المصالحة الفلسطينية والدولة المستقلة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
رضوان السيد
كان الإعلان عن الاتفاق بين "فتح" و"حماس"، ومن القاهرة بالذات، مفاجأةً سارّةً للفلسطينيين والعرب، ومفاجأةً مُزعجةً للإسرائيليين والأميركيين. وقد أرادت الأطراف المختلفة فهم دوافعه وخلفياته على ثلاثة مستوياتٍ متباعدة أو متناقضة:
- المستوى الأول، وهو المستوى الفلسطيني والعربي العامّ. وفي هذا المستوى يفهم الجمهور العربي أنّ الثورات العربية حرّكت أيضاً ملفَّ الانقسام الفلسطيني، ودفعت للضغط على الفصيلين من أجل إنهاء الانقسام. وقد سارع أبو مازن لطرح مبادرة على "حماس" يجيءُ بمقتضاها إلى غزة لإنهاء الانقسام والمصالحة، ومضى قُدُماً فاجتمع برئيس فريق "حماس" في البرلمان الفلسطيني، وبحث في الأمر نفسِه. وقد أجابت "حماس" بتردُّدٍ ومُفاصلةٍ في العَلَن؛ من مثل القول: أهلاً بأبي مازن، لكننا نحتاج إلى مزيد من التفاوُض، أو لا داعي لهذه المظاهر العاطفية وعلينا الانصراف إلى القضايا الحقيقية! إنما الذي يبدو أنّ اتصالاتٍ سرية بدأت بعد زيارة أبو مازن لمصر في عهدها الجديد. فقال المفاوِضان عن الفريقين، إنّ اجتماعاتٍ تمت بدمشق، وأُخرى ببيروت، وانتهت باجتماعٍ بالقاهرة برئاسة مدير المخابرات المصرية الجديد، أوصلت إلى إعلان الاتفاق على إقامة حكومة وحدة وطنية فلسطينية، تعمد إلى حلّ كلّ المشكلات الأمنية والإدارية والسياسية، وتجري انتخابات بعد عام للبرلمان وللرئاسة، ويتعدلُ خلال العام هيكل منظمة التحرير بحيث تدخلها "حماس" والتنظيمات الأُخرى. وبحسب هذا التصوُّر فإنّ الجوَّ الثوريَّ العربيَّ الضاغط، والخوف على ضياع القضية الفلسطينية، والتحسُّب لمجريات الذهاب إلى الأُمم المتحدة في سبتمبر القادم لإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة، حصل هذا الاتفاقُ أخيراً بعد انقسامٍ صرَّح عن نفسه عام 2006، وأدّى من جهة إلى إسقاط حكومة "حماس" المنتخبة بخروج الفتحاويين منها، وصيرورة "حماس" للاستيلاء عسكرياً على غزّة وفصلها عن الضفة عام 2007. ومنذ ذلك الحين جرت عدةُ دوراتٍ من المفاوضات، وإعلانات الاتفاق، بين القاهرة ومكة المكرمة ودمشق، دون أن يتحسّن الموقف، إلى أن قالت مصر قبل ثلاث سنواتٍ إنها أعدت نصاً لابد أن يوافق عليه الطرفان دونما تعديلٍ أو تبديل. وقد وقّعت السلطة، إنما لم توقّع "حماس"، ولم تُدع للقاهرة بعد ذلك. والمفهوم الآن، أنّ "حماس" وقّعت على الاتفاق بعد تعديلاتٍ غير كبيرة تتعلق بالمسائل الأمنية (أي مصير أجهزتها الأمنية)، والسياسية (العلاقة بمنظمة التحرير، وآليات اتخاذ القرار بداخلها). وبحسب وجهة النظر هذه؛ فإنّ المصلحة الفلسطينية، والظروف الثورية العربية، وشراسة الاستيطان الإسرائيلي؛ كُلُّ ذلك أدّى إلى الاتفاق على إنهاء الانقسام، للتعاون على إنهاء الاحتلال، كما قال عزّام الأحمد.
