جريدة الجرائد

أميركا والحريات الدينية في مصر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عمار علي حسن



تعود المصريون أن يدخلوا في جدل كبير كلما صدر تقرير الخارجية الأميركية عن حالة الحريات الدينية في مصر، فبعضهم يبتهج به ظناً منهم أن فيه خلاصهم، أو الانتصار لهم، وأنه سيعبد الطريق أمامهم لنيل حقوقهم المهضومة وحصصهم المؤجلة. وعلى الضفة الأخرى يمتعض منه البعض لأن فيه مسّاً مباشراً بالخصوصيات الثقافية والسمت الديني والأمن الوطني. وفي الحقيقة فإن أتباع الفريقين يعيشون وهماً كاملاً، تدركه قلة منهم لكنها تناور لتعظم مكاسبها، أو لتدفع عنها بعض الضرر، وتستغله أخرى كورقة سياسية لا علاقة لها بالدين من قريب أو بعيد.

إن تقييم ما ورد بالتقرير لا يتم بعيداً عن وضع الأمر في نصابه وسياقه الطبيعي بعيداً عن المزايدات والمشاحنات والتربصات والآمال المعلقة والأوهام المجردة، ولهذا فقبل أن يناقش أحد ما ينطوي عليه التقرير من مضامين ومعلومات عليه أن يمعن النظر في هذه الملاحظات:

1 - هذه المشكلات التي أوردها التقرير ليست من صنع ثورة 25 يناير ولا رئيس الوزراء عصام شرف وإنما هي من ميراث مبارك وتركته الثقيلة التي خلفها وراءه ويحتاج التخلص منها إلى وقت.

2 - إن التقرير تقليد سنوي، لا يخص مصر وحدها وإنما يتناول حالة الحريات الدينية في 189 دولة بما فيها الولايات المتحدة. كما أنه لا يضع مصر في الدول الأكثر انتهاكاً لهذا النمط من الحرية بينما وضع فيها كلاً من ميانمار والصين وإريتريا وكوريا الشمالية ودولاً أخرى.

3 - لا يستهدف التقرير الإسلام كدين، بل إنه يندد بالاضطهاد الذي يتعرض له المسلمون في بعض الدول مثل ميانمار، التي قامت سلطتها قبل عقود بقتل عشرات الآلاف من المسلمين وصنعت أهرامات من جماجمهم، وطردت مئات الآلاف إلى بنجلادش. كما يبدي التقرير انزعاجه من عدم احترام حقوق المسلمين في أوروبا في ظل الخوف العام المتزايد من الإسلام.

4 - لا يستثني التقرير الولايات المتحدة نفسها من وجود نقائص في الحريات الدينية، وهو ما اعترفت به وزيرة الخارجية الأميركية حين أكدت أن التقرير لا يعفي بلادها من مسؤولية مكافحة التمييز الديني فيها، والحفاظ على حقوق الأقليات الدينية وكذلك حقوق من لا دين له، وأن هناك شكاوى تتعلق بجرائم الكراهية والتمييز على خلفيات دينية داخل أميركا يحقق فيها الآن.

5 - على رغم أن الإدارة الأميركية تزعم أن ما ورد في التقرير لا يعبر عن رؤية الأميركيين للحريات الدينية، بل يعكس ما تتضمنه القوانين الدولية وميثاق حقوق الإنسان، فإن استغلال واشنطن لمثل هذا التقرير في الضغط على أنظمة بعينها أمر متوقع. ولكن مستوى الضغط ودرجته والإصرار عليه من عدمه يتوقف على علاقة هذه النظم بالسياسات الأميركية. وفي حالة مصر فإن واشنطن لا تزال تنظر إليها باعتبارها حليفاً استراتيجيّاً، ومن ثم فليس من المتوقع أن يتمادى الأميركيون في استعمال التقرير لدفع السلطات المصرية إلى اتخاذ إجراءات ترى واشنطن أنها ضرورية لتعزيز الحريات الدينية.

6 - إن ادعاء الإمبراطوريات أنها مهتمة بقضايا الحريات والتنوير والتقدم في العالم ليس جديداً، بل يستغل كأداة من أدوات تحقيق مصالح هذه الإمبراطوريات. ويقدم الباحث الألماني هيرفريد مونكلر في كتابه الأثير "الإمبراطوريات: منطق الهيمنة العالمية من روما القديمة إلى الولايات المتحدة الأميركية" أدلة دامغة على هذا. والولايات المتحدة أنشأت إدارة لحقوق الإنسان في وزارة الخارجية خلال فترة حكم كلينتون لاستخدامها في الضغط على بعض الأنظمة غير المتوائمة مع سياسة أميركا في العالم.

7 - إن حالة الحريات الدينية في مصر ليست على ما يرام، ولكنها لا تصل إلى حد الاضطهاد، فهذا مصطلح يقوم على وجود نصوص وإجراءات تجعل فئة أو طائفة أو شريحة ما منبوذة ومهضومة الحقوق الأساسية المتعلقة بكرامة الإنسان وحاجته الطبيعية. أما ما تعاني منه مصر فهو التمييز على أساس الدين، حيث يحرم المسيحيون من تولي بعض الوظائف العامة الكبرى. ولكن هناك أشكالاً أخرى من التمييز على أساس الإقليم والطبقة، فالمهمشون يعيشون حياة غير آدمية، وأبناء البدو يعاملون كالغرباء، وأغلب قاطني الصعيد يعانون من حرمان اقتصادي مزمن.

