جريدة الجرائد

محاكمة النظام الإعلامي المصري.. ضرورة وطنية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

سليمان صالح


لكي نقيم نظاماً إعلامياً يليق بمصر وبدورها الحضاري والعربي والإنساني يجب أن نحاكم النظام الإعلامي الذي أقامه نظام مبارك الاستبدادي.
وهذه المحاكمة يجب أن تقوم على دراسة علمية تصف الواقع وتفسر النتائج، فالعلم يجب أن يشكل أساسا لبناء المستقبل الذي يمكن أن يتم بناؤه على أسس صحيحة دون دراسة حقيقية للماضي.
ومحاكمة النظام الإعلامي المصري يجب أن تنطلق من أن الفساد لا يقتصر فقط على نهب أموال مصر بواسطة السلطة ورجال الأعمال الذين ارتبطوا بها، لكن مفهوم الفساد يتجاوز ذلك ليشمل الفساد السياسي مثل تزوير الانتخابات وإفساد الحياة السياسية وتضليل الشعب وتزييف وعيه وإخضاعه للاستبداد وتبرير قرارات السلطة والترويج لها، وتصنيع صورة زائفة لنظام حكم فاسد.
وهنا يظهر دور وسائل الإعلام التي سيطرت عليها السلطة واستخدمتها طوال ثلاثين عاما للسيطرة ثقافيا وإعلاميا على الشعب، والتحكم في المعلومات والمعرفة التي تصل إليه.
وأهم ما يمكن أن تكشفه دراسة الواقع الإعلامي المصري أن السلطة أضعفت القوة الإعلامية لمصر، ففي الوقت الذي تكافح فيه كل دولة لزيادة قوتها الإعلامية، وزيادة عدد وسائلها الإعلامية، وتقوية صناعة المضمون حيث تربط شعبها بثقافتها، وتشبع الاحتياجات الإعلامية والمعرفية لشعبها، إلا أن نظام مبارك كان كل هدفه أن يتحكم في المعلومات والمعرفة التي تصل إلى الجماهير بنفس الأساليب التي استخدمتها السلطات الديكتاتورية خلال الخمسينيات والستينيات دون وعي بالتطورات العالمية في مجال الإعلام، ودون الاهتمام بتأثير التحكم السلطوي على القوة الإعلامية لمصر.
هذا يعني أن كل قيد على حرية الإعلام يمكن أن يؤثر سلبيا على القوة الإعلامية للدولة، لذلك فإنه لا يجوز فرض أي قيود قانونية أو سلطوية دون شرعية سياسية واجتماعية لهذه القيود.
لكن نظام مبارك فرض على الإعلام الكثير من القيود القانونية والسلطوية دون الاهتمام بدراسة تأثيرها على الدور الثقافي والحضاري لمصر، ودون الاهتمام بشرعية هذه القيود وحاجة المجتمع لها.
هذا يعني أن السلطة كانت تفرض هذه القيود لتحقيق مصلحتها الخاصة، ولإخفاء ما ترتكبه من جرائم سياسية واقتصادية، وليس لتحقيق المصالح العامة، بل إن هذه القيود تتناقض مع المصلحة العامة للمجتمع المصري، وتعتبر جريمة في حق مصر، دراسة الواقع الإعلامي المصري توضح أن السلطة أضعفت القوة الإعلامية لمصر عن طريق استخدام وسائل لإعلام لتحقيق مصلحتها في التحكم في تدفق المعلومات للجمهور، وتدفق المعلومات من مصر إلى الخارج.
وكان من أهم نتائج التحكم السلطوي في وسائل الإعلام المصرية أن تناقضت مصداقية هذه الوسائل، ولم تعد تشكل مصدرا للأخبار والمعلومات يعتد به، أو تعتمد الجماهير عليه لذلك انصرفت الجماهير في مصر إلى وسائل إعلامية غير مصرية لمتابعة الأحداث حتى تلك الأحداث التي تحدث في مصر.
وتوضح دراسة تغطية وسائل الإعلام المصرية لثورة 25 يناير مدى ضعف هذه الوسائل، وأن السيطرة السلطوية قد شلت قدراتها المهنية، فهذه الأحداث لا يمكن لأي وسيلة إعلامية تريد أن تنجح في جذب الجمهور أن يتجاهلها.
لكن وسائل الإعلام المصرية تجاهلت أحداث الثورة لفترة طويلة، وركزت قنوات التلفزيون الرسمية على مظاهرات ميدان مصطفى محمود المؤيدة لمبارك، وتجاهلت المظاهرات المليونية في ميدان التحرير التي تطالب بإسقاط النظام، كما وجهت الكاميرا إلى نهر النيل بهدف إعطاء الانطباع بعدم وجود أي أحداث.
وأسلوب تجاهل الحدث يشير إلى تخلف الذين يديرون وسائل الإعلام المصرية، وعدم إدراكهم للتطورات الاتصالية العالمية.. فكل ما حدث هو أن الجماهير المصرية قد اعتمدت على قنوات غير مصرية أهمها الجزيرة التي ازداد نجاحها بشكل كبير وشجعها هذا النجاح إنشاء قناة الجزيرة مباشر مصر.
لذلك فإن مصر تحتاج إلى محاكمة نظامها الإعلامي، وكل من قادوا بإدارته، وإضعاف مصر إعلاميا، وذلك كخطوة مهمة لإقامة نظام إعلامي جديد يحقق القوة الإعلامية لمصر، وتتناسب مع دورها الحضاري والثقافي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الاعلام المصري
د محمود الدراويش -

