رسالة بلير لأنظمة الحكم الفردية... «غيِّروا أو سيجري تغييركم»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
دعا الغرب إلى وضع خطة عمل لمواجهة "الربيع العربي" ورأى أن الثورات عرقلت تسوية القضية الفلسطينية
إلياس نصرالله
دعا مبعوث اللجنة الرباعية إلى الشرق الأوسط توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، الغرب الى التحرك بسرعة من أجل وضع خطة عمل لمواجهة ما أسماه "الربيع العربي"، محذراً الحكام العرب جميعاًً من "إسقاط أنظمة حكمهم إذا لم يبادروا إلى التغيير".
هذا من جهة ومن الجهة الأخرى، امتدح الدور القيادي الذي لعبته أميركا وأوروبا في الأزمة الليبية، ودعا الاتحاد الأوروبي إلى اختيار رئيس له عن طريق الانتخابات المباشرة.
جاء ذلك في مناسبتين مختلفتين فالدعوة الأولى تضمنتها مقدمة الطبعة الجديدة من "الرحلة"، السيرة الذاتية لبلير التي صدرت أمس، والتي كانت الطبعة الأولى منها صدرت في الخريف الماضي ولاقت رواجاً واسعاً ونفذت من الأسواق بسرعة.
فيما جاءت الدعوة الثانية إلى أوروبا في مقابلة صحافية أجرتها صحيفة "التايمز" مع بلير ونشرت أمس، لمناسبة صدور الطبعة الجديدة من "الرحلة"، حيث امتدح الجهود الأميركية والأوروبية المشتركة في ليبيا ودعا إلى انتخاب رئيس للاتحاد الأوروبي تكون لديه الصلاحية لإجراء إصلاحات بعيدة المدى، بما في ذلك تحديد سياسة الضرائب في أوروبا.
وقال ان مثل هذا المنصب الجديد يمنح أوروبا "قيادة قوية وجماعية ويحدد توجهاتها"، لكنه اعترف بأن هذه الفكرة صعبة التحقيق في الوقت الحالي.
وفي المقدمة الجديدة للكتاب، كتب بلير أن "من غير الممكن تصور بقاء الرئيس الليبي معمر القذافي في الحكم".
ورغم التنافس بين حزب العمال الذي ينتمي إليه بلير وحزب المحافظين الحاكم، امتدح بلير رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون على اضطلاعه بدور قيادي في الأزمة الليبية. وقال "لو أن أميركا وأوروبا لم تفعلا شيئاً في ليبيا، لكان القذافي أعاد السيطرة على البلد وأخمد الثورة مستخدماً قدراً كبيراً من القوة. وكان الكثيرون سيلاقون حتفهم جراء ذلك".
وأضاف أنه لو ترك الغرب القذافي في الحكم فيما أسقط الرئيس المصري حسني مبارك "سيكون الضرر الذي سيلحق بسمعة الغرب ومصداقيته ومكانته، ليس فقط هائلاً، بل لا يمكن إصلاحه. فهذا هو القصد من قولي ان الإحجام عن العمل هو أيضاً قرار".
وامتنع بلير عن دعوة الغرب للتدخل عسكرياً في الشرق الأوسط، لكنه بدلاً من ذلك قال "هناك إمكانية للتغيير التدريجي، وعلينا أن نشجعه وندعمه. فهذه هي الحالة بالنسبة لدول الخليج".
لكنه امتدح الطريقة التي "اتفقت بها أميركا مع أوروبا بالنسبة لليبيا، إذ انهما أبديا القدرة على القيام بدور قيادي، رغم الصعوبات التي واجهتهما في ذلك وعدم الوضوح بالنسبة للنتائج المحتملة، والانتقادات التي واجهتهما، لكن هذا الدور القيادي قوبل بالارتياح في المنطقة".
