17 يونيو هل تقود المرأة السعودية السيارة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
فرحان العقيل
بعيداً عن أجواء الحروب وثورات الشعوب العربية ومشاغبات إيران الإقليمية وخطاب الرئيس أوباما الأخير والذي أسمي "بالربيع العربي " فربما لن يأتي بعده سوى الصيف وصيف العرب دائماً ساخن كمشاعرهم الملتهبة باللوعة أحياناً والقهر أحياناً أخرى. عموماً خطاب كهذا وفي هذه المرحلة بالذات يحتاج إلى قراءة وتأني دقيقين لفهم مضمونه وانعكاساته كبرنامج عمل مستقبلي للإدارة الأمريكية بشأن الشرق الأوسط. وحيث قلت لكم في صدر هذا المقال " بعيداً عن أجواء الحروب " سأظل ملتزما بهذا البعد لأدعوكم إلى منزلي حيث تنشب في أجوائه حالة جدلية كصورة مصغرة للجدل العام في بلادنا أو أن هذه الحالة الآن في معظم البيوت السعودية. فأختكم أم فهد " عليمية " سواقة للسيارات والتي تعلمتها خلسة في البراري والأجواء البعيدة عن أنظار الناس حيث لا يزال مشهد السيدات خلف مقود القيادة مثير للانتباه لنا ويشد الأنظار إليه حتى في الدول الأخرى التي تسمح للمرأة بالقيادة ناهيك عن بلادنا السعودية التي لم يسبق للأنظمة فيها بتصريح القيادة أو استصدار الرخص لهن ورغم التعاطي كثيراً الآن مع هذه الأطروحة وتكثيف الحديث حولها بالمطالبات والحملات الإلكترونية وما سبق إن سجل من خروج علني في العاصمة الرياض للمطالبة بقيادة المرأة للسيارة والحوادث المميتة التي رُصدت للفت النظر إلى هذا الجانب المهم الذي يعتبره البعض ضمن أولويات حقوق المرأة. ومع ذلك فـ أم فهد كسيدة من بين 8 ملايين سيدة سعودية تعبر عن رفضها القاطع لهذا الحق أو المهمة والتي ستفتح أبوابا من الذرائع وتجلب الكثير من المشاكل المتنوعة حسب رأيها فهي تفضل البقاء في مقعد الراكبة خلف السائق الأجنبي تصدر له الأوامر للاتجاه يمينا أو يسارا دون أن تكلف نفسها عناء الاهتمام بالسيارة أو البحث عن المواقف أو غيرها من هموم القيادة التي تزعجنا حتى نحن الرجال. ومع امتعاضي لهذا الرأي المكلف مادياً لي كزوج وربما لكل الأزواج والآباء ممن يتحملون تبعات استقدام السائقين وتكاليف رواتبهم وضيق خلق الغالبية منهم حيث وصل تعداد السائقين الأجانب في المملكة قرابة 500 ألف سائق يسطرون بخدماتهم للأسر ما الله به عليم من القضايا والمشاكل كذلك يُعبر رأي أم فهد ومثلها الكثيرات أو السواد الأعظم إن صح التعبير عن محاولة قد تحسب متأخرة للسباحة عكس التيار بعد أن علا الموج وكثرت المطالبات التي تراهن على سمو أخلاقيات المجتمع وحصانته واعتبار مشاهد الإزعاج المتوقعة في البداية حالة مرهونة بالتغيير كما أن البعض من سيدات المجتمع قد تركُن إلى استقدام سائقة من بنات جنسها بدلاً من السائق لتأكيد عدم قدرتهن الذاتية على المواجهة في بداياتها لذلك يكثفن المطالبة أملاً في صدور هذا القرار الصعب للسماح لهن بالقيادة وترك باقي الأمور للأيام ومجرياتها لمعالجة ما يمكن من إفرازات ومستجدات الحالة. فهذا الجدل العام والقديم بين الرفض والقبول حل في بيتنا فأم فهد تعتبره كغيرها ضمن أجندات الغزو الموجهة لمبادئ وقيم مجتمعنا فهو دعوة صريحة للخروج عن مألوف محددات ظهور المرأة وذريعة كبرى لنزع الحجاب وتعميق فرص الاختلاط ونشر دواعيه فقيادة المرأة للسيارة تستلزم مدارس تعليم قيادة مختلطة وكذلك أقسام مرور مختلطة وشوارع مختلطة أيضا. وفي ظل رفض عام لفكرة قيادة المرأة في السعودية وتبرير ذلك بالحجج الشرعية غير المباشرة نصاً واتهام الداعين لها بـ " العلمنة " وجر المجتمع إلى مالا ينبغي فهناك الآن حراك جاد عبر تقنيات الاتصال المتعددة لفرض المشهد في الشارع من خلال الدعوة التي وجهتها بعض السيدات للجلوس خلف مقاعد قيادة السيارات يوم 17 يونيو المقبل في المدن الرئيسية في السعودية. والسؤال الملح هنا من سيفرض رأيه حيال هذه الحالة إن كتب لها الظهور هل هن العدد القليل من السيدات الراغبات في القيادة لإحراج السلطة لعدم وجود نص صريح بالمنع أم سيكون لمد القيم وسمات المحافظة التي ترتكن إلى ثقافة المجتمع وحصيله الفكري المكثف لإبقاء السيدات في المقعد الخلفي. أعتقد ومن خلال خبرة مباشرة بالعقلية المحلية وموروثها إن حملة 17 يونيو لن تتعدى حجم الزوبعة في الفنجان رغم ما كثف لها من إعلام عالمي موسع ربما للظروف المرحلية التي تحتاج فيها المؤسسة الرسمية إلى التعاضد مع المؤسسة الدينية المؤثرة بقوة في بناء ثقافة المجتمع وتحديد ميوله وفق محددات شرعية لا يقبل العامة سوى التوافق معها والأخذ برأيها باعتبارها الملمح الأبرز لشخصية المجتمع وعليه سيترك الأمر لأولياء الأمور لتقييم خروج حرماتهن إلى الشارع وهو الأمر الذي لا يراهن عليه اثنان حتى وإن خالف بعض القناعة لديهم لذلك أختكم أم فهد أخذت الموضوع من قاصرة وكفتني شر المواجهة معها واصفة صاحبات حملة 17 يونيو بالمتسرعات.