- أما المستوى الثاني من الفهم لما جرى، فيعتبر أنّ الثورات العربية أَفقدت "فتح" والسلطة الفلسطينية حليفها الرئيسي المتمثّل بنظام مبارك. ويرى أصحاب هذا التصوُّر أنّ النظام المصري السابق كان يرهن الاتفاق الفلسطيني بموافقة واشنطن والرباعية الدولية، بل بالموافقة الإسرائيلية أيضاً! ولذا فقد كان المُراد إخضاع "حماس" وإذلالها لكي تتخلَّى عن برنامجها "التحريري"، وليس التوافُق معها. لكن عقب الثورة، غيرت مصر رؤيتها لـ"حماس"، وفتحت معبر رفح؛ وحسّنت علاقاتها مع أطراف إقليمية... فقوي جانب "حماس" واضطرت "فتح" لمراعاة الواقع الجديد، واعتبار الدعم الشعبي الذي تحظى به "حماس" من جانب الشعب المصري والسلطات الجديدة، لاسيما أنّ الأُفُقَ انسدَّ عليها لجهة مفاوضات السلام بسبب التعنُّت الإسرائيلي، والتخاذل الأميركي.
بيد أنّ هناك من يُقول إنّ المفاوضات السرية بين الطرفين ما دخلت مرحلتها الجدية إلاّ بعد بدء الاضطراب بسوريا. فقد تمت المرحلةُ الأولى بدمشق قبل الاضطراب، وكانت "حماس" مترددة بين الإقدام والإحجام. وكان واضحاً أنّ الإيرانيين والسوريين ما حسموا أمرهم بعد لجهة السماح بالتواصُل مع السلطة بدلاً من الضغط لإسقاطها، ولجهة اختبار مسار الثورة المصرية الجديدة. وبذلك؛ فإذا كان أبو مازن قد تلقّى ضربةً بانهيار نظام مبارك؛ فإنّ تطورات الوضع بسوريا قد تحرم "حماس" من مقرها بدمشق. ثم إنّ تصاعُد التوتُّر يمكن أن يجلب حرباً إسرائيليةً على لبنان، والمواقع الفلسطينية بسوريا، وعلى الحدود مع لبنان، ولن تجد "حماس" مَنْ يُنجدُها بعد الاضطراب في سوريا وليبيا. ويُضافُ لذلك أنّ هناك مساراً واعداً صارت السلطة تنتهجه منذ عام وهو قَطْع التفاوُض مع إسرائيل، والانصراف إلى استجلاب الدعم الدولي. وقد يحصل الاستقلال الفلسطيني هذا العام باعتراف الجميع، وتبقى "حماس" خارجه بحجة أنها تريد التحرير بالقوة! وهكذا فإذا كانت العوامل الثورية العربية قد أثّرت في فرض التقارُب الفلسطيني، فإنّ تأثيرها كان على الطرفين، لأنّهما ضعُفا: ضعُفت "فتح" لذهاب نظام مبارك، ولرهانها على التفاوُض مع إسرائيل، وضعُفت "حماس" للتحديات التي يُواجهُها حلفاؤها، ولفشلها في فكّ الحصار عن غزة، وعدم قدرتها على مُتابعة المقاومة.
- ويأتي المستوى الثالث ليُركِّز على الضعف الذي نزل ببرنامج السلطة الفلسطينية، ليس بسبب سقوط النظام المصري، بل بسبب تعنُّت حكومة نتنياهو، وتخاذُل أوباما، وتخلّيه عن "الصمود في وجه إسرائيل" كما نصح بذلك ميتشل مبعوثه للتوسط في النزاع خلال العامين ونصف العام. فقد انجرّ أبو مازن خلال الثمانية والعشرين شهراً الماضية إلى مفاوضات علنية وسرية، مباشرة وغير مباشرة، وما حصل على شيء باستثناء الوقف الجزئي والمؤقت للاستيطان! وعندما ذهب العرب إلى مجلس الأمن، فعلت واشنطن كلَّ ما بوسعها لمنْعهم من ذلك حتى لا يُحرجوا أنفُسَهُم ولا يُحرجوا إسرائيل. وهدَّد أوباما أبو مازن حتّى بقطْع المساعدات عن السلطة. لكنّ الفلسطينيين والعرب ذهبوا إلى مجلس الأمن سعياً لقرارٍ بوقف الاستيطان، فصوّت 14 من أعضاء مجلس الأمن لصالح الفلسطينيين، واستعمل العضو الخامس عشر، وهو الولايات المتحدة، حقَّ الفيتو لمنع صدور القرار! وتُروِّجُ الصحف الأميركيةُ الآن لأخبارٍ تقول إنّ ميتشل ينصح أوباما بالخروج إلى العلن بمبادرةٍ جريئةٍ تُمكِّنُ من العودة إلى عملية السلام، في حين يُصرُّ مستشاره دنيس روس، على أنه لا ينبغي إزعاج نتنياهو ومفاجأته؛ بل لابد من الانتظار لسماع رأيه وعندها يُقرِّرُ الرئيس هل يبادر أم لا؟! لذا يعتبر الأوروبيون أنّ أبو مازن أمام هذا الموقف المسدود، ومتغيرات الشرق الأوسط ومن ضمنها اتجاه غالبية الشعب الفلسطيني للمطالبة بالوحدة، ولكي يضغط على الولايات المتحدة، ذهب للتوافق مع "حماس" تحت مظلة الجامعة العربية.
