حتى لا نقطع شعرة معاوية!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في مصر وتونس عمل جيش كلّ منهما على صيانة الأمن والحفاظ على الثورة، وهذا الدور نزع الصفات السيئة عن الجيوش العربية التي إن لم تقم بهدم دولة وإشادة أخرى، لا تنجح بحروبها في أي معركة طرفها قوة خارجية..
في سورية الجيش مع الدولة في قمع المظاهرات والاعتصامات، وكأن رابط المصلحة يغذي شعور أنهما في معركة واحدة مع الشعب، وهي ظاهرة نادرة في تلاحم الجيش مع المواطنين، بينما في ليبيا فُتّت الجيش لصالح المليشيات والمرتزقة الأفارقة رغم البيئة القبلية التي تطبع المجتمع بولاءات مختلفة، حتى إن هناك عناصر من الضباط والجنود من بقايا تلك القوة انضموا لعناصر الثورة بشعور أن الوطن أبقى من نظام ارتفع إلى مستوى الجنون في تصرفاته وقفزاته..
اليمن ظاهرة أخرى، فعلى الرغم من وجود الجيش إلا أن التضاد مع الدولة وحزبها، أمام معارضة كبيرة تملك ملايين قطع السلاح، ونظام قبلي له نفوذ غير عادي إلا أن قوة الدولة بمؤيديها وضعت الحل في مهب رغبات الرئيس الذي استطاع أن يناور ويكسب الوقت، غير أن توقيع المعارضة على المبادرة الخليجية، قطع الطريق على الرئيس فاستفزه الموقف وسماها مؤامرة خليجية، وهو تصريح خرج عن اللياقة الدبلوماسية التي اعتدناها منه، ويأتي حصار وفد المصالحة في سفارة الإمارات العربية من قبل أنصار الرئيس تتويجاً لقطع الطريق على أي عمل من شأنه إنقاذ الموقف، وبتعبير أكثر دقة إفشال أي مشروع يتحرك من آفاق المصلحة اليمنية، لا التآمر ضد أي فريق مفاوض كما تصوّر الرئيس..
فدول مجلس التعاون ظلت على علاقة حميمة مع اليمن بشعور أن مصالحهما متداخلة أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، وحتى عند تطور أحداث غزو صدام واحتلال الكويت، والذهاب إلى الطرف العراقي عولجت الأمور بمنطق أخوي وأُنهى الخلاف، وحين تتقدم بمبادرة في ظل ظروف مضطربة فإن الغاية واضحة، سواء للرئيس أو لشعبه، وإلا كيف تقبل الأغلبية التوقيع عليها لو لم يكن هناك رابط مشترك يرفع مبادئ التدخل أو المؤامرة، أو أي سلوك أحادي الجانب عن هذه المهمة التي وصلت إلى حد المغامرة؟
اليمن بلد عربي مجاور للدول الخليجية وأي أخطاء تُحدث هزة أمنية في داخله سوف تنعكس سلباً على دول الخليج، والمسعى لا يتحرك بسبب المخاوف، وإنما بروح المسؤولية الأخلاقية لإنقاذ الموقف من الغرق في مستنقع الدم، والذهاب إلى المجهول في مصير وطن مهم للأمة العربية كلها..
ومسألة أن يُحسم خلاف بهذا الحجم، فإن الأمر يحتاج للصبر والحكمة والحوار الشفاف، وعملية تعليق المبادرة لا قطعها، لا تزال تعطي الفرصة بطرح أبعاد المشكلة برؤية تراعي جميع الاحتمالات، وأهمها التضحيات من كلّ أطراف القضية لصالح مستقبل شعبهم، وهو الموقف الذي يحتاج للشجعان العقلاء..