8 - يخلط التقرير بين "السياسي" و"الديني" فـ"الإخوان" مثلًا كانوا أيام حكم مبارك مضطهدين في السياسة، حيث الاعتقالات المستمرة والمحاكمات العسكرية وعدم تمكينهم من ممارسة حقوقهم كمواطنين، لكنهم لم يكونوا مضطهدين في "الدين" أبداً. والمسيحيون يواجهون تمييزاً على أساس الدين، لكن جزءاً كبيراً من التمييز السياسي ضدهم يعود إلى سلبيتهم ورهن إرادتهم السياسية بيد رجال الكنيسة، الذين يقدمون رعاياهم قرباناً للسلطة في كل انتخابات، ويعززون مصالحهم الذاتية على حساب المصلحة العامة للمسيحيين.

9 - يعود جزء من تردي أحوال الحريات الدينية في مصر إلى المرض العضال الذي أصاب الحريات العامة جراء التصرفات التي انتهجتها السلطة السابقة، لكن جزءاً آخر يُعزى إلى إرادة المؤسسات الدينية نفسها فالأزهر يضغط للتضييق على الشيعة ولا يروق له تصحيح بعض المفاهيم، والكنيسة الأرثوذكسية تضغط لحصار التابعين لكنيسة ماكسيموس، وتمتعض من التبشير الذي يقوم به البروتستانت والكاثوليك في مصر.

10 - هذا تقرير غير ملزم، لأن أميركا ليست لها ولاية ولا حق قانوني يتيح لها ترتيب الأحوال الدينية بدول مستقلة ذات سيادة، وهذا الحق منصرف فقط إلى المؤسسات التابعة للأمم المتحدة. لكن التقرير مفيد في تسليط الضوء على مشاكل لدينا، علينا أن نعالجها ذاتيّاً بعدالة ونزاهة واقتدار حتى لا نعطي الآخرين فرصة لدس أنفهم في أمورنا.

11 - لا يمكن فصل التقرير عن النموذج الاجتماعي الغربي، المليء بالعيوب والثقوب الذي يفشل حتى الآن في حل مشكلات مطروحة على المجتمعين الأوروبي والأميركي، ولا يرقي أبداً إلى النموذج السياسي الذي أنتج الديمقراطية ولذا علينا أن نتعلم منه ونحذو حذوه، بينما لن يكون من المفيد أن نعتقد أن المقترحات الاجتماعية الغربية قابلة للتطبيق بحذافيرها في بلادنا. وعموما فهذا التقرير الأول عن مصر بعد الثورة، وأتصور أن الخطى التي تقطعها البلاد في الوقت الراهن نحو الديمقراطية والعدالة ستؤدي إلى اختفاء هذه المشكلات تدريجيّاً.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الي الكاتب العزيز
ابو الرجالة -

الي الاخ الكاتب الفاضل مع جزيل الاحترام اسوق لك هذا من كتابنا المقدس لكي نضع النقط فوق الحروف سفر ارميا اصحاح 17 من عدد5 (هكذا قال الرب ملعون الرجل الذي يتكل علي الانسان ويجعل البشر ذراعة وعن الرب يحيد قلبة )سيدي الفاضل اننا نحن الاقباط نشكو مرالشكوي لمجتمع دولي منافق كذاب لا يهمة الا خوفا من الارهاب او تملقا للدولار وليس لدينا جحافل القتل لنخيفهم بل تسامح وحب وهي بضاعة رخيصة في زمن القنابل الانتحارية وعبادة الدولار وحدة لا شريك لها صدق او لا تصدق من 40 عام للان قتل اكثر من 3 الاف قبطي في حوادث متفرقة وهدمت كنائس وخطفت فتيا ت ولم يعاقب معتدي واحد بل ان عقاب الاقباط يظهر بقسوة ووحشية من الاجهزة الرسمية نفسها ففي حادثة العمرانية حيث راحت الشرطة تحصد الشباب لانهم تجرؤا وارادوا الصلاة بدون اذن وهو يعني ان الكنيسة ستتحرر من الاذلال في التصاريح والابتزاز وقتل 5 وجرح 175 كلهم في حالات خطرو توفي منهم اربعة وتم القبض عليهم مقيدين وهو مجروحين ناهيك عما فعلة الجيش في المقطم منذ فترة وجيزة بقيت نقطة عديمة التصديق في القرن الواحد والعشرين لا يسمح للاقباط بترميم دورة مياة في كنيسة وياما اشتكينا لكن كلام الله لا تسقط منة كلمة او حرف واحد فعلا ملعون من يتكل علي ذراع البشر لاننا نشتكي للناس ولهذا نستحق اللعنة اما الكارثة التي لا يريد الاقباط ان يفهموها لشدة سذاجتهم ام امريكا هي سبب بلايا المسيحيين في العالم كلة نعم امريكا سبب بلايا المسيحين في العالم كلة بل اليوم قتل امريكي لانة حاول حرق مسجدا بينما كنائسنا تحرق وتهدم ونقتل بلا عقاب امريكا سبب بلايا المسيحيين في العالم كلة الحصاد الامريكي المر للمسيحيين في العالم كلة1- قتل بوحشية 3 مليون سوداني جنوبي بعضهم بالكيماوي وتشريد 5 مليون وسط صمت امريكي مخجل وغالبا دول الغرب كانت تساعد الشمال٢- الاحتلال الامريكي للعراق كان وبالا علي المسيحيين علي عين الجندي الامريكي الجبان ذبح قسس بل ومطران بل تهجر نصف المسيحيين وامريكا راضية سعيدة3- واترك ما حدث للاقباط لحصافتكم واحصائياتكم ولولا وجود اقباط في امريكا لهم قوة صوتية ومادية لما اهتمت منظمات حقوق الانسان التي تنشر اضطهاد الاقباط علي استحياء مخجل بل ان موقف اوربا من المسيحين الاقباط كان اشرف من امريكا مرات4- قتل ربع سكان ايست تيموا(تيمور الشرقية) وسط صمت امريكي ومخجل ولول

