جريدة الجرائد

المواطنة بين الدين والمذهب

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

محمد الهرفي

المواطنة تعني طبيعة العلاقة بين الفرد والدولة بحسب قانون تلك الدولة وبما تتضمنه من الحقوق والواجبات.. وهذه العلاقة طوعية اختيارية قائمة على الاختيار الحر والتعايش السلمي بين جميع مكونات الشعب مهما كانت مذاهبهم أو أديانهم.
وقد اعترف الإسلام بحقوق المواطنة - قولاً وعملاً - فكان يعامل المسيحيين واليهود معاملة كريمة، هذا فضلاً عن معاملة أصحاب المذاهب الأخرى الداخلة في نطاق المذاهب الإسلامية المتنوعة.
هذه مقدمة سريعة كان لابد منها عندما نريد الحديث عن بعض الأحداث المؤسفة التي نراها في بعض بلادنا العربية والإسلامية مثل مصر والباكستان وبعض دول الخليج، التي كان لها تأثير سلبي كبير على طبيعة العلاقة بين المواطنين في هذا البلد أو ذاك.
التوتر بين المسلمين والأقباط في مصر ليس جديداً، ولكنني كنت أتوقع أنه سيختفي بعد الثورة المصرية التي أسهم فيها المصريون جميعاً على اختلاف أديانهم ومذاهبهم، وأيضا بعد أن ثبت أن بعض الفتن الطائفية الكبرى كانت الدولة وراءها مثل تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية، كل ذلك بهدف إضعاف الصف الداخلي وليبقى الحاكم ومن معه مقصداً للجميع، ولكن أحداث إمبابة وما جرى فيها، وكذلك تداعياتها أعاد إلى الأذهان تلك الصور الكئيبة عن مآسي الفتن الطائفية، وكأن من فعل ذلك أراد أن يعيد مصر إلى مربعها الأول، كثر الحديث عن ضرورة تدخل الجيش، وكذلك الإساءة لبعض أتباع هذه الطائفة أو تلك، وكثرت تبادل الاتهامات من كلا الجانبين، المسلم والقبطي، وكل يدعي أنه صاحب الحق، وأن على الدولة أن تعاقب الطرف الآخر وبسرعة.
من الجيد أن الحكومة المصرية اتخذت إجراءاً سريعاً عندما قبضت على السيدة "عبير" التي وصفتها بـ "صانعة الفتنة" وجيد أيضا موقف المفتي وشيخ الأزهر، وكذلك الخطب التي ألقيت في الجمعة الماضية في ميدان التحرير والتي أكدت أهمية الوحدة الوطنية، كل ذلك جميل ولكن الأجمل منه لو أن الحكومة المصرية وكل دولة تحدث فيها مثل هذه الفتن أن تجري تحقيقاً فورياً في سبب تلك الفتنة واتخاذ العقوبة الفورية تجاهها.
الفتنة الأولى كانت بسبب "كاميليا" والثانية بسبب "عبير" التي قيل أنهما أسلمتا ولكن الكنيسة سجنتهما وعذبتهما لكي يرتدا عن الإسلام!! كان من السهل على الدولة أن تكتشف السبب بسهولة، ثم تطبق قانون الدولة فإذا كان هذا القانون يبيح للمواطن أن يعتنق أي دين فيجب على الدولة أن تحمي كل من يترك دينه إلى دين آخر ولا تسمح لجهة أخرى أن تنوب عنها في تطبيق قوانينها الخاصة.
ومثل ذلك بالنسبة للمذاهب الإسلامية خاصة بين السنة والشيعة، وكلنا يتابع ما يجري في باكستان، وما يقال من التفرقة المذهبية في إيران وبعض دول الخليج.
إن أخطر شيء على وحدة المجتمع وأمنه هو الاقتتال أو الاختلاف الطائفي، ولو أن كل دولة طبقت مبدأ المواطنة على جميع مواطنيها وبعدالة تامة لتحقق لها الأمن والاستقرار والتنمية بكل أنواعها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف