جريدة الجرائد

حسن نصرالله والاصطفاف مع النظام ضد الشعب

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

خالد الدخيل


حدد الأمين العام لـ "حزب الله" اللبناني حسن نصرالله، موقفَ الحزب من الانتفاضة الشعبية في سورية بما يؤكد الشائع في المنطقة، وهو أن الخاسر الأكبر في حال سقط النظام السوري هو "حزب الله" أولاً ثم إيران.

يُحسب للأمين العام أنه كان واضحاً ومباشراً في الاصطفاف إلى جانب النظام السوري، ولو أنه حاول تقديم ذلك على أنه وقوفٌ مع النظام والشعب معاً. ربما تكون عزلة النظام السوري في الداخل والخارج في هذه الأزمة، هي التي دفعت نصرالله إلى إعلان موقف مساند، متوِّجاً بذلك مواقف حلفاء سورية اللبنانيين (من سياسيين وصحافيين)، الذين تستعين بهم الفضائيات السورية هذه الأيام للدفاع عن النظام وتسويق فكرته عن المؤامرة التي تتعرض لها سورية.

وأعلن الأمين العام موقف الحزب في الخطاب الذي ألقاه اخيراً بمناسبة عيد التحرير. حدد نصرالله موقف الحزب في جملة نقاط، من أهمها: الحرص على أمن سورية واستقرارها وسلامتها، شعباً ونظاماً وجيشاً، ودعوة السوريين إلى الحفاظ على بلدهم، وعلى نظامهم المقاوم والممانع، وأن يعطوا المجال للقيادة السورية لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة. لاحظْ أن نصرالله يقرن في هذه النقاط "النظام" بـ "الشعب"، وأحياناً بـ "الجيش"، وهو لم يأتِ أبداً على ذكر النظام أو الشعب بمعزل عن الآخر، بما يوحي أن موقف الحزب من النظام لا يختلف عن موقفه من الشعب، هذا في حين أن الشعب هو الطرف المقابل للنظام في هذه الأزمة، وإلا لما كانت كذلك. وبما أن علاقة الحزب كانت ولا تزال حصراً مع النظام، فإن الإصرار على ذكر النظام إلى جانب الشعب هو نوع من التمويه على حقيقة موقف الحزب المتماهي مع موقف النظام.

وأكثر ما يُفصح عن موقف الحزب هي العناصر التي ساقها نصرالله، التي على أساسها تحدد هذا الموقف، منها أن سورية ضد مشروع الشرق الأوسط الجديد. يقول نصرالله: "أسقطت المقاومة في لبنان هذا المشروع من بوابته الشرقية، وتعود أميركا الآن لإعادته من بوابات أخرى". ولأن الحزب بارك الثورة في تونس ومصر وليبيا، فالمعنى الوحيد لإشارته هنا، هو أن انتفاضة السوريين هي تلك البوابات، وهو ما يقول به النظام.

عنصر آخر، وهو إن "القيادة السورية مقتنعة مع شعبها بلزوم الإصلاح ومحاربة الفساد"، ويضيف نصرالله بأنه "شخصياً مقتنع من نقاشات واستماع مباشر، بأن الرئيس السوري مؤمن بالإصلاح وجاد ومصمم، ومستعد أن يذهب في الإصلاح إلى خطوات كبيرة جداً، لكن بالهدوء، وبالتأني". وهنا أيضاً، يتبنى الحزب موقف النظام بحرفيته. وتجاهل الأمين العام سؤالاً مهماً: ما هو هذا الإصلاح تحديداً؟ وما هي حدوده؟

إن الإصلاح الحقيقي سيؤدي إلى تغيير النظام السياسي السوري، واستبداله في آخر المطاف بنظام لا يشبهه أبداً. والمقصود بالإصلاح الحقيقي هو ذاك الذي يؤدي إلى تعددية حزبية، وفصل واضح بين السلطات، وتداول سلمي للسلطة، وحماية قانونية لحرية الرأي والتعبير، وحق المشاركة السياسية للسوريين جميعاً من دون تمييز. هل الرئيس السوري على استعداد لتبني هذا الإصلاح؟ بل هناك من يتساءل: هل يملك بشار وحده حق الإجابة على هذا السؤال؟

منبع السؤال ليس سياق الحديث فقط، بل ما يتردد كثيراً بين المراقبين عن تركيبة الحكم، وتوازنات القوى داخله في أعقاب وفاة الرئيس حافظ الأسد وتوريث ابنه بشار من بعده.

الغريب في ما قاله نصرالله عن هذه المسألة تحديداً، أنه يَعرف عن الرئيس السوري وعن نواياه الإصلاحية، أكثر مما يعرف الشعب السوري. وإذا صح هذا، فإنه يؤكد تداخل المصالح بين الطرفين، وتماهي موقف الحزب في الأزمة الحالية مع مواقف النظام.

