جريدة الجرائد

أين الحقيقة ؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

محسن الهاجري

الصورة المفبركة لما يُقال بأنها جثة لأسامة بن لادن والتي تمت المقارنة بينها وبين صور سابقة لابن لادن وتبين بشكل واضح جلي أن هناك ثمة تزويراً واضحاً وركيكاً عليها يكاد يكتشفه المبتدئون في تعلم برنامج " الفوتوشوب "، والصورة الأخرى التي قيل بأنها لجثة ابن لادن كذلك قبل إلقائها في البحر والتي تؤكد لك الشك وتعمق الريبة من جديد خاصة عندما نعلم بأن هناك من يحترفون صناعة تماثيل من الشمع مطابقة تماماً للأصل، ناهيك عن شكلها - أي الجثة - الذي يؤكد أنها للتمثال أقرب من الجثة الطبيعية، بالإضافة إلى مقولة أنه قد تم " التخلص " من جثته بإلقائها في البحر بحجة أن عدداً من الدول قد رفض إيواء تلك الجثة!!، ولا أعلم متى بالضبط تمت تلك المفاوضات ومع أي دول يتحدثون بالضبط!! هل كان ذلك في اللحظات الأولى من اغتيال أو قتل أسامة بن لادن، أم أنها مفاوضات مسبقة لتلك العملية التي زعمت الولايات المتحدة أنها نفذتها بجدارة!!، وعن أي جدارة يتحدثون؟ هل عندما ينفذ التلميذ واجباته بعد عشر سنوات من بدء الدراسة هل هذا يسمى جدارة أم بلادة؟ فالقوات الأمريكية استغرقت ما يزيد على العشر سنوات من أجل هذه اللحظة التي كانوا يحلمون بها يوماً من الأيام، فهل يُعقل أن ينتهي هذا الفيلم الأمريكي من دون " أكشن " كما يزعمون بأنهم ألقوا جثة ابن لادن في البحر.. فأين "الأكشن" في ذلك؟ نعم كان "الأكشن" واضحاً لحظة اعتقال الرئيس العراقي صدام حسين في مخبأ سري تحت الأرض أقرب إلى الحفرة أو القبر منه إلى المخبأ، أما عن خبر إلقاء جثة ابن لادن في البحر فهو أمر إلى التشكيك أقرب خاصة عندما نعلم أن الأمريكان وبالأخص الجيش الأمريكي قد فعل الأفاعيل مع معتقلي جوانتنامو وغيرهم من المشتبه بتورطهم في عمليات " إرهابية حسب زعمهم " ناهيك عن الآلاف من أفراد الشعبين العراقي والأفغاني الذين ذاقوا الأمرين من أولئك الجنود فقط لمجرد الاشتباه بهم أو لمشاركتهم في أعمال مناهضة لهم، فكيف نصدق أنهم قد شفوا " غليلهم " من رأس المطلوبين والمتهم الرئيس في أحداث الحادي عشر من سبتمبر وزعيم القاعدة بهذه السهولة، أكاد أجزم بأنهم لو أتيحت لهم فرصة التنكيل بجثته لفعلوا، خاصة أنهم قد فعلوا بالمشتبه بهم ما يشيب له الولدان فكيف بهم إذا أمسكوا بابن لادن نفسه حياً أو ميتاً؟! وليست أحداث سجن أبو غريب ببعيدة كي ننسى تلك الأعمال البشعة والقذرة التي فعلها الجنود الأمريكان في المعتقلين العراقيين، ناهيك عن مئات القصص عن حالات الاغتصاب والاعتداء في العراق وأفغانستان.. إنه تاريخ يصعب معه تصديق إلقاء جثة "عدو" في البحر بهذه السهولة.
إن الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت منذ فترة في إجراء اتصالات مع بعض الدول التي لم توقع على معاهدة روما بهدف البحث عن دولة يتم نفي معمر القذافي إليها بناءً على مكالمة حدثت بين القذافي وأوباما قيل بأن القذافي طلب فيها من الرئيس الأمريكي إيجاد مخرج له من هذه الورطة، لذا فإنها قد اجتهدت في البحث عن دولة لم توقع على اتفاقية أو معاهدة روما والتي تفرض على الدول الموقعة بأن تقوم بتسليم مجرمي الحرب الذين صدرت في حقهم أحكام من محكمة الجنايات الدولية ذلك أن القذافي قد صدرت ضده أحكام سابقة وتم تعريفه كمجرم حرب، وقد قرأنا بأن عدداً من الدول الإفريقية الصغيرة قد أجابت بالقبول ولكنها - أي أمريكا - تنتظر المزيد من الموافقات كي تشرع بنفي القذافي إليها رغم أن الولايات المتحدة نفسها لم توقع على تلك الاتفاقية أي أنها من الممكن أن تستضيفه إن رغبت بذلك، لكنها لا تريد أن تجلب لنفسها " المشاكل " ولكنها تُؤثر أن تجلب لغيرها كما فعلت عندما أقامت معتقلات جوانتنامو بعيداً عن أرضها.
أعود لأقول هل الولايات المتحدة التي فعلت كل ذلك تأتينا اليوم عاجزة عن إيجاد مأوى لجثة ابن لادن؟!، إنها لو أرادت أن تتخلص من مخلفات نووية ضارّة بالإنسان والبيئة لأوجدت لها مكانا في خلال أربع وعشرين ساعة.. طوعاً أو كرهاً، فكيف لنا أن نصدق مثل تلك الأخبار المتفاوتة الغريبة عن مقتل ابن لادن والظروف التي سبقتها أو لحقتها، خاصة أن الحكومة الباكستانية نفسها لم تعلم بما جرى إلا مثلنا عبر القنوات الفضائية ربما.
هل هناك مسرحية ما تجري أمام أعيننا عبر القنوات الفضائية بهدف لفت الأنظار إلى مقتل ابن لادن ونهاية هذا الفيلم الأمريكي الطويل من أجل أن تتوقف الحكومة الأمريكية عن ضخ المزيد من الأموال في البحث عن ابن لادن في عهد أوباما الذي تعرض فيه اقتصادها إلى خسائر فادحة تستدعي إيقاف ما كان مبتدءاً به في عهد جورج بوش الابن الذي استنزف اقتصادها بشكل ملحوظ من خلال حربين جائرتين في العراق وأفغانستان؟ أم أنها مسرحية للالتفاف حول تتابع الثورات التي أصبحت تقض مضجع إسرائيل التي بدأت النهضات تسري في الدول المحيطة بها، فهل هي إثارة للانتباه أم أنها وقائع حقيقية حدثت بالفعل ولكنها ليست كما تقول الرواية الأمريكية؟
وإذا كانت تلك الأحداث مختلقة أو تم تزييفها على أرض الواقع، فما المغزى منها؟ ولماذا تم تحريفها بهذا الشكل؟ هل قتلوه حقاً أو اعتقلوه وقالوا بأنهم قتلوه كي ينالوا منه كيفما يشاءون؟ أم أنه قد مات فعلاً وفاة طبيعية أو بمرض فاغتنمت الولايات المتحدة الفرصة لتعلن في سرعة فائقة بأنها هي من فعلت ذلك!!، لتخرج بذلك بصورة المنتصر أمام شعبها وأمام العالم بأسره في مشهد أخير ركيك من فيلم أمريكي تم صرف ملايين الدولارات عليه ولكنه لم يرتق أخيراً للدخول إلى صالات السينما فتم حجبه عن الجمهور بعد كل تلك الجهود.. فأين الحقيقة يا ترى؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف