الصحافة البريطانية: اقتصاد بريطاني متعثر...و"ربيع عربي" بلا زهور
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لندن
السياسة الاقتصادية لحكومة الائتلاف في بريطانيا، وأسرار اتفاقية المصالحة الفلسطينية، والموقف المتفجر في سوريا، وتداعيات الربيع العربي... موضوعات حظيت باهتمام الصحف البريطانية هذا الأسبوع.
*العناد القاتل"
استراتيجية الائتلاف تنذر بكارثة"... كان هذا هو عنوان افتتاحية الأوبزرفر الأحد الماضي التي بدأتها بالإشارة إلى تصريح أدلى به "نيك كليج" نائب رئيس الوزراء البريطاني وزعيم "الديمقراطيين الأحرار" قال فيه إن "برنامج تخفيض العجز هو المادة اللاصقة التي تبقى على الائتلاف قائماً"، والذي يدفع للتساؤل في رأيها عن السبب الذي يدعو حزبين بريطانيين كبيرين لأن يربطها نفسيهما ببرنامج قد يلحق ضرراً بالاقتصاد والأعمال وفرص الحياة لملايين المواطنين البريطانيين خصوصا أن الإجراءات التقشفية التي ينطوي عليها البرنامج ستستمر كما هو مقرر حتى العام 2013.وتقول الصحيفة إنه على الرغم من مؤشرات الضائقة الاقتصادية التي لا تخطئها العين، والتي تنعكس في فقدان المستهلكين وأصحاب الأعمال على حد سواء لثقتهم في الاقتصاد، إلا أن حكومة الائتلاف تعلن، مع ذلك، على أنها مصممة على المضي قدما في خططها الرامية للتخلص من العجز البنيوي في الميزانية على مدى أربع سنوات، كما لو أن الاقتصاد البريطاني كان صحيحاً و"صلبا كالصخر". وتمضي الصحيفة للقول إن قوى الادخار، والابتكار، والاستثمار، وصياغة التوقعات التي تدفع الاقتصادات الحديثة، المعقدة، المتساندة على بعضها، والتي تدفع أيضاً حظوظ الشركات والمؤسسات البريطانية قدما للأمام. قد باتت اليوم ـ تحت قيادة حكومة الائتلاف ـ عرضة لأهواء جامحة ولا يمكن التنبؤ بها مستقبلاً على الرغم من أن الدول تحتاج الحكومات كي تدبر لها أمورها وتتحوط للعواقب لا أن تقوم بإيجاد حل مؤقت لأشياء عن طريق تخريب أشياء أخرى عديدة كما يفعل الائتلاف بالسياسة الاقتصادية في بريطانيا. ومع اعترافها أن السياسة المالية المرنة وحدها لا تستطيع أن تحل أمراض بريطانيا الاقتصادية إلى أن تلك السياسة كان يجب على الأقل ألا تجعل الأمور أسوأ مما هي عليه. ومشكلة الائتلاف تكمن في أنه يخشى من أي تراجع عن سياسته الاقتصادية يبدو كأنه علامة ضعف.
أسرار المصالحة
وفي عدد "الاندبندنت" الصادر أول من أمس الثلاثاء، كتب "روبرت فيسك" تحليلًا معمقاً تحت عنوان "القصة المسكوت عنها للصفقة التي هزت الشرق الأوسط"، تناول فيه اتفاق المصالحة بين "فتح" و"حماس" الذي تم في القاهرة خلال الآونة الأخيرة، وأشار إلى بعض التفاصيل التي لم تتطرق وسائل الإعلام إليها ومنها أن "حماس"، قد حظيت خلال تلك المحادثات بدعم مباشر لمواقفها من الرئيس السوري ونائبه ووزير خارجيته، وأن من بين البنود التي تم الاتفاق عليها موافقة "حماس" على إيقاف الهجمات الصاروخية ضد إسرائيل على أساس أن أمر المقاومة ضد إسرائيل هو مسألة تخضع لإرادة الدولة الفلسطينية التي ستنشأ على أساس حدود السادس من يونيو.ويتحدث الكاتب عن التمنع الذي أبدته "حماس" تجاه المبادرات التي أبدتها جهات فلسطينية محايدة منها المنتدى الفلسطيني الذي انشأه منيب المصري، وكيف أن موقفها لم يلن إلا بعد محاولات عديدة من جانب تلك الجهات، كما يتحدث عن اللقاءات التي أجراها المنتدى وشخصيات فلسطينية مستقلة من القطاع وغزة على حد سواء بالقادة الجدد في مصر وبضباط استخبارات كبار وكيف أنهم نجحوا في إقناع ضباط الاستخبارات بفتح الملف الفلسطيني الذي كان قد اغلق مؤقتاً في أعقاب فشل محاولة المصالحة السابقة في القاهرة، وأنهم ذهبوا بعد ذلك لمقابلة الأمين العام للجامعة العربية الذي كان حذراً وحريصاً في البداية ثم تغير موقفه وأصبح إيجابياً، ثم ذهابهم لمقابلة وزير الخارجية المصري، الذي اقترح ضم وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو الذي كان موجوداً في القاهرة في زيارة رسمية وكيف أن ذلك قد لقي قبولاً من الشخصيات الفلسطينية المستقلة التي ذهب بعض أعضائها إلى سوريا على الرغم من خطورة الأحوال هناك لمقابلة خالد مشعل وإقناعه بالانضمام وإطلاعه على وثيقة المصالحة التي قرأها وقال إنها تستحق النظر، مستفسراً عن موقف الرئيس عباس منها ومصراً على أن تشكيل أي حكومة فلسطينية مستقبلية يجب أن يكون بالتوافق وأن الوفد قد أخبره بان أي حكومة ستنشأ ستكون حكومة وحدة وطنية، وأن العمل يجب أن يبدأ فوراً بمجرد الموافقة على الوثيقة في إعادة إعمار غزة، وأن الفلسطينيين يجب أن يلتزموا باحترام المجتمع الدولي وميثاق الأمم المتحدة ، وكيف أن مشعل قد وافق بعد ضغط على نقطة مهمة، وهي أن المقاومة كخيار "يجب أن تكون في مصلحة الدولة الفلسطينية". بعد ذلك اتفقت "فتح" و"حماس" كما يقول الكاتب على إرسال مندوبين من كل طرف إلى القاهرة للتباحث بعد أجراء المزيد من الاتصالات، ثم تم الاتفاق على حضور عباس ومشعل إلى القاهرة وأن مشعل وافق في إطاره على إنشاء الدولة على حدود 1967 وهو ما يعني اعترافاً ضمنياً بإسرائيل، كما أنه وافق على ممارسة المقاومة وفقاً للتعريف السابق، مع إتاحة الفرصة لعباس لإجراء المزيد من المفاوضات من أجل التوصل لحل نهائي للقضية الفلسطينية.
