقول مصادر الثوار.
والمدنيون الذين يعانون من ويلات ذلك الهجوم المستمر منذ أكثر من شهر، والذي وصفه الزعماء الغربيون بأنه يشبه "حصاراً من القرون الوسطى"، ناشدوا "الناتو" أن يتدخل للحيلولة دون وقوع ما يقولون إنه مذبحة وشيكة سوف ترتكبها القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي.
ويقول "محمد"، المتحدث باسم مجلس المدينة، الذي يستخدم اسمه الأول فقط لأسباب أمنية: "إن حياتنا كلها مرتبطة بالميناء وها هو القذافي يتجه نحوه... وإذا ما تمكن من السيطرة عليه فسوف نصبح في مشكلة حقيقية".
وأضاف محمد الذي كان يتحدث عبر موقع سكايب: "إذا ما حدثت مذبحة في مصراته... فماذا سيكون موقف الناتو؟ التدخل مطلوب على نحو عاجل، وإذا لم يتدخلوا فوراً ويحضرون قوات برية لحماية الميناء فسوف نندم جميعاً حيث لا ينفع الندم".
ومن المعرف أن التفويض الممنوح للناتو بموجب القرار رقم 1937 الصادر من الأمم المتحدة يشمل حماية المدنيين الليبيين، وهي مهمة يبدو أن الحلف لم ينجح في أدائها في مصراته التي تقع على بعد 131 ميلاً إلى الشرق من العاصمة طرابلس، وتعتبر المدينة الوحيدة في غرب ليبيا الواقعة تحت سيطرة الثوار، وتمثل بالنسبة لهم جائزة استراتيجية كبرى في أتون الصراع الدائر حالياً في هذه الدولة المغاربية.
وقال أطباء أمكن الاتصال بهم عبر "سكايب"، إن خمسة أشخاص لقوا مصرعهم في المدينة يوم السبت الماضي، ليصل عدد ضحايا الهجوم الذي تشنه قوات القذافي 36 شخصاً خلال الأيام الثلاثة الماضية، وما لا يقل عن 267 منذ أن بدأ حصار المدينة في أواخر شهر فبراير.
وإلى الشرق من مصراته، يقول الثوار إن الضربات الجوية التي نفذتها طائرات الناتو على مدار الأربعة أيام الماضية، قد ساعدتهم على الزحف نحو مدينة البريقة النفطية الاستراتيجية، وهي مدينة تناوبوا مع قوات القذافي على السيطرة عليها ما لا يقل عن ست مرات، منذ أن نشب القتال للسيطرة عليها.
لكن المشكلة في مصراته أن القتال كان يمضي بلا توقف، وهو ما لم يتح الفرصة لقوات الناتو للتعرف بوضوح على الأهداف التي يمكن لها ضربها داخل المدينة أو عند أطرافها.
وقد احتدم القتال يوم الخميس الماضي، وذلك عندما قصفت القوات الموالية للقذافي ميناء مصراته، وهو ما أجبر سلطات الميناء على إغلاقه طيلة اليوم، مما تسبب في إعاقة تدفق المساعدات الإنسانية وتعطيل عملية إجلاء المدنيين. وتشير الأنباء إلى أن خمسة مصريين كانوا يحتمون بأحد معسكرات اللاجئين قد لقوا مصرعهم جراء القصف الذي قامت به القوات الموالية للقذافي ذلك اليوم.
وفي يوم الجمعة الماضي، كانت هناك أدلة على أن القوات الحكومية تستخدم قنابل عنقودية، وذلك وفقاً لمصادر منظمة "هيومان رايتس ووتش". وفي نفس اليوم أيضاً حدث قصف، ودار قتال في الشارع الرئيسي في المدينة، والمسمى"شارع طرابلس"، وكذلك على الطريق الرئيسي الواصل بينها وبين المدينة.
وقد أنكرت مصادر الحكومة الليبية استخدام قنابل عنقودية، وألقت بالمسؤولية عن ارتفاع عدد القتلى على من وصفتهم بـ"العصابات المسلحة" التي تطوف بأرجاء مصراته، وهو اتهام فندته مصادر اليونيسيف وموظفو الإغاثة الأجانب.
ويقول الدكتور "مورتن روستراب" من منظمة "أطباء بلا حدود" الذي زار المدينة يوم الجمعة للمساعدة في إدخال المساعدات وتقديم العون في عمليات إجلاء المدنيين، إنه يتم كل يوم دخول أعداد كبيرة من الرجال والنساء والأطفال المصابين بإصابات مختلفة في الرأس والصدر والقدمين، بسبب شظايا القنابل ورصاصات القناصة.
ويشار إلى أن الأطباء المحليين قد أبلغوا "روستراب" أنهم يتدبرون أمورهم، لكنهم لن يستطيعوا الاستمرار إذا ما تزايدت أعداد المصابين... وأنهم حتى في الوقت الراهن يقومون بصرف المصابين بعد تقديم المساعدات الأولية لهم، لإخلاء أماكن العلاج للمصابين الآخرين الذين لم ينقطع ورودهم، كما يقولون.
وقال "روستراب" إن الآلاف من العمال الأجانب في المدينة كانوا يحتمون من القصف في معسكر مؤقت للإيواء يقع بالقرب من الميناء انتظاراً لترحيلهم بواسطة السفن.
ويقول سكان مصراته إنهم ممتنون للمساعدة التي يقدمها الناتو، لكنهم يحتاجون إلى المزيد منها مع تواصل القصف الذي تقوم به القوات الموالية للقذافي.
ويقول "أيمن أبو شامة"، وهو طبيب تحدث لنا عبر موقع سكايب: "إن قوات القذافي تقوم اليوم بقصف مصنع لإنتاج الحليب ومنتجات الألبان اللازمة للأطفال... إننا في حالة حرب... في حالة حصار حقيقي، ويبدو الأمر وكأنه ليست هناك مساعدات تأتي لنا من قبل الناتو، أو من قبل أي جهة أخرى".
وأضاف أبوشامة: "إنهم يقصفوننا بصواريخ جراد، وهي صواريخ كبيرة الحجم، أعتقد أن الناتو قادر على رؤيتها، وعلى تدميرها".
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس"