سوريا: التحرّر من إرث الأب؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
علي حماده
في الوقت الذي يُقتل المحتجون في شوارع المدن والقرى السورية، ويختطف مئات المواطنين الاحرار من منازلهم في سعي لإسكات صوت الشعب الثائر، تدور الدائرة على النظام الذي اختار القتل سبيلاً لحل أزمته العميقة. فالموقف الدولي السلبي بدأ يرتسم في الأفق مع توالي تصريحات المسؤولين الكبار في أوروبا وأميركا المنددة بما يقترفه النظام من جرائم بحق مواطنيه. حتى إن وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه يتحدث عن ان الحكومة التي تطلق النار على مواطنيها تفقد شرعيتها. انه تحذير على جانب كبير من الاهمية، وخصوصا انه يترافق مع مساع فرنسية اوروبية لفرض عقوبات على النظام السوري تطاول الرئيس بشار الاسد نفسه. فالعالم لا يمكنه السكوت الى ما لا نهاية عن اعمال دموية. والمظلة التي يتمتع بها الاسد الابن تتلاشى يوما بعد يوم. فلا الحرص الاسرائيلي على بقاء النظام، ولا الخوف مما سيأتي بعد نظام الاسد يكفيان لمنع المجتمع الدولي من اتخاذ تدابير جدية وقاسية بحق من يقتلون الناس العُزّل. ولا يفوتنا ان نتنبه الى الموقف التركي المؤيد أساساً لبقاء النظام وحمايته من السقوط عندما يحذر رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان من ان مجزرة جديدة على شاكلة مجزرة حماه التي اقترفها الرئيس الراحل حافظ الاسد لن تكون مقبولة ولن تمر مرور الكرام، وان اعتماد خيار القتل سيؤدي في النهاية الى تصلب الموقف الدولي حيال النظام السوري وتركيا ستكون جزءا منه. ومن المهم جداً النظر الى مضمون كلام رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في باريس قبل يومين وهو لا يستبعد تدخلا دوليا إذا ما فشل الحل السوري الداخلي!
في الاثناء، يتعين على الرئيس السوري وصحبه ان يتمعنوا جيدا في الحدث الآتي من نيويورك، والمتعلق بتقديم المدعي العام لمحكمة الجزاء الدولية لويس أكامبو تقريره الاول أمام مجلس الامن حول الجرائم ضد الانسانية التي اقترفها نظام العقيد معمر القذافي، وقوله ان مذكرات توقيف دولية ستصدر في الاسابيع المقبلة لمحاسبة الاشخاص الذين يقفون خلف الجرائم في ليبيا. وهنا اشارة بالغة الاهمية الى ان عصر قتل الانظمة لشعوبها انتهى، وسيلاحق مرتكبو الجرائم. والرئيس الاسد مسؤول عما يحصل في بلاده، ولا يمكنه الادعاء انه لم يكن يعلم بما يجري على الارض. وعليه يجدر بالمسؤولين السوريين ان يقرأوا الموقف الدولي جيدا ولا يخطئوا الحساب، لأن الاخطاء تتراكم يوما بعد يوم، واذا ما استمروا في ارتكاب أخطاء فادحة كتلك التي تحصل اليوم، فلن يعود بالامكان حماية النظام ككل، بعدما أحرق الرئيس السوري وصحبه كل الاوراق العربية والدولية.
نبأ آخر لن يسر النظام اطلاقا: المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية في القاهرة. والغائب الاكبر دمشق التي كانت على مدى سنين طويلة عقبة أساسية مع طهران في وجه المصالحة. وعندما يحصل ذلك فمعناه ان العامل الفلسطيني تخطى حاجز النظام السوري بشكل كبير.
ان العزلة العربية والدولية والثورة الداخلية التي تقابل بالقتل هي سمات المرحلة الراهنة للنظام في سوريا. وقد حان الوقت ليتخلص بشار الاسد من ارث حافظ الاسد.