الشرر المتطاير
"برميل البارورد السوري يمكن أن يشعل المنطقة برمتها"... اختارت "الجارديان" هذا العنوان لافتتاحيتها الثلاثاء الماضي، والتي تناولت فيه التقارير التي أعلنتها السلطات السورية عن مصرع العشرات من رجال الأمن والجيش السوريين في هجوم شنته عناصر مسلحة في بلدة أم الشغور القريبة من تركيا، التي توعدتها السلطات بعواقب وخيمة. ترى الصحيفة أن تلك العواقب قد لا تقتصر على حدود سوريا هذه المرة لأن الأحداث التي وقعت في تلك البلدة تأخذ الأزمة في سوريا إلى أبعاد جديدة. وترى الصحيفة أنه هناك ثلاثة أخطار داهمة تهدد سوريا: الأول أن يعمد نظام الأسد إلى شن حملة انتقامية على سكان هذه البلدة الوقعة في شمال غرب سوريا بالقرب من الحدود التركية انتقاماً لمصرع العشرات من جنود الأمن مما يؤدي لمذبحة دموية رهيبة. الثاني أن تلك المذبحة قد تدفع البلاد كلها إلى أتون حرب أهلية. الثالث وهو الأخطر بالنسبة لإسرائيل والغرب هو محاولة النظام السوري وحليفته إيران نقل الصراع إلى البلدان المجاورة تركيا ولبنان وإسرائيل وربما العراق. وعلى الرغم من خطورة ما حدث في أم الشغور، فإن الصحيفة ترى أن إقدام الأسد على مواجهة العنف بمزيد من العنف لن يجدي نفعاً، بل قد يؤدي في نقطة معينة إلى خروج الأمور عن نطاق السيطرة مع ما يمكن أن يترتب على ذلك حرب أهلية تتزايد أخطارها خصوصاً على ضوء عدم اليقين السائد حول القوة المسيطرة على الأمور في سوريا في الوقت الراهن: هل تتمثل هذه القوة في الأسد أم العناصر الأكثر راديكالية ودموية في نظامه؟ وترى أن المأزق الذي يواجه النظام في سوريا يدفعه للهروب للأمام باستمرار ونقل الصراع إلى أماكن أخرى، وهو ما ينذر بأخطار داهمة على منطقة ملتهبة في الأصل.
ربيع كاذب
"أزهار الربيع العربي لا تزهر"... هكذا عنونت "التلغراف" افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي التي رأت فيها أن علامات الربيع العربي قد بدأت في الذبول تدريجياً، ففي اليمن وصلت الأحداث إلى نقطة خطيرة. فبعد أن ثارت المظاهرات مطالبة بالإصلاح ثم برحيل صالح - بعد أن أراقت قواته دماء الثوار في الميادين والشوارع - وصلت الأمور هناك إلى حالة من الشلل تقريباً بسبب تردد الرئيس في التوقيع على المبادرة الخليجية، والتي كانت ستوفر له خروجاً مشرفاً، وذلك قبل أن يتعرض لهجوم أسفر عن إصابته بإصابات خطيرة استدعت نقله إلى السعودية، التي يمكن في نظر الصحيفة أن تلعب دوراً مساعداً على تهدئة الأمور في اليمن قبل أن تنزلق إلى أتون الحرب الأهلية. وفي سوريا تحول نظام الأسد الذي كان ينظر إليه على أنه عنصر استقرار إلى عنصر عدم استقرار، بعد أن رفض مطالب شعبه وتعامل معه بكل عنف وقسوة، مما فاقم من أخطار الاضطرابات هناك التي تهدد بالانتقال إلى الجوار.. وفي ليبيا لا يزال القذافي يواصل عناده على الرغم من ضربات الأطلسي وتبدو البلاد وكأنها تتجه نحو مصير مجهول بل ولمخاطر التقسيم.. وفي مصر تتضاءل آمال التحول الديمقراطي السلس تدريجياً بسبب الاختلافات بين القوى الثورية وعدم وضوح الرؤية السائد هناك، وتردي الاقتصاد وافتقاد الأمن. هذه المظاهر في البلدان الأربعة دفعت البعض للحديث عن الربيع العربي بشكل تهكمي وهي علامة لا تبشر بخير على الإطلاق.
إعداد: سعيد كامل