مثالاً للتقدم والرقي
امريكاني -

إحنا في مصر لازم نتصرف زي الدول المتقدمه خذ مثلاَ سويسرا إستفتاء شعبي على منع بناء المآذن للمساجد وخذ مثلاً فرنسا منع إرتداء الحجاب في المدارس وكذلك منع النقاب في ألأماكن العامه ومنع تمويل المساجد من الخارج إلخ إلخ ، يعني لازم بكره نطرح إستفتاء في مصر على منع بناء المآذن والقباب للكنائس ومنع وضع الصلبان على الكنائس ومنع وشم الصليب ومعرفة مصادر تمويل بناء الكنائس وأن لاتكون من خارج مصر، كذلك الدول المتقدمه مثل امريكا بتفتش المساجد وتتجس عليها حتى احياناً تعمل مسح إشعاعي حولها لذلك لابد ان نفتش ونتجسس على الكنائس ومايقال في داخلها لان حسب الرويات هناك اسلحه وسجون في الكنائس .. نكتفي بهذا القدر ونريد ان نكون متطورين مثل الدول الاوربيه والامريكان ونطبق نفس المعامله في كل الشرق الاوسط وحتى تكون مثالاً للتقدم والرقي.

الي امريكاني
باشا -

مع كل احترامي لك انت لا تعرف ما تتكلم عنه. ان الكنيسة ياأخي هي بيت الله حسب مفهومنا وكما قال يسوع نفسه. لا يمكن ياخي ان انسان مثلك يكرر كلاما بدون برهان. اذهب اخي الي اي كنيسة واذا وجدت سلاحا او وجدت اي انسان يتكلم عن اي موضوع سوي خلاص النفس وحب العدو ابقي اتكلم. ان تقول كلاما يدل عل عدم دراية فهو امر لا يليق من انسان يبدو من طريقة كتابته انه علي درجة من الثقافة. ان الكنائس اخي تبني حسب طقس معين لا يمكن تخرج عنه فمثلا الهيكل يكون دائما ناحية الشرق وبعد ذكل صحن الكنيسة وحجرة المعمودية لها مكانها الذي لا يختلف من كنيسة الي كنيسة, وكذلك حجرة عمل القربان التي تسمي ببيت لحم. ليس هناك في الكنائس اخي حجرة للسلام ولا حجز احتياطي او سجن. كل ما ارجوه منك هو ان تقوم بزيارة لعدة كنائس وستجد كل حب واحترام وانظر بعينيك بدلا من ان تردد ما يقوله الاخرين الذين يريدون الفرقة بين المسيحين والمسلمين. مع تحياتي ومحبتي

الى رقم 3 باشا
أبو القاسم -

ادعو لك اخى بطول العمر، تعيش وتدافع عن ايمانك، ونعيش ونكيل لكم الاتهمات. تعيش ويضيع عمرك فى رد الاتهامات، ونعيش ونضللكم عن تحقيق اهدافكم فى حياة افضل (مننا).شعارنا منذ القديم:keep them busy .. keep them busy.

الي اخي ابو لقاسم
باشا -

اخي الفاضل اشكر محبتك ودعائك لي وانا ايضا ادعو لك بطول العمر. انا اخي لا اقصد الدفاع عن ايماني, اقصد فقط ان اقول لاخي امريكاني ان لا يشترك في حملة ترديد كلام من غير اثبات. صدقني اخي ان كنائسنا اقدس من ان يدخلها سلاح او تكون مكان لسجن احد. هذه اكذوبة اطلقها احد المسمين دعاة او كتاب في مصر. أن الكنائس امامهم يذهبوا وينظروا بعيونهم. هناك اية تقول: لهم عيون ولا ينظرون ولهم اذان ولا يسمعون. شكرا مرة اخري