واعترف بلير بأن الغرب لا يقدر على التدخل عسكرياً في الشرق الأوسط، وبكلمات انتقاها بعناية شديدة، أشار إلى أن بعض الزعماء، من دون تحديد أو ذكر أسماء "بدأوا السير على طريق التغيير المستمر. وعلينا أن نساعدهم من أجل الاستمرار على هذا الطريق وندعم ذلك. لكن هذا لا يعني أننا سنتوقف عن الانتقاد بشدة لاستخدام العنف ضد المدنيين العزل. أو أنه إذا استمر ذلك العنف سنحتفظ لأنفسنا عندها الحق للوقوف ضد الوضع الراهن، مثلما حصل في ليبيا. غير أنه من المنطقي أن نتصرف على هذا النحو في البلدان التي تختار أنظمة الحكم فيها استثناء السير على هذا الطريق نحو التغيير التدريجي. لذلك من الواضح أنه: لا خيار أمام الشعب. لكن إذا كانت هناك عملية يمكنها أن تؤدي إلى الاستقرار، فعلينا أن ندعم مثل هذه السياسة".
وحاول بلير توضيح كلماته الدقيقة والحساسة بقوله "النقاط التي أثرتها بسيطة: ينبغي أن تكون لدينا سياسة فاعلة، وأن نكون لاعبين وليس متفرجين يشاهدون ما يجري من فوق المدرجات، ثم يصفقون أو يوجهو الإدانات أثناء المشاهدة". وقال يجب أن تكون الرسالة لأنظمة الحكم الفردية "غيِّروا أو سيجري تغيركم".
ولفت الانتباه في المقدمة الجديدة للكتاب أن بلير الذي كان متحمساً من أجل الوصول إلى تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين، غيّر موقفه، معتبراً أن الثورات العربية تزيد من صعوبة التوصل إلى عقد صفقة بين الفلسطينيين وإسرائيل وذلك برأيه لأن "إسرائيل أصبحت غير متأكدة على نحو أقل من السابق حول طبيعة التهديدات التي ستواجهها في المستقبل".
وناقض بلير نفسه في هذا الشأن في شكل واضح، إذ بعد امتداحه التغيير نحو الديموقراطية الحاصل في العالم العربي ودعوة الحكام العربي للسير على طريق التغيير، عاد لدى الحديث عن إسرائيل للقول انه نتيجة للثورات العربية فإن "الاستقرار والمستقبل الواضح المنظور لجيران إسرائيل، قد استبدل بعدم الاستقرار والضبابية"، ما يعيق العملية السلمية في الشرق الأوسط.
لكنه استدرك قائلاً "للأسباب ذاتها، لكن باستنتاج مغاير، تجد القيادة الفلسطينية أنه من الصعب الدخول في مفاوضات مع شريك إسرائيلي لا يثقون به، والوصول إلى تسويات صعبة سيكون من الصعب تسويقها، حيث انهم لا يعرفون المضمون الجديد للمنطقة التي سيتم عرض هذه التسويات فيها".
وتطرق بلير في المقدمة أيضاً إلى دور الصين على الساحة الدولية، وقال ان العالم مازال غير مدرك لبروز الصين كعملاق اقتصادي عالمي، واضاف ان "التعامل الجغرافي السياسي في القرن الواحد والعشرين سيكون مختلفاً كلياً عما شهده العالم في العصر الحديث. فأطفالنا في الغرب سينشأون في وضع، حيث كل نقطة مفترضة اعتاد عليه جيلي وجيل والديّ قد تغيرت أو آخذة بالتغيُر".
وذكر "ان أمن الطاقة سيصبح موضوعاً مهماً بالنسبة للدول القومية تماماً مثل الدفاع". وأوضح أن "الصين حالياً تستهلك 10 في المئة تقريباً من النفط العالمي. وإذا واصل الدخل القومي بالنسبة للفرد لديها في الصعود وسار في اتجاه مشابه للزيادة في ارتفاع مستويات المعيشة في كوريا الجنوبية وتايوان، عندها ينبغي مضاعفة إنتاج العالم من النفط، وستقفز حصة الصين منه عندها من 10 في المئة إلى 50 في المئة".