أحلام الحسم المتهالكة!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
نبيل بومنصف
لم يبلغ مستوى العدائية بين قوى 8 آذار وقوى 14 آذار حتى في لحظة الذروة حين جرى اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري المنسوب الذي اضحت عليه حاليا بين العماد عون وكل من الرئيسين سليمان وميقاتي. ولولا امساك النائب وليد جنبلاط العصا من وسطها لخلنا ان الاكثرية الحديثة النشأة ذاهبة بدورها الى هلاك مبكر تحت وطأة الحسابات الانقلابية اياها التي استهدفت "الأعداء" التقليديين. فها هم العماد عون والحلفاء اداروا احدث الاستعادات التي دأبوا على رمي 14 آذار بها لجهة اتهامها بالتبعية للاميركيين مع تبديل الوجهة الاتهامية الى بعبدا وفردان لمجرد ان المرجعين الدستوريين لم يسلما بعد، او لم يستسلما بالاحرى، لشروط استيلاد حكومة اللون الواحد الفاقع.
معنى ذلك ان صقور الاكثرية لم تعد تعنيهم الحكومة بذاتها اكثر مما يعنون بقلب قوانين اللعبة السياسية رأسا على عقب ان عز راهنا الانقلاب على الدستور.
هو حلم عتيق بطبيعة الحال لا يخفي الحنين اليه اطراف ناهضوا الطائف او لم يشاركوا في وضعه اصلا. غير ان استهداف قوى حليفة لسوريا قوى اخرى لا تقل عنها تحالفا معها يتخذ بعدا شديد الاستثنائية. لكأننا واقعا امام سليقة لبنانية، من داخل الفريق المحسوب على سوريا بالخالص، تندفع بلا هوادة الى مواجهة الشطر الثاني من هذا المعسكر على خلفية "حسم سياسي" مواكب للحسم الامني الذي تتوالى فصوله في "سوريا الثورة".
ولكن يستحيل على الرئيسين سليمان وميقاتي حتى من ضمن تحالفهما مع النظام السوري اسوة بالشركاء - الاعداء ان يسلما باسقاط ما تبقى من اوراق التين عن عري النظام اللبناني تحت ضربات الطموحات المنتفخة. وهما ان فعلا لأسلسا القياد لموجة اخطار قد يعرف البعض كيف تبدأ ولكن يستحيل على الجميع ان يدركوا المدى المخيف الذي ستبلغه حتما.
بطبيعة الحال ثمة حسابات تتعلق بخصوصية كل طرف. الفريق المهاجم في الاكثرية تحت ستار "الحقوق" يجد فرصة لن تتكرر لاخضاع الموقعين الدستوريين وحينذاك يمتلك ناصية القرار الحاكم في جمهورية الاكثرية الجديدة. رئيس الجمهورية ان سلم بالقضم المنهجي الذي يستهدفه يستسلم في منتصف ولايته. رئيس الحكومة المكلف ان لم يتحصن وراء صلاحياته يتحول بيدقا بيد "حزب الله" تحديدا. هذه الحسابات طارئة تماما ولم تكن ماثلة على شاشة الاكثرية في 25 كانون الثاني الماضي. لكن المنحى الانقلابي الان يجري على ايقاع وتيرة خارجية مكشوفة فيما يتهم المستهدفون بالهجوم بالتبعية لخارج آخر.
بذلك يخطئ اصحاب الحلم تماما في توقيته بدليل انهم وضعوا رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف في موقع سيستحيل عليهما معه الانكفاء والتراجع اقله حيال الشروط المستحيلة والا ذهبت الجمهورية ضحية حكومة الصقور في ظروف خارجية انقلابية تنهار معها كل تجارب "الحسم" العتيقة المنقرضة.