المفهوم إذن أنّ أبو مازن بهذه العودة إنما يريد إنشاء إدارة واحدة وبالطريق الديمقراطي، للدولة الفلسطينية المستقلّة. والمفهوم أيضاً أنّ "حماس" و"الجهاد" لا تعترضان على ذلك، لكنهما لا تريدان التفاوُض، وتقبلان من جهةٍ أُخرى بالاستقلال والاستمرار في المطالبة ببقية الأرض. وبذلك؛ فالشيطان سيبقى قائماً في التفاصيل. إنما المأمول أن تستطيع الأطراف الفلسطينية البقاء موحَّدةً في الشهور الممهِّدة لإعلان الاستقلال المنفرد أو المتفاوَض عليه. وإلى أن يحدث ذلك، سوف تشهد الساحة العربية المزيد من المتغيرات التي يرجَّح أن تكون لصالح دعم نضالات الشعب الفلسطيني من أجل الوطن والدولة.
التعليقات
لملمة متناقضات
د محمود الدراويش -الذين يفرحون لاتفاق حماس وعباس يفترضون الصلاح في نهج عباس وحركته , لكن اطلالة الى الوراء والاطلاع على نهج الرجل وزعامته وما انجز يخل بفرحهم ويذهب به بعيدا وربما يدخلهم الى قبو الكآبة والاستنكار ,والانتفاضة لشعب فلسطين وعذاباته ووبؤسه وحطامه ,,, نعم يجب ان نرحب ونفرح ونهلل جميعا لرحيل نهج عباس وحركته عن باحة العمل الوطني الفلسطيني وساحته ,, ان هذا ما يخدم شعبنا ,, وان كنا فرحنا ورقصنا طربا لرحيل طاغية مصر وسيد الماخور السياسي الذي جر اليه عباس وجعله رهينة له قاطنا دائما به ,, فان علينا ان نعمل لرحيل ساكنه هذا واخراجه ومن معه من قبو الهرطقة والعهر السياسي الفاضح الذي دخلوا اليه بمليء ارادتهم واستطابوا المقام فيه , ونسجت في ظلامه وحيكت كل خسائرنا وما لحق بنا من ضرر واذى ,, ان النهج السياسي الذي مارسه عباس يجب انهائه وهونهج اضاع وقتا ثمينا وخدم المحتلين قتلة شعبنا ,, لقد كنا نخشى النظام العربي , وتآمره على قضيتنا وتفريطه بحقوقنا وغيره من الاتهامات والمخاوف ,, لكطن زعامتنا اليوم تمارس وتنفذ ذات الاتهامات علنا وعلى المكشوف ,,,ولطالما رددنا ان النظام العربي يحمي اسرائيل فاذا بنا نجد زعامتنا حامية وفية لاسرائيل وقطعان المستوطنين وعلى رؤوس الاشهاد بل خجل او وجل ,,, هل ابقى عباس وحركته وعصابته شيئا لم يتجاوزوه في نهجهم ؟ وهل ابقوا على خطوط حمراء لم يثقبوا جدرانها ويحدثوا فيها اختراقا ؟ وهل حقق هؤلاء في عقدين من الزمن نجاحا ولو تافها سوى انهم اسهموا في سرقة الارض ونهبها عندما وفروا للمستوطنين امنا وحماية ؟ ,,, المصالحة هذه تطيل عمر نهج عباس وتراكم فشله وتجعله يتصرف بعناد اكبر وعنجهية اعمق , وستطيل عمر الحصار ان لم تاخذ مصر الكنانة والثورة قرارا برفعه وستطيل عمر حماس ,, وانا لا اعتقد ان في هذه الاتفاقية خدمة لقضيتنا وشعبنا, الا اذا اعتبرنا استمرار نهج عباس وحماس ضرورة وطنية ملحة وهذا ضرب من العبث والزلل والخروج على الواقع ولا يتفق مع الحقائق ,,فالذي يخدم شعبنا هو التغيير والانتفاضة على هؤلاء ,,ان في بلادنا حراكا شبابيا رائعا لم يعد يقبل بهرطقة عباس السياسية ولا بكروش عصابة فتح ولا بلحى المجاهدين وهذيانهم ,,وقد اقتربت لحظة الحقيقة ففي غزة على ما يبدوا رفض لحماس وربما لعب الحصار دوره في هذا وفي الضفة رفض تام لعباس وكلا الطرفين مهددان بالتغيير ,, وهاهم الآن يرقصون ط