اذكر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي سيطرت الاعلام المصري تماما على ساحة الاعلام العربي ,,كان للاعلام المصري نكهته ومصداقيته , وكان بحق يقود لا مصر فحسب بل الامة ويوجهها ويدفعها للوقوف في هذا الجانب او ذاك ,,, كان للاعلام المصري سطوته وهيبته , وكان سلاحا قويا ومؤثرا وفاعلا في كل ساحات العمل الوطني العربي ,,, وفي منتصف سبعينيات القرن الماضي وتماما بعد زيارة السادات الشهيرة للقدس وما تبعها في تغير الاتجاه وانحراف بوصلة العمل المصري استدار الاعلام المصري دورته الكارثية وبدأ عصر الانغلاق والانطواء بل والانحطاط ,, وفقد الاعلام علاقته بالامة وبشعبه وساد الصحافة والاعلام فسادا ورذيلة وشذوذا ,,, لقد تم تجيير الاعلام والصحافة تماما لخدمة السلطان وترويج اعماله وتفخيمها وتعظيمها وتزيينها في عيون الناس , وقد جانب الموضوعية وفقد المصداقية ,,نعم لقد انحدر الاعلام المصري تماما وهو الاعلام الرائد في عالمنا العربي والمرجع للامة وقضاياها ,, وتبوأ العمل الاعلامي والصحفي في مصر اعلاميون مرتزقة باعوا اقلامهم وضمائرهم للنظام تماما . وشمروا عن ساعد العمل وكدوا وجهدوا لخدمة النظام وبعيدا عن مصالح الجماهير وقطعوا الصلة بمصالح الامة وتضامنها وخياراتها ,, لقد كان اعلاما فاسدا نتنا وكريها ادار ظهره للمواطنين وخاصة شرائحه الاكثر فقرا وادار ظهره الامة وارتمى تماما في احضان السلطان بل واعداء الامة ,,, لقد سمم هذا النظام روح البشر وزيف ولفق ودلس ودجل وكذب ,, وتمادى في دفاعه عن السلطان وجرائمه واخطائه واصطف تماما الى جانب الشيطان ,, خدمهم ودافع عنهم وروج لهم وبرر اعمالهم وافعالهم القاتلة للامة ,,لقد كان الاعلام المصري ذراعا للحاكم لا تماثله اهمية وتاثيرا الا ذراع الامن ,, وكما كان الامن واجهزته شريكا مع النظام واداة من ادواته في قمع الناس فقد كان الاعلام ايضا قامعا ومهددا ومحاربا ومزيفا للحقائق ,, ان الاعلاميين المصريين في جهاز مبارك الاعلامي قد ارتكبوا جرائم مذهلة في حق الشعب والامة وان كتاباتهم قد صبت في مصلحة الفساد وشرور النظام وعلى حساب الوطن والمواطنين ,, لقد كان هؤلاء شاهد الزور والكاذب والفاجر خدموا النظام والحقوا ضررا بشعب مصر وهم يستحقون الحساب وان يقفوا امام القانون ليقتص منهم ,, ان ذلك ضروري جدا لكي يعرف الاعلامي ان ثمة حدود لا يمكن تجاوزها في العمل الاعلامي وان ثمة ضوابط يجب الات

