فتنة الدوار

سعيد الحمد

فتنهم الدوار او اصابهم بالغرور؟؟ انه احد اسئلة التجربة المريرة والدروس الكثيرة التي قد نستغرق شهورا وقد نحتاج سنينا حتى نستوعبها ونفهم عبرها.. والعبرة لمن اعتبر.
عندما تلتفت فجأة لترى احبابا تقاسمت معهم اللقمة ورفعتهم فوق كفوف المحبة واحطتهم بالمودة فاذا بهم هناك يرفعون شعارات تصرخ بك وتطلب منك ان ترحل وتهددك بجيوش الاغراب في صفقة مؤلمة موجعة يباع فيها الوطن على ايدي بعض ابنائه ممن فتنهم الدوار وما ادراك ما فتنة الدوار وهي مغوية وماكرة لكن مكر التاريخ اكبر.
لم يقرؤوها عند الفيلسوف هيغل "مكر التاريخ" ولم يكسروا الجوزة ليعرفوا ما بها لكنهم فقط فتنوا بقوة الاغراب وبأسهم فخرجوا من دائرة عشق الوطن.. خرجوا وهم الذين كانوا احبابك وخلانك وبعض رفاق دربك إلى حيث الدوار في فتنته.
لم يكتفوا بذلك بل قلبوا الحقائق، واصبحت انت المتمسك بتراب الوطن، اصبحت في عرف ثقافة الدوار "ساقطا وخائنا" فاخرجوا قوائم العار تحمل اسمك لانك رفضت الدوار وقلتها بالفم الميان "لا" فحقت عليك لعنة الاغراب القادمين لاحتلالك من خلف يافطات رفاق واحباب واصدقاء.
فتنة الدوار خطفت ابصارهم ام خطفت بصيرتهم؟!
ذلك سؤال كان يخترقنا كان يأكل منا وكان يعترينا بقسوة قاسية ونحن نرى وجوها كانت يوما تتغنى بالوطن فاذا هي مستعدة لبيعه واذا هي تنادي عليه "معروض للبيع" هناك في الدوار الذي اختاره المخطط ليكون منصة خروج إلى الجحيم ومنصة صفقة بيع الوطن للاغراب.
لحظة الغلو والغرور ولحظة الفتنة التي ذهبت بعقولهم وكان السؤال اين البصر واين البصيرة في تجربة الدوار التي كانت افرازا لاسوأ ثقافة هي ثقافة الموت وثقافة الكراهية وثقافة التسقيط التي كانت الشعار المدوي في عنان السماء تهتف به حناجرهم في تلك الليالي السوداء الراقصة على جرح الوطن ونزيفه النازف.
لماذا تركتم الوطن وحيدا؟.. من خدع من؟.. ومن اغوى من؟ ومن مكر بمن؟.. واسئلة اخرى يحملها الصغار الذين نفتح وعيهم البكر على انقلاب الدوار.. فكيف؟.. كيف سيكون جوابكم لهم حين يسألونكم لماذا انقلبتم على الوطن ولماذا تركتموه وحيدا؟!
حتى الشعارات والهتافات استعارها الدوار من بلاد الاغراب ومن حناجر واصوات الغربان هناك فاذا بالموت هو الشعار واذا بالكراهية هي اللغة وهي المفردة السائدة بين اهل الدوار في لعبة تبادل الادوار وتوزيع المهام ما بين الدوار وما بين مستشفى السلمانية.
ففي هذه المسافة الممتدة ما بين الدوار وما بين المستشفى كانت اللعنة القادمة من بلاد الاغراب تضحك وتنتشي كلما زادت شعارات الموت واقترب طوفان الدم من لحظة اصطدام الدم بالدم في وطن الخلود الذي جاءه يوما قلقامش يبحث عن زهرة الخلود فوجدها وجاء احفاد احفاده ليلطخوها، تلك الزهرة الجميلة، البحرين، بدم اخوانهم ودم احبابهم ودم اطفالهم وليقدموها قربانا على مذبح الاغراب.
لم يدركوا وهم مفتونون بدوارهم ان ثقافة الدم اذا من انطلق شلالها الطاغي لن تقف عند حد محدود ولن تفرق بين مواطن وآخر وبين طفل من داخل الدوار وبين طفل من خارجه فالقادمون الاغراب يريدون احتلال الوطن كل الوطن بأهله وناسه من داخل الدوار وخارجه.. لكنهم لم يفهموا!!
فهل كانت فتنة الدوار اكبر من وعيهم؟ ام اختطفت الوعي منهم؟ ام هو تدبير وتخطيط ووعي مدفون ومخبوء مند سنين وحانت في تقديرهم ساعة تنفيذه لصالح طرف لم يخف يوما اطماعه في هذا الوطن بحثا عن زهرة الخلود التي سكنت مياهه واعماقه فكانوا مجرد ادوات للغريب ينتصر بهم على وطنهم؟
سؤال موجع لكنه احد اسئلة محنة الدوار واحد اسئلة الفتنة "فتنة الدوار" التي سنحتاج سنينا ونحن نقرأ فيها العبر ونبحث عن الدروس كي نفهم.