لملمة متناقضات
د محمود الدراويش -الذين يفرحون لاتفاق حماس وعباس يفترضون الصلاح في نهج عباس وحركته , لكن اطلالة الى الوراء والاطلاع على نهج الرجل وزعامته وما انجز يخل بفرحهم ويذهب به بعيدا وربما يدخلهم الى قبو الكآبة والاستنكار ,والانتفاضة لشعب فلسطين وعذاباته ووبؤسه وحطامه ,,, نعم يجب ان نرحب ونفرح ونهلل جميعا لرحيل نهج عباس وحركته عن باحة العمل الوطني الفلسطيني وساحته ,, ان هذا ما يخدم شعبنا ,, وان كنا فرحنا ورقصنا طربا لرحيل طاغية مصر وسيد الماخور السياسي الذي جر اليه عباس وجعله رهينة له قاطنا دائما به ,, فان علينا ان نعمل لرحيل ساكنه هذا واخراجه ومن معه من قبو الهرطقة والعهر السياسي الفاضح الذي دخلوا اليه بمليء ارادتهم واستطابوا المقام فيه , ونسجت في ظلامه وحيكت كل خسائرنا وما لحق بنا من ضرر واذى ,, ان النهج السياسي الذي مارسه عباس يجب انهائه وهونهج اضاع وقتا ثمينا وخدم المحتلين قتلة شعبنا ,, لقد كنا نخشى النظام العربي , وتآمره على قضيتنا وتفريطه بحقوقنا وغيره من الاتهامات والمخاوف ,, لكطن زعامتنا اليوم تمارس وتنفذ ذات الاتهامات علنا وعلى المكشوف ,,,ولطالما رددنا ان النظام العربي يحمي اسرائيل فاذا بنا نجد زعامتنا حامية وفية لاسرائيل وقطعان المستوطنين وعلى رؤوس الاشهاد بل خجل او وجل ,,, هل ابقى عباس وحركته وعصابته شيئا لم يتجاوزوه في نهجهم ؟ وهل ابقوا على خطوط حمراء لم يثقبوا جدرانها ويحدثوا فيها اختراقا ؟ وهل حقق هؤلاء في عقدين من الزمن نجاحا ولو تافها سوى انهم اسهموا في سرقة الارض ونهبها عندما وفروا للمستوطنين امنا وحماية ؟ ,,, المصالحة هذه تطيل عمر نهج عباس وتراكم فشله وتجعله يتصرف بعناد اكبر وعنجهية اعمق , وستطيل عمر الحصار ان لم تاخذ مصر الكنانة والثورة قرارا برفعه وستطيل عمر حماس ,, وانا لا اعتقد ان في هذه الاتفاقية خدمة لقضيتنا وشعبنا, الا اذا اعتبرنا استمرار نهج عباس وحماس ضرورة وطنية ملحة وهذا ضرب من العبث والزلل والخروج على الواقع ولا يتفق مع الحقائق ,,فالذي يخدم شعبنا هو التغيير والانتفاضة على هؤلاء ,,ان في بلادنا حراكا شبابيا رائعا لم يعد يقبل بهرطقة عباس السياسية ولا بكروش عصابة فتح ولا بلحى المجاهدين وهذيانهم ,,وقد اقتربت لحظة الحقيقة ففي غزة على ما يبدوا رفض لحماس وربما لعب الحصار دوره في هذا وفي الضفة رفض تام لعباس وكلا الطرفين مهددان بالتغيير ,, وهاهم الآن يرقصون ط