عنصر آخر، وهو تأكيد نصرالله أن "كل المؤشرات والمعطيات تؤكد أن غالبية الشعب السوري تؤيد النظام، وتؤمن بالرئيس بشار الأسد". ثم يتساءل: "طيب وين الشعب السوري لنأف (لِنقف) حدّو؟". ربما اعتمد في ذلك على ما يقوله السوريون عن الانتفاضة على الفضائية السورية، وهو يعرف أكثر من غيره بأن هذا المؤشر يفتقد للمصداقية، لأن عدم الاعتراف شبه المطلق بحرية التعبير هو السمة الفارقة للنظام السوري. إلى جانب ذلك، هو لم يذكر مؤشراً واحداً يؤيد ما ذهب إليه، والأرجح أنه اعتمد في قياسه على أن حجم التظاهرات في سورية أقل مما كان عليه في مصر، أو مما هو عليه في اليمن مثلاً. وهذه مقارنة مضلِّلة إذا لم تؤخذ بشموليتها، فأهم المعطيات هو تَواصُل التظاهرات، وازدياد حجمها ومساحتها الجغرافية باستمرار. ولهذا المعطى أهمية خاصة في الحالة السورية عن سواها، بحيث يمكن القول بأن متظاهراً واحداً في سورية يعادل ما لا يقل عن مئة متظاهر في مصر أو اليمن. كان المتظاهرون في مصر ينامون في ميدان التحرير، ولا يخشون الدبابات، أو قناصة الجيش، وكذلك الأمر في اليمن، وهو بلد قبائل يصل عدد الأسلحة التي في يد المواطنين فقط، إلى أكثر من 24 مليون قطعة من السلاح.

في سورية، الأمر على العكس من ذلك، فإمكانية قتل المتظاهر، إلى جانب معاقبة أقاربه، هي الأعلى في كل الدول العربية تقريباً، ما عدا ليبيا. ما يعني أن المتظاهر في سورية عندما يخرج من بيته فهو في واقع الأمر يُقْدِم على مخاطرة كبيرة، ويحمل كفنه معه. وتأتي الأرقام لتؤكد هذا الفارق. وفي أقل من ثلاثة أشهر سقط في انتفاضة سورية أكثر من ألف شهيد مدني، وأكثر من عشرة آلاف جريح، وأكثر من 11 ألف معتقل... وهي أرقام تفوق أرقام ضحايا الانتفاضات التونسية والمصرية واليمنية مجتمعة، مع ملاحظة أن الأخيرة تدخل شهرها الخامس. وعلى رغم ذلك، فالتظاهر مستمر، وترتفع وتيرته ويتسع نطاقه، وهذا مؤشر على شجاعة نادرة، وعلى الموقف الحقيقي للشعب من النظام.

ثم إذا كانت غالبية الشعب مع النظام، كما يرى نصرالله، فلماذا إذاً يلجأ هذا النظام إلى القتل والتنكيل بالمتظاهرين؟ ولماذا يمنع الإعلام العربي والغربي من تغطية ما يجري؟ بل لماذا يمنع حتى الإعلام السوري من هذه التغطية، مسدلاً بذلك ستاراً حديدياً على الأحداث؟ هل هذا سلوك نظام مطمئن إلى أن غالبية الشعب معه؟

ومن العناصر التي ساقها نصرالله، أن "إسقاط النظام في سورية مصلحة أميركية وإسرائيلية". هنا يعطي نصرالله نفسه حق التقرير بالنيابة عن الشعب السوري في ما هو من مصلحتهم وما هو مصلحة أميركية إسرائيلية، وهو بذلك يردد اسطوانة الخطاب السياسي الرسمي العربي، الذي بموجبه يَعرف النظامُ بالنيابة عن الناس أين تقع مصلحتهم.

الأسوأ أن نصرالله بهذا القول يستخدم أسلوب التخوين في حق مئات الآلاف من السوريين، الذين يضحّون بأغلى ما يملكون في سبيل حريتهم وكرامتهم، مكرِّساً بذلك معادلة النظام التي تقول: "إما أن أحكمكم أو أن أقتلكم، وأي خيار ثالث هو مؤامرة مدبرة في دوائر الاستخبارات الأجنبية".

أخيراً، كيف كان - في رأي نصرالله - إسقاطُ النظام في تونس وفي مصر، وقُرْبُ سقوطه في ليبيا واليمن، مصلحةً وطنية شعبية في كل واحدة من هذه الدول العربية، بينما هو في سورية مصلحة أميركية وإسرائيلية؟!!

يختتم نصرالله مداخلته بالقول: "إنه لا يجوز للبنان أن يطعن خاصرة سورية، أو أن ينساق مع أي مشاريع أميركية تستهدف سورية". وهذا موقف يتسم بالحكمة والالتزام بحسن الجوار، وهو موقف يجب الأخذ به فعلاً، لكن هذا الأمر ليس كما يبدو تماماً، لأن نصرالله باصطفافه، ومعه الحزب، إلى جانب النظام يكون قد طعن الشعب السوري في خاصرته.

لو كان نصرالله يعني فعلاً ما يقول، لكان الأجