العربي أنقذ مصر والجامعة معا!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عبد الرحمن الراشد
كانت النتيجة حتى صباح أول من أمس عشر دول مؤيدة للمرشح المصري الدكتور مصطفى الفقي مقابل تسع للمرشح القطري عبد الرحمن العطية، وفي يوم التسجيل فاجأت مصر الجميع باستبدال مرشحها وإعلان وزير خارجيتها نبيل العربي لمنصب الأمين العام للجامعة العربية. النتيجة مذهلة، شبه إجماع للوزير العربي، قطر فورا سحبت اسم العطية من المنافسة.
الفقي شخصية معروفة في الوسطين الثقافي والسياسي، لكن لأنه كان رئيسا للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشعب المصري فإن طرح اسمه في الوقت الحالي قد يجعل موقفه ضعيفا حيث لا تزال تطارده أشباح الماضي بغض النظر عن الحقيقة.
باختيار شخصية مجمع عليها تكون الحكومة المصرية قد أنقذت دورها كدولة قائدة في المنطقة، وتكون الجامعة العربية قد حافظت على وجودها بعد أن كثر الحديث عن احتمالات انقسام ومحاور وتعدد المراجع السياسية لدول المنطقة. العربي في الجامعة العربية طمأن الكثيرين على أن الجامعة لن تتحول إلى ثورية مهما أفرزت الثورة المصرية من تشدد، لأن الوزير العربي يمثل الاعتدال المصري في زمن الغلبة فيه للأصوات الحادة. المثير أن الذين اعترضوا في القاهرة على ترشيح العربي كانوا يريدونه لمصر، وخافوا من أن نقله من الخارجية المصرية إلى الجامعة العربية هي مؤامرة هدفها إضعاف الثورة وتفريغها من القيادات المؤهلة.
أهمية الإبقاء على منصب الأمين العام للجامعة العربية مصريا أنه يبقي على مصر كدولة فاعلة في المنطقة، لأن هناك احتمالا كبيرا أن تنطوي الثورة على نفسها، أو تقرر التخلي عن دورها المعتدل المتوازن إن فقدت المقعد العربي الأول.
الأمين العام السابق عمرو موسى خرج من الجامعة إلى غير عودة لكنه لا يزال نجما سياسيا في الشارع المصري والوحيد من المرحلة الماضية الذي يملك حظا جيدا في أن يؤدي دورا سياسيا مهما، وربما يكون رئيس مصر المقبل. لقد لعبت مصر خلال العقود الخمسة الماضية دورا موجها للجامعة إلا في مرحلة قطيعة كامب ديفيد، وثبت خلالها أن العرب من دون مصر فشلوا في إدارة الجامعة العربية. هذه المرة ربما تكون الجامعة العربية هي التي تلعب دور المرشد للسياسة المصرية، فلا تنعكس الكراهية المتقدة في شارع الثورة على سياسة مصر الجديدة، أعني يخشى أن تقرر حكومة الثورة التخلي عن سياسة مبارك السابقة ضمن عدائها لكل ما يمت بصلة للنظام السابق. ومن خلال قراءة تفكير وحركة أول وزير خارجية مصري في عهد الثورة نشعر أن نبيل العربي صاحب سياسة عقلانية لا انتقامية، تخدم مصالح مصر بشكل أساسي. فهو رجل قانوني وسياسي وصاحب سجل عروبي معتدل.