الصحافة الدولية: اليابان بعد كارثة تسونامي وسوريا على مفترق طرق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عواصم
التداعيات السياسية لكارثة اليابان، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، واستمرار تدخل "الناتو" في ليبيا، ثم دخول سوريا في نفق العنف والمصير الغامض... أهم عناوين الصحافة الدولية خلال الأسبوع الماضي.
سياسة ما بعد الكارثة
بهذا العنوان استهلت صحيفة "ذي جابان تايمز" افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي منتقدة ما اعتبرته السياسة غير الواضحة لرئيس الوزراء "نواتو كان" تجاه الكارثة التي ضربت اليابان قبل أربعين يوماً، تلك الكارثة بأبعادها الثلاثة: الزلزال والتسوماني ثم تسرب الإشعاع النووي من مفاعل فوكوشيما، تستدعي اهتماماً أكبر من القيادة السياسية في البلاد، لاسيما في ظل ما لاحظته الصحيفة من تنامي الشعور بخيبة الأمل لدى الضحايا الذين فقدوا أفراداً من أسرهم وبيوتهم خلال الكارثة، فرغم إحداث الحكومة لأكثر من عشرين فريقاً ومقراً ميدانياً لمعالجة آثار وتداعيات الزلزال بما في ذلك إنشاء "مكتب إعادة الإعمار"، تتساءل الصحيفة عن قدرة رئيس الحكومة على إدارة كل هذه الهيئات والمكاتب، وما إذا كان التسلسل في القيادة سيضبط تعدد الجهات المكلفة بالتعامل مع الناس. ومن الأفكار المطروحة حالياً على الساحة، زيادة عدد الوزراء ضمن الحكومة لمواجهة مشاكل إعادة البناء، فضلاً عن ضم "جوشي هوسونو" النائب البرلماني من الحزب الحاكم إلى الوزارة لتسريع الاستجابة لانتظارات المواطنين العديدة واحتياجاتهم الكثيرة، كما يقترح رئيس الحكومة توسيع رقعة المشاركة السياسية من خلال ضم القوى المعارضة في البلاد للمساهمة في جهود إعادة الإعمار، وعلى رأسها الحزب الليبرالي الديمقراطي المعارض. لكن اللافت حسب الصحيفة هو الفتور الذي قابلت به الهيئات السياسية المعارضة دعوة رئيس الحكومة بسبب ما يعتبرونه تذبذباً في الرؤية وغياباً لسياسة واضحة، فضلاً عن تشككهم في النوايا الحقيقية لرئيس الحكومة الذي ربما يسعى إلى إدامة حياته السياسية على رأس الحزب الديمقراطي لليابان وبالتالي بقاءه رئيساً للوزراء.
ارتفاع أسعار المواد الغذائية
حذرت "تورنتو ستار" في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي من معضلة الأمن الغذائي في العالم، لاسيما في ظل الإحصاءات القاتمة التي تفيد بأن عدد سكان العالم الذين يعانون نقصاً غذائياً يصل حوالي 935 نسمة، وهو رقم مرشح للارتفاع مع تزايد سكان العالم ووصولهم إلى تسعة مليارات نسمة بحلول 2050، فقد سجلت أسعار المواد الغذائية وفقاً للبنك الدولي ارتفاعاً فاق 36 في المئة خلال العام الماضي، كما أن منظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة أفادت بأن مؤشرها لأسعار الغذاء في العالم هو الأعلى منذ أن بدأت في الرصد قبل 21 عاماً، وهو ما يلقي الكثير من الأعباء على فقراء العالم الذين يصعب عليهم وضع الطعام فوق المائدة؛ والنتائج واضحة تقول الصحيفة تتجلى في الانتفاضات والاضطرابات الاجتماعية سواء تعلق الأمر بما جرى في مصر، أو في بنجلاديش، أو غيرهما... والمفارقة أن هذه الأزمة العالمية في أسعار المواد الغذائية سببها الترويج العالمي للوقود الحيوي، بحيث تم توجيه محاصيل زراعية مهمة كانت في السابق تستخدم لسد احتياجات السكان الغذائية مثل الذرة والكانولا والسكر إلى إنتاج الطاقة النظيفة، وهو ما دفع الكلفة النهائية للمواد الغذائية إلى الارتفاع الفاحش. ومثلاً تشير الصحيفة إلى توجيه أكثر من 40 في المئة من محصول الذرة في الولايات المتحدة لإنتاج الإيثانول. ولئن كان إنتاج الوقود الحيوي يبقى مسألة مهمة للتقليل من تلوث البيئة وتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري، فإن تأثير ذلك على إمدادات الغذاء العالمي وإضراره بالدول الفقيرة والشرائح الهشة، يستدعي إعادة التفكير في مجمل استراتيجية الوقود الحيوي لجعل إشباع الناس ومحاربة الجوع أولوية عالمية.
