الشيوعية والقاعدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
فواز العجمي
في أثناء الحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي برئاسة الاتحاد السوفييتي السابق والرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، كان كل معسكر يحاول استقطاب الدول إلى حلفه، خاصة تلك الدول المؤثرة والفاعلة اقتصادياً أو سياسياً، وكان الإعلام رغم تخلفه يلعب دوراً مهماً في شرح أهداف واستراتيجيات كل معسكر وتمكن الإعلام الغربي من تصوير المعسكر الشيوعي بالشيطان الأكبر، وأنه خطر على مستقبل وحياة الشعوب قاطبة، خاصة الشعب العربي الإسلامي ولا شك أن الشيوعية لها أخطار على حياتنا كأمة إسلامية لأن الإيديولوجية الماركسية - اللينينية تعتبر الدين أفيون الشعوب، لهذا وجدنا أن بعض الدول العربية، خاصة مصر القيادة والريادة في عهد قائد الأمة العربية الراحل جمال عبدالناصر، وكانت على خلاف شديد مع الاتحاد السوفييتي رغم تحالفهما ورغم أن مصر آنذاك انتهجت النهج من منظور عربي - إسلامي، وهذا كان من أهم أسباب الخلاف المصري - الروسي، لأن روسيا كانت تطالب بالاشتراكية العلمية، أي بتطبيق الماركسية - اللينينية، وهذه الرغبة الروسية كانت من أقوى الأسلحة التي يستخدمها الغرب في حربه ضد الشيوعية، فكان الغرب يحاول إرهاب وإخافة العرب والمسلمين من الخطر الشيوعي، مما ساعد حكامنا العرب آنذاك من التحالف مع الغرب وأمريكا بالذات، بل إن أغلب هؤلاء الحكام العرب كانوا يستمدون شرعيتهم من البيت الأبيض، وبدوره فإن البيت الأبيض يمنحهم سلطة مطلقة وصلت الآن إلى مرحلة الدكتاتورية التي نعاني منها حتى الآن.
غابت الشيوعية وسقط الاتحاد السوفييتي، وغاب معهم البعبع الشيوعي وزالت الذريعة التي كان الغرب يفزعنا بها، وبدأ هذا الغرب البحث عن عدو جديد حاول في مرحلة أولى إظهار الإسلام بأنه العدو الجديد لكنه فشل في ذلك لأن الواقع والمنطق والسلوك والمنهج الإسلامي لا يمكن أن يكون إلا عادلاً وديموقراطياً ومسالماً، لكنه وجد ضالته في تنظيم "القاعدة" ورأى الغرب بها العدو البديل عن الشيوعية ورسم خططه على أساس هذه الإستراتيجية واستخدمها في غزو واحتلال أفغانستان والعراق وحاول إقناع العالم بأن القاعدة هي التي تقف وراء تفجيرات نيويورك عام 2001 الإرهابية، وأن القاعدة موجودة في أفغانستان وفي العراق ولابد من احتلالهما وتحقق للغرب والإدارة الأمريكية ذلك وكان هدفهم بعيداً جداً، وهو رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط ولعل المستفيد الآخر من هذه "القاعدة" هم حكامنا العرب الذين كانوا يقولون للغرب وأمريكا نحن معكم لدرء الخطر الشيوعي في فترة الحرب الباردة وهاهم يجدون القول نحن معكم لمحاربة القاعدة وكرست هذه العلاقة الدكتاتوريات العربية بعد أن توقعنا حياة ديمقراطية بعد غياب بعبع الشيوعي لكن بعبع القاعدة كان البديل.
الآن يعيش الوطن العربي ربيع الثورات الشعبية، وهذه الثورات أزعجت الغرب لأنها أزعجت بل حرمت الغرب من أهم الحلفاء الذين ربتهم وسمنتهم الإدارة الأمريكية حتى وصل هؤلاء الحكام إلى قمة الأسلوب الدكتاتوري الفاسد في بلادهم وامتصوا دماء شعبهم قروناً طويلة ومنهم الرئيس الهارب زين العابدين بن علي والرئيس المخلوع حسني مبارك.
ربيع الثورات هذا لم يخل من الأشواك التي لاتزال تدمي الشعب، خاصة في ليبيا واليمن وسوريا رغم التفاوت بين هذه الثورات في القمع والدموية، لكن القاسم المشترك لمن لم تسقطه هذه الثورات حتى الآن هو استخدام فزاعة "القاعدة" وهذا ما سمعناه في بداية الثورة الليبية عندما حاول العقيد معمر القذافي تصوير الشباب الليبي الثائر بأنه فصيل من القاعدة وهو بذلك كان يخاطب ود الإدارة الأمريكية لكنه فشل في ذلك.
العقيد الآخر علي عبدالله صالح استخدم فزاعة القاعدة أيضا، لكن شباب الثورة أفسدوا هذا المسعى لكنه نجح على ما يبدو أمس عندما سحب الجيش والقوات اليمنية من زنجبار وترك الساحة لبعض عناصر القاعدة الموجودين في أبين بالسيطرة على هذه المحافظة اليمنية وإذا صحت هذه الأخبار، وأن للعقيد صالح دورا في هذه الخطة، فإن صالح يستنجد الآن بالولايات المتحدة الأمريكية ويحاول إقناعها بأن القاعدة هي البديل في حال رحيله.
نرجو من الإدارة الأمريكية ألا تتهور بتجديد الدكتاتورية ودعمها للعقيد صالح وأملنا كبير في شباب الثورة اليمنية في تفويت هذه الفرصة الانتهازية على صالح.. وحماية زنجبار وشعبها ونبعد شبح القاعدة.