الأردن والخليج.. والملفات المطلوبة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سمير الحجاوي
ترحيب مجلس التعاون الخليجي بانضمام الأردن والمغرب للانضمام إلى المنظومة الخليجية يفتح أمام البلدين آفاقا جديدة وكبيرة في منطقة تعج بالثورات والأزمات والاضطرابات، الأمر الذي يمكن قراءته على أكثر من مستوى وأكثر من صعيد.
لا شك أن دول الخليج العربية الغنية بالنفط تشكل الرافعة الاقتصادية الأهم في العالم العربي حاليا، كما أنها الأقدر على التحرك السياسي بل والعملياتي على الأرض في الآونة مقارنة من جامعة الدول العربية التي تعاني من الشلل الكامل، وقد تجلت هذه الحيوية في البحرين وليبيا واليمن بشكل أساسي.
بطبيعة الحال لا نريد أن نستبق الأحداث ونعتبر أن عضوية الأردن والمغرب أصبحت وقعا ملموسا، فالعمل الخليجي الرسمي يتميز بالبطء والبيروقراطية بل والتراجع أحيانا عما يتم الاتفاق عليه "عن طريق تمويت المسائل" وتحويلها إلى لجان لا تصل إلى أي نتيجة أبدا.
ربما يكون انضمام الأردن إلى المنظومة الخليجية أكثر منطقية من المغرب بسبب التواصل الجغرافي، فهو الجار الشمالي للجزيرة العربية، ويتداخل السكان في الأردن مع الجزيرة العربية في العادات والتقاليد الاجتماعية والحياتية، وهذا ما يجعل من الأردن امتدادا طبيعيا للجزيرة العربية وبوابتها نحو الشمال، مما يعطيه أفضلية إستراتيجية " بشرية وجغرافية"، في حين قد يفسر ضم المغرب إلى المجلس على أنها خطوة لتعزيز الأنظمة الملكية في العالم العربي ومحاولة استباقية للحيلولة دون سقوطها هي الأخرى كما سقطت أنظمة الحكم في تونس ومصر، وإبعادها عن شبح عدم الاستقرار على غرار ليبيا واليمن وسوريا، بل إن البعض يذهب أبعد من ذلك ويعتبر أن مجلس التعاون سيتحول إلى ناد للأنظمة الملكية العربية، وهي الأنظمة التي أثبتت أنها الأكثر استقرار في مواجهة الاحتجاجات والمظاهرات المطالبة بالحرية في الدول العربية.
ورغم كل هذه المبررات على الأردن أن لا يعتبر الانضمام إلى "مجلس التعاون الخليجي" مضمون وأنه "تحصيل حاصل"، لأن هذا الأمر غير صحيح، فعمان مطالبة بإعداد ملفات كثيرة تقنع دول الخليج بجدوى عضويته، فهذه العضوية تعني "أخذ وعطاء"، وتعني أيضا أن الأردن يحتاج إلى "تسويق نفسه، وإغراء دول الخليج بجدوى انضمامه إلى منظومته، وهذا يتطلب التعامل مع دول الخليج العربية بشكل جماعي وفردي، وتوظيف كل القدرات والإمكانات البشرية الكفؤة والتي لها دراية كافية بالخليج العربي، وعدم التعويل على أن بلوغ عضوية مجلس التعاون سيتم عبر "فناجين القهوة وبوس اللحى"، فدول الخليج تتعامل حاليا على أساس معادلة المصلحة، ولا باس أن تكون المصلحة متبادلة ومقنعة وذات جدوى، وهذا يتطلب من الأردن إعداد ملفات حقيقة وشفافة ودقيقة حول العمالة الأردنية والوضع الاقتصادي والفساد وكلفتة ووضع التعليم والصحة والاستثمارات المطلوبة، وتوجهات السياسة الخارجية، إضافة إلى إعداد ملفات حول ما يمكن أن يقدمه الأردن إلى دول الخليج مقابل الدعم الاقتصادي وامتصاص فائض العمالة، كل ذلك في إطار من الشفافية الكاملة والمعلومات الدقيقة.
هذه المهمة لا تستطيع الحكومة الأردنية أن تقوم بها بمعزل عن النقابات العمالية والمهنية والاتحادات والروابط ومؤسسات المجتمع المدني ومراكز الأبحاث الجادة، والاستئناس بأصحاب الخبرة في الشؤون الخليجية.
أكبر مطب يقع فيه الأردن هو أن يتعامل مع ملف الانضمام إلى منظومة "مجلس التعاون" من منطلق حسن النوايا، وهو منطلق مقبول ومنطقة وضروري إلا أنه لا يكفي، بل عليها أن يتعامل وكأنه يتقدم إلى امتحان عسير عليه أن يجتازه بكل اقتدار، وأن يقدم أوراق اعتماده بكل كفاءة، وعدم استثناء أي فئة من المواطنين خاصة "الأردنيين من أصل فلسطيني" الذين يجب أن يكونوا جزءا من هذه المنظومة، لأن استثناءهم سيوضع تحت المجهر وسيؤخذ بعين الاعتبار وسينظر إليه بكل دقة.
لقد حان وقت العمل للدبلوماسية الأردنية لاستثمار هذا العرض الخليجي المهم والحيوي، والذي يمكن أن يساهم بحل مشاكل الأردن الاقتصادية، وهو استثمار سيزهر ثمارا طيبة للأردنيين والخليجيين معا.