أزمة "الناتو" في ليبيا
لم تر صحيفة "تشاينا دايلي" الصينية في افتتاحيتها ليوم الأربعاء الماضي سوى أزمة أخرى يعيشها الحلف ومن ورائه الغرب بأكمله بعدما قرر التدخل العسكري في ليبيا، فبعد أكثر من شهر على بدء الحلف لعملياته العسكرية هناك بدعوى حماية المدنيين مازالت المعركة على الأرض بعيدة عن الحسم بين قوات القذافي والثوار، وسيكون الأمر محرجاً للغاية لأعضاء الحلف إن استطاع القذافي البقاء في السلطة وعجزت قوات الثوار عن إزاحته رغم الدعم الجوي الغربي وحظر الطيران. لكن الحلف ورغم ما أعلنه في البداية من رغبة في حماية المدنيين، ترى الصحيفة أن الأمر يقتصر في النهاية على مواجهة غير متكافئة بين دولة صغيرة وتكتل كبير من الدول الغربية يمتلك أعتى الأسلحة وأقواها، هذا فضلاً عن الشكوك التي تحيط بالنوايا الحقيقية للحلف، فقد بدا حسب الصحيفة أن الحلف إنما يسعى إلى إعادة نفوذه في منطقة المتوسط بعد تراجع حضوره على الساحة الدولية، فكانت ليبيا الفرصة لإثبات قوة الحلف واستعراض عضلاته، وهو أمر يلاقي عراقيل كثيرة في ظل استماتة القذافي وصعوبة الإطاحة به، ما دفع البعض للحديث عن حل سياسي واستحالة حسم المعركة عسكرياً، لاسيما في ظل الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها بعض الدول الأعضاء في الناتو وفقدانها، وهو الأسوأ حسب الصحيفة، للأسس الأخلاقية والقانونية بعد تجاوزها القرار الأممي 1973 الذي يحصر التدخل في حماية المدنيين وفرض حظر للطيران، فضلاً عن تشكل معالم أزمة إنسانية في ليبيا بسبب نزوح آلاف الأهالي من مناطق الصراع، ما يهدد بأزمة إنسانية خانقة.
رد دموي من النظام السوري
وفي افتتاحيتها ليوم الأربعاء تناولت صحيفة "آيرش تايمز" التطورات الأخيرة على الساحة السورية وتفاقم قمع النظام للاحتجاجات السلمية بعدما قرر إنزال الجيش إلى الشوارع ومحاصرة المدن، ففي نهاية الأسبوع المنصرم لقي عشرون شخصاً مصرعهم على أيدي قوات الأمن في مناطق متفرقة بدرعا وضواحي دمشق. ورغم الإجراءات التي اتخذها النظام السوري؛ مثل رفع حالة الطوارئ، إلا أن ارتفاع عدد القتلى ووصول عدد المختفين إلى 500 مواطن، يُكذب النزعة الإصلاحية التي يروج لها النظام منذ اعتلاء بشار الأسد الرئاسة قبل عقد من الزمن، هذا وتلاحظ الصحيفة أن نظام الأسد بصدد معضلة أساسية تتمثل في احتمال انفلات الوضع واتخاذه أبعاداً طائفية بالنظر إلى تحكم الأقلية العلوية في وحدات الجيش كتلك التي يترأسها شقيق الرئيس، ماهر الأسد، واستُخدِمت لقمع المظاهرات. وربما بسبب هذا الاحتمال الخطير التزمت بعض الدول حسب الصحيفة بالحذر في التعامل مع التطورات السورية، إذ رغم الإدانات الدولية الواسعة لطريقة تعامل النظام القاسية مع المظاهرات واستخدامه للعنف المفرط، مازالت ردود الفعل الغربية يطبعها الالتباس، كما أن مواقف الدول الإقليمية لم تتضح بعد ولا يوجد ما يدل على الدفع باتجاه إسقاط النظام خشية انفلات الوضع الطائفي وزعزعة استقرار المنطقة. لكن مهما يكن الأمر، تعتبر الصحيفة أن إرسال النظام لوحدات من الجيش إلى داخل المدن والبلدات دليل على ضعف النظام وليس قوته، وبأنه يواجه بالفعل حراكاً اجتماعياً يتفاقم يوماً بعد يوم وقد يؤدي إلى نتيجة مماثلة لما جرى في مصر وتونس.
إعداد: زهير الكساب