ما بين الدولة اليهودية والدولة الفلسطينية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الشرق القطرية - راكان المجالي
إسرائيل تريد أن تفرض على العالم الاعتراف بدولة خالصة لليهود
منذ مجيء اليمين المحافظ المتصهين إلى حكم أمريكا في مطلع القرن الجديد ووقوع إدارة الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن في قبضتهم سعت الصهيونية لتسخير أمريكا لتبني الحلقة الأخيرة من المشروع الصهيوني بأبعادها السياسية والأيدولوجية والمتمثلة بإقامة دولة يهودية عرقية عنصرية على أرض فلسطين وهو ما أعلنه بوش الابن في أول مرة في شرم الشيخ في العام 2005.
ورغم أن الخلاف الظاهري هذه الأيام بين أوباما ونتنياهو في زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأخيرة لأمريكا كانت تدور حول الدولة الفلسطينية التي يرفض نتنياهو قيامها في حدود 1967 ويريدها أوباما في حدود معدلة وأقل من 1967.
إلا أن نتنياهو حرص أن يقلب مسار الحديث حول مسألة الدولة الفلسطينية برفضها أولا وإغلاق مسار التسوية وتحويلها إلى تصفية. وبشكل خاص حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أن يخرج من الزيارة بمكسب محدد وجديد , وذلك من خلال مطالبته الإدارة الأمريكية أن تضغط على عباس ليصدر بيانا يعترف فيه بالدولة اليهودية الخالصة.
وفي خطابه أمام الكونغرس وأمام الأيباك حشد نتنياهو تأييد الكونغرس والأيباك الحماسي والكاسح لتوجهات نتنياهو لتكريس الاحتلال على أرض فلسطين ما يتيح للحكومة الإسرائيلية انتزاع تأييد أمريكي وعالمي لجريمة الدولة اليهودية التي هي نقيض لقيام دولة للفلسطينيين على أرضهم. كما أن الدولة الغاصبة اليهودية تعني إلغاء الوجود الفلسطيني , وذلك عبر إقرار وعد بلفور جديد بأبعاد تآمرية وعدوانية شاملة ونهائية.
وكما هو معروف فقد تضمن وعد بلفور لليهود من خلال رسالة وزير الخارجية البريطاني في العام 1917 والموجهة إلى ليونيل وولتر روتشيلد تعهد بلفور بشقها الأول باسم الحكومة البريطانية بالعمل من أجل تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، أما في شقها الثاني فتعهد بلفور بما يلي: "لا تقوم بريطانيا بعمل أي شيء من شأنه أن يضر بمصالح وحقوق المجتمعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين" ولا يخفى أن الشق الثاني هو كلام خادع وبلا مضمون حقيقي ويعكس نوايا خبيثة , حيث لم يذكر أن لفلسطين أهلا وأن المهاجرين اليهود هم غرباء وغزاة تسللوا إلى أرض فلسطين , كما أن الحديث عن عدم الإضرار بمصالحهم هو اكذوبة لأن الإضرار تم بمجرد وعده لليهود في وطن قومي، وهذا التعبير المستحدث هو عنوان غامض للمؤامرة التي بدأ رسمها من خلال وعد بلفور والذي تكرس بالاعتراف الدولي بجولة لليهود على %54 من أرض فلسطين من خلال قرار التقسيم في العام 1947 الذي نص أيضاً على دولة للفلسطينيين على %46 من أرض فلسطين آنذاك.
وكما هو معروف فإن الولايات المتحدة الأمريكية كانت أول دولة تعترف بإسرائيل وأكثر من ذلك كانت الشريك مع بريطانيا في التآمر لتحقيق إقامة الدولة العبرية، وهو الأمر الذي كان قد عارضه في وقت مبكر وزير خارجية أمريكا حينها جورج مارشال الذي وصف العمل على تأسيس دولة لليهود بأنه جريمة العصر وأن العالم سيدفع ثمن هذه الخطيئة التي لا تغتفر , وقد حاول ترومان أن يثني وزير خارجيته جورج مارشال عن معارضته هذه , لكن مارشال أصر على موقفه وقدم استقالته وقد وصفه ترومان بأنه أصدق وأشرف وأكفأ سياسي عرفته أمريكا في تاريخها.. ونذكر في هذا السياق أن أعضاء بعثة أمريكا في الأمم المتحدة قد استقالوا جميعا ما عدا رئيس البعثة احتجاجا على الاعتراف بدولة إسرائيل عشية جريمة اغتصاب فلسطين في 15 مايو 1948 ويومها سعى أنصار اللوبي الصهيوني على أن يكون اعتراف ترومان بدولة يهودية في فلسطين , لكن ترومان رفض وأقر بدولة لليهود في حدود قرار التقسيم.
وعندما يتشبث قادة إسرائيل ابتداء من العام 2005 بمطالبة العالم بالاعتراف بالدولة اليهودية وفرض هذا الاعتراف على الفلسطينيين للإقرار به فإن ذلك التوجه الذي أعلنه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن من شرم الشيخ والعقبة يومها بالمطالبة بدولة يهودية كان لها معنى مختلف عن تسمية دولة عبرية أو دولة إسرائيل وقد تحمست كل القيادات الإسرائيلية لهذا الطرح ابتداء من شارون وكانت تسيبي ليفني ومعها أولمرت وكل أركان اليسار والاعتدال السياسي في إسرائيل الأكثر حماسا لابتزاز اعتراف عالمي وعربي وفلسطيني بالدولة اليهودية ولذلك لم يكن مفاجئا أن يكون الشرط الأول الأساس لنتنياهو عند افتتاح المفاوضات المباشرة هو المطالبة باعتراف فلسطيني صريح بالدولة اليهودية.
والسؤال هو: ما المقصود من الدولة اليهودية وذاك يجيب عنه نتيناهو صراحة حسبما أوردته صحيفة "إسرائيل هيوم" على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حيث قال:إن المواطنين العرب داخل إسرائيل سيكونون جزءا من التسوية الدائمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين, أي أن الترحيل الترانسفير لن يستثني فلسطينيي ال 48 والدعوة للدولة اليهودية تعني التطهير العرقي وإيجاد معادلة تجعل من الفلسطينيين على أرضهم جالية أجنبية بلا حقوق وفي إطار إدارة ذاتية والأهم بالنسبة لقادة إسرائيل جميعا هو قطع الطريق على حتمية وصول العالم للمطالبة بدولة ثنائية الجنسية بعد الفشل الحتمي لحل الدولتين وقبل الوصول إلى حل الدولة الثنائية الجنسية فإن إسرائيل تريد أن تفرض على العالم ابتداء من الفلسطينيين الاعتراف بدولة خالصة للهيود وكل من عداهم يكونون حمولة زائدة أو عمالة أجنبية مسخرة لخدمة الدولة اليهودية وكل من هو غير يهودي يكون أجنبيا في هذه الدولة وفي المقدمة أبناء الشعب الفلسطيني الذين هم فريسة للاحتلال المتزايد في موازين القوى , كما أن الزمن يعمل ضدهم والله المستعان.