بعد انفصال الجنوب... السودان "سيتفرفط"

سركيس نعوم

عن سؤال: هل هناك تدخّلات دولية غير اميركية في الجنوب السوداني؟ اجاب المسؤول المهم نفسه في "الادارة" الاميركية المهمة اياها الذي تعاطى مباشرة ولا يزال مع موضوع السودان، قال: "الحقيقة ليس هناك وجود روسي في جنوب السودان. ليس حتى للروس سفارة هناك. قد يكونون اسسوا اخيراً قنصلية. انهم يبدأون الاهتمام بهذه الدولة الجديدة. اما الصينيون فأمرهم مختلف. بدأوا تنفيذ عملية اجتذاب (Charm) جنوب السودان، قدموا لجامعة جوبا مبنى جديداً، واسسوا مركزاً للكومبيوتر بدأوا يدرّبون الطلاب فيه. وقدموا قرابة 70 او 80 جهازاً وهم يعملون معنا ومع الامم المتحدة لانشاء ملاعب لكرة السلة، ويرسلون ثياباً رياضية واحذية رياضية بالتعاون مع الجميع. والهدف من ذلك او احد الاهداف إلغاء رياضات عنيفة كانت تمارس في السابق. وفي بعض الاحيان يحيون حفلات موسيقية (Concert) مجانية. وفي احدى المرات جلبوا من الصين فرقة فنية ضمت شباباً ونساء".
علّقتُ: يعتقد بعض الاقليات العرقية او الطائفية او حتى المذهبية في العالم العربي ان انفصال جنوب السودان وتحوّله دولة مستقلة يحييان آماله بالانفصال في شكل او في آخر وخصوصاً في ظل التمييز الذي يعانيه. هل موقفه صحيح او ممكن الترجمة العملية؟ علماً ان جوابي هو ان انفصال جنوب السودان لا علاقة له بمخططات تقسيمية كالتي يتناقلها الاقلويون والاكثريون في آن واحد. ردّ: "لا اعتقد ان انفصال جنوب السودان خطوة تفتح الطريق امام التقسيم الذي تحدّثت عنه او الذي تحلم به اقليات معينة. انها مسألة منفصلة. دائماً ومنذ تأسيس او قيام دولة السودان لم يكن جنوبها جزءاً منها. كانت بريطانيا تريد ان تربطه بكينيا وتشاد او ربما بغيرهما. لكن حصل ما حصل في حينه وصار الجنوب جزءاً من السودان". سألتُ: ماذا سيحصل في الخرطوم، اي في السودان الشمالي سودان البشير، بعد انفصال الجنوب على نحو ناجح ولاسيما في ظل وجود مجموعة اطراف متناقضين: البشير - الترابي - الاسلاميين - الاحزاب التقليدية - اليسار اذا كان لا يزال منه شيء في السودان؟ اجاب: "سيتداعى السودان الشمالي وقد يتفكك او يسقط. (It will fall apart)".
ماذا عن المغرب العربي اي منطقة شمال افريقيا في جعبة مسؤول تعاطى معها ولا يزال في "الادارة" الاميركية المهمة اياها؟
بدأ الحديث بليبيا وكانت الثورة فيها قد بدأت وكذلك الحرب، قال: "الوضع في ليبيا صعب ومعقّد. ماذا ستفعل الادارة الاميركية؟ (كان ذلك قبل قرارها وحلف شمال الاطلسي انشاء منطقة حظر طيران فوق ليبيا). الوقت يضيق. وسيطلب المسؤولون مزيداً من الدراسات، في حين ان الوضع المتدهور يتطلب قرارات. الآن يبدو القذافي متجهاً الى استعادة ما سيطر عليه الثوار من مناطق. ورغم ان الوضع في بنغازي اكثر استقراراً فإنه قد يصل اليها، يعني مثلما زحف الثوار غرباً فانه الآن يحاول التقدم شرقاً".
سألتُ: ماذا تفعل اميركا والمجتمع الدولي اذا نجح القذافي في استعادة ما استولى عليه الثوار منه؟ واذا نجح في ضرب اعدائه وفي الامساك بالسلطة من جديد؟ ماذا تفعلون في حال كهذه؟ اليس ذلك احتمالاً ممكناً نظراً الى ما في حوزته من اسلحة كثيرة ومتطورة ومن مال كثير؟ اجاب: "سيكون ذلك وضعاً مأسوياً. لا استطيع القول انه لا يحصل او يستحيل ان يحصل. لكن لو حصل ماذا سيقول انصار حسني مبارك وزين العابدين بن علي رئيسي مصر وتونس المخلوعين؟ سيقولون ليتنا اعتمدنا القمع الشديد والعنف المفرط. لكنا بقينا في السلطة. وسيكون ذلك رسالة مطمئنة الى رؤساء آخرين قد ترغب شعوبهم في التخلص منهم ومقلقة لهذه الشعوب".
سألتُ: هل حاول القذافي الاتصال بكم مباشرة او عبر الاوروبيين؟ اجاب: "حاول اكثر من مرة. لم ينجح. ربما مرة واحدة مُرِّرت رسالة الى الرئيس اوباما يقول فيها القذافي انه يواجه حالياً "11 ايلوله" كما اميركا واجهت "11 ايلولها" عام 2001. لكن احداً لم يرد عليه ولم يقبض كلامه. قد يكون في ليبيا اسلاميون. لكنها ليست كلها (اي شعبها) "قاعدة" او إسلامية بالمعنى الاصولي المتطرف والتكفيري والعنفي. في ليبيا قبائل. على كل ربما لن تستطيع اميركا الرجوع عن مطالبتها القذافي الخروج من السلطة او التنحي عنها. لكننا لا نعرف متى ستقرر التحرك الفعلي ضده". سألتُ: ماذا عن دولة المغرب؟ وهل تجاوز الملك محمد السادس "قطوع" التظاهرة الشعبية الاولى؟ اجاب: "يبدو ذلك. في اي حال القى الملك أخيراً خطاباً وعد فيه بتنفيذ اصلاحات كثيرة". سألتُ: ماذا عن تونس؟ بماذا أجاب؟