الاعلام المصري
د محمود الدراويش -

اذكر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي سيطرت الاعلام المصري تماما على ساحة الاعلام العربي ,,كان للاعلام المصري نكهته ومصداقيته , وكان بحق يقود لا مصر فحسب بل الامة ويوجهها ويدفعها للوقوف في هذا الجانب او ذاك ,,, كان للاعلام المصري سطوته وهيبته , وكان سلاحا قويا ومؤثرا وفاعلا في كل ساحات العمل الوطني العربي ,,, وفي منتصف سبعينيات القرن الماضي وتماما بعد زيارة السادات الشهيرة للقدس وما تبعها في تغير الاتجاه وانحراف بوصلة العمل المصري استدار الاعلام المصري دورته الكارثية وبدأ عصر الانغلاق والانطواء بل والانحطاط ,, وفقد الاعلام علاقته بالامة وبشعبه وساد الصحافة والاعلام فسادا ورذيلة وشذوذا ,,, لقد تم تجيير الاعلام والصحافة تماما لخدمة السلطان وترويج اعماله وتفخيمها وتعظيمها وتزيينها في عيون الناس , وقد جانب الموضوعية وفقد المصداقية ,,نعم لقد انحدر الاعلام المصري تماما وهو الاعلام الرائد في عالمنا العربي والمرجع للامة وقضاياها ,, وتبوأ العمل الاعلامي والصحفي في مصر اعلاميون مرتزقة باعوا اقلامهم وضمائرهم للنظام تماما . وشمروا عن ساعد العمل وكدوا وجهدوا لخدمة النظام وبعيدا عن مصالح الجماهير وقطعوا الصلة بمصالح الامة وتضامنها وخياراتها ,, لقد كان اعلاما فاسدا نتنا وكريها ادار ظهره للمواطنين وخاصة شرائحه الاكثر فقرا وادار ظهره الامة وارتمى تماما في احضان السلطان بل واعداء الامة ,,, لقد سمم هذا النظام روح البشر وزيف ولفق ودلس ودجل وكذب ,, وتمادى في دفاعه عن السلطان وجرائمه واخطائه واصطف تماما الى جانب الشيطان ,, خدمهم ودافع عنهم وروج لهم وبرر اعمالهم وافعالهم القاتلة للامة ,,لقد كان الاعلام المصري ذراعا للحاكم لا تماثله اهمية وتاثيرا الا ذراع الامن ,, وكما كان الامن واجهزته شريكا مع النظام واداة من ادواته في قمع الناس فقد كان الاعلام ايضا قامعا ومهددا ومحاربا ومزيفا للحقائق ,, ان الاعلاميين المصريين في جهاز مبارك الاعلامي قد ارتكبوا جرائم مذهلة في حق الشعب والامة وان كتاباتهم قد صبت في مصلحة الفساد وشرور النظام وعلى حساب الوطن والمواطنين ,, لقد كان هؤلاء شاهد الزور والكاذب والفاجر خدموا النظام والحقوا ضررا بشعب مصر وهم يستحقون الحساب وان يقفوا امام القانون ليقتص منهم ,, ان ذلك ضروري جدا لكي يعرف الاعلامي ان ثمة حدود لا يمكن تجاوزها في العمل الاعلامي وان ثمة ضوابط يجب الات