جريدة الجرائد

واشنطن وسُنة البحرين‮.. ‬ضـــــرب المـكـشـــــــوف

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يوسف البنخليل

المطالبة بمزيد من الإصلاحات السياسية ليست بجديدة في‮ ‬البحرين،‮ ‬وهي‮ ‬تعود إلى العقد الثاني‮ ‬من القرن العشرين‮. ‬ولكن العام‮ ‬1992‮ ‬شهد بعداً‮ ‬جديداً‮ ‬في‮ ‬علاقات واشنطن مع سنة البحرين،‮ ‬وهو العام الذي‮ ‬ظهرت فيه مطالبات‮ (‬نخبوية‮) ‬بإصلاحات دستورية وسياسية،‮ ‬طبعاً‮ ‬كان المطالبون سنة وشيعة كما هو موثق تاريخياً‮. ‬ واشنطن كانت تنظر إلى تلك الأحداث بأنها تطورات جديدة من الممكن أن تحدث تغييراً‮ ‬في‮ ‬المشهد السياسي‮ ‬داخل البحرين‮. ‬وبعدها ظهرت العريضة الشعبية في‮ ‬العام‮ ‬‭,‬1994‮ ‬ولكن تطور الأوضاع نحو العنف السياسي‮ ‬والإرهاب،‮ ‬وكلمة عبدالوهاب حسين للشيخ عبداللطيف المحمود عندما سأله عن مسؤولية تلك الأحداث فقال حسين‮: ''‬نحن ندافع عن حق الطائفة‮''‬،‮ ‬وهي‮ ‬التي‮ ‬دفعت الشيخ المحمود إلى الانسحاب،‮ ‬وبالتالي‮ ‬تحولت تلك العرائض والمطالبات إلى مطالبات خاصة بالطائفة الشيعية‮. ‬وتبعت هاتين العريضتين سلسلة من أعمال العنف والإرهاب راح ضحيتها من راح‮. ‬حينها أدركت واشنطن،‮ ‬أن الحكومة البحرينية كانت تسعى لتحييد الطائفة السنية عن تلك الأعمال،‮ ‬وإظهار مثل هذه المطالبات بأنها مطالبات شيعية خالصة،‮ ‬سيّما بعد الإعلان عن اكتشاف خلية لحزب الله في‮ ‬البحرين خلال صيف‮ ‬‭.‬1996‮ ‬حركة الاحتجاج السياسي‮ ‬في‮ ‬التسعينات التي‮ ‬قامت بها مجموعة من الجماعات الإسلامية الشيعية كانت كفيلة ببيان الاختلاف بين الطائفتين من حيث التنظيم والقوة السياسية‮. ‬وهو ما زاد واشنطن قناعة بأن خيارها الإستراتيجي‮ ‬ليس في‮ ‬استمرار التحالف مع الطائفة السنية،‮ ‬وإنما دعم الطائفة الشيعية بشكل مباشر أو‮ ‬غير مباشر‮. ‬واشنطن خلال الفترة من‮ ‬1994‮-‬2000‮ ‬لم تكن لها مواقف صريحة تجاه الأضرار الناتجة عن أعمال الإرهاب السياسي‮ ‬بسبب الاحتجاجات السياسية،‮ ‬بل كانت لها مواقف مع المطالبات الشيعية بالإصلاحات السياسية،‮ ‬رغم أن الإصلاح السياسي‮ ‬كان مطلباً‮ ‬لدى جميع القوى السياسية،‮ ‬وحتى الإسلامية السنية منها في‮ ‬تلك الفترة،‮ ‬وإن لم تكن الظروف مواتية للتعبير عنها‮. ‬وبقراءة سريعة لما تحتويه تقارير المنظمات الحقوقية الدولية في‮ ‬تلك الفترة‮ ‬يمكن معرفة درجة الاهتمام الأمريكي‮ ‬بحقوق الإنسان في‮ ‬البحرين‮! ‬المعادلة الجديدة التي‮ ‬استطاعت واشنطن القيام بها داخل البحرين خلال التسعينات أنها دعمت المطالبات بإجراء إصلاحات سياسية،‮ ‬ولكن هذه الإصلاحات ليس الهدف منها هو حصول شعب البحرين على مزيد من الحريات والحقوق،‮ ‬وإنما إتاحة المجال للقوة السياسية الصاعدة في‮ ‬تلك الفترة،‮ ‬وهي‮ ‬قوى الإسلام السياسي‮ ‬الشيعي‮ ‬التي‮ ‬كانت واشنطن تعوّل عليها في‮ ‬إعادة رسم النظام السياسي‮ ‬البحريني،‮ ‬ومنطقة الخليج العربي‮ ‬من جديد‮. ‬باختصار كان الهدف من ذلك هو حصول التنظيمات السياسية الشيعية على المزيد من الدعم بما‮ ‬يضمن زيادة نفوذهم داخل الدولة البحرينية باعتبارهم الخيار الإستراتيجي‮. ‬وفي‮ ‬السياق ذاته تثار تساؤلات حول طبيعة الدعم الذي‮ ‬قدمته واشنطن لضمان تفوق شيعة البحرين على حساب السُنة؟ هذا الدعم جاء بشكل مباشر وغير مباشر،‮ ‬فالمباشر تمثل في‮ ‬أوجه عدة تقوم على ممارسة المزيد من الضغوط على حكومة البحرين لإجراء الإصلاحات المطلوبة‮. ‬وغير المباشر تمثل في‮ ‬الدعم الإعلامي،‮ ‬إضافةً‮ ‬إلى صرف النظر عن الاتصالات التي‮ ‬كانت تتم بين طهران وشيعة البحرين لأن واشنطن كانت تدرك أنها تخدمها على المديين القصير والمتوسط‮. ‬ الخلاصة أن أحداث التسعينات شكلت ضربة قوية من قبل واشنطن والقوى السياسية الإسلامية الشيعية للطائفة السنية في‮ ‬البحرين،‮ ‬بعد أن تم تحييدها من قبل السلطة،‮ ‬ولذلك فإن أفضل تسمية على هذه العلاقة‮ ‬غير المتوازنة هي‮ ''‬ضرب المكشوف‮'' ‬لأن السُنة تعرضوا لضربة بشكل علني‮ ‬دون أن‮ ‬يتم صد هذه الضربات‮.‬ غداً‮ ‬سنتحدث عن علاقة الرئيس الأمريكي‮ ‬الأسبق جورج بوش الابن بتكوين الإقليم الشيعي‮ ‬واحتواء الطائفة السنية في‮ ‬البحرين؟‮ ‬

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف