جريدة الجرائد

واشنطن وسُنة البحرين‮.. ‬بدايات الصراع‮

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يوسف البنخليل

‬ في‮ ‬19‮ ‬أغسطس‮ ‬1991‮ ‬كان العالم على موعد مع سقوط الاتحاد السوفييتي،‮ ‬وهي‮ ‬الدولة التي‮ ‬واجهت الولايات المتحدة والغرب على مدى عقود طويلة من الزمن‮. ‬ولكن هذه النهاية جلبت تحدياً‮ ‬جديدة في‮ ‬منطقة الخليج،‮ ‬فبعد أن كانت واشنطن تحارب وتواجه النفوذ السوفييتي،‮ ‬انتهى هذا النفوذ وأصبحت بحاجة ماسة إلى خلق تحد جديد لها‮ ‬يمكن من خلاله تحديد ملامح سياستها الخارجية الجديدة تجاه المنطقة‮. ‬فماذا كان الحل؟ ظهرت عدة ابتكارات أمريكية،‮ ‬وأهمها على الإطلاق هو الصحوة الإسلامية التي‮ ‬أدركت واشنطن بأنها قد تشكل خطراً‮ ‬عليها خلال سنوات قليلة‮. ‬ولكن مرة أخرى ظهر سؤال حول أخطر القوى الإسلامية،‮ ‬هل هي‮ ‬القوى الشيعية التي‮ ‬تدعمها إيران،‮ ‬أم القوى السنية التي‮ ‬كانت واشنطن تدعمها في‮ ‬أفغانستان؟ بالمقابل وفي‮ ‬تلك الفترة كان العراق البعثي‮ ‬محاصراً‮ ‬دولياً،‮ ‬وكانت واشنطن تخشى أن‮ ‬يستعيد قوته ويعيد نفوذه القديم،‮ ‬ولذلك استخدمت سلاح العقوبات الدولية والحظر الدولي‮ ‬للطيران لضمان تدميره داخلياً‮ ‬إلى حين ترتيب الأوضاع في‮ ‬المنطقة‮. ‬كما إن الإدارة الأمريكية كانت تدرك جيداً‮ ‬أن انتهاء الدولة العراقية بحكم البعث‮ ‬يعني‮ ‬انتهاء الدعم السني‮ ‬للدول الخليجية السنية،‮ ‬إضافةً‮ ‬إلى أن الفرص كانت مواتية لظهور حكم شيعي‮ ‬في‮ ‬العراق من شأنه أن‮ ‬يقيم تحالفاً‮ ‬جديداً‮ ‬بين طهران وبغداد،‮ ‬وهو ما تم خلال‮ ‬12‮ ‬عاماً‮ ‬فقط‮. ‬فكرة محاربة الصحوة الإسلامية أو التيار الإسلامي‮ ‬السني‮ ‬لدى واشنطن كانت لها أسبابها وسنتناولها لاحقاً،‮ ‬ولكن كان هناك جدل داخل الولايات المتحدة بشأن جدوى محاربة الإسلام السني،‮ ‬وهي‮ ‬الفكرة التي‮ ‬كانت سائدة في‮ ‬البداية وسرعان ما تغيّرت لاحقاً‮. ‬ هذا الجدل لم‮ ‬يدم طويلاً‮ ‬بل سرعان ما انتهى لصالح من‮ ‬يؤيد محاربة الإسلام السني،‮ ‬ففي‮ ‬25‮ ‬يونيو‮ ‬1996‮ ‬كان العالم على موعد مع أضخم عملية إرهابية تشهدها دول مجلس التعاون الخليجي‮ ‬آنذاك،‮ ‬واستهدفت أبراج الخبر وهي‮ ‬مجمع سكني‮ ‬يقع بالقرب من شركة أرامكو السعودية في‮ ‬الظهران،‮ ‬وراح ضحيتها‮ ‬19‮ ‬عسكرياً‮ ‬أمريكياً‮ ‬كانوا‮ ‬يستخدمون هذه الأبراج كمقر لإقامتهم منذ تحرير الكويت عام‮ ‬‭.‬1991‮ ‬هذه الحادثة رغم ما اعتبرت به من إرهابية،‮ ‬إلا أنها شكلت نقطة تحول جديدة في‮ ‬مسار العلاقات بين واشنطن والطائفة السنية في‮ ‬دول مجلس التعاون الخليجي‮ ‬لأن الاتهامات وجهت فوراً‮ ‬إلى تنظيم القاعدة الذي‮ ‬بدأ مرحلة من الصراع المسلح ضد الأجانب في‮ ‬مختلف أنحاء العالم وفقاً‮ ‬لمنطلقات دينية‮ ‬يراها ويؤمن بها‮. ‬ بحرينياً‮ ‬قوبلت هذه الحادثة باستنكار عدة قوى سياسية إسلامية سنية مثل السلف والإخوان،‮ ‬ولكن المسألة كانت أكبر من ذلك بكثير‮. ‬فما جرى أحدث صدمة،‮ ‬وظهرت دعوات أمريكية وغربية لإعادة النظر من جديد في‮ ‬العلاقات بين واشنطن والطائفة السنية في‮ ‬الخليج‮. ‬فرغم المصالح الأمريكية والغربية الاستراتيجية في‮ ‬المنطقة،‮ ‬إلا أن استمرار حكم السُنة الذين‮ ‬يؤمنون بقدسية الجهاد من شأنه أن‮ ‬يشكل تهديداً‮ ‬مستقبلياً‮ ‬ضد هذه المصالح‮. ‬ لذلك بدأت واشنطن والحكومات الغربية تضغط كثيراً‮ ‬على البحرين ودول مجلس التعاون الأخرى لإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة،‮ ‬بحيث‮ ‬يتم السماح لمكونات المجتمع الأخرى بالتعبير عن نفسها وتكوين جماعاتها لتؤثر وتحمي‮ ‬مصالح هذه الجماعات بحيث‮ ‬يتم ربط المصالح الأمريكية مع هذه الجماعات وتتحول بشكل تدريجي‮ ‬إلى أدوات ضغط ضد الحكومات الخليجية السنية بحيث‮ ‬يكون التحالف المستقبلي‮ ‬تحالفاً‮ ‬أمريكياً‮ ‬ـ شيعياً‮. ‬غداً‮ ‬سنتحدث عن حركة المطالبات السياسية في‮ ‬البحرين وعلاقاتها بصدام واشنطن مع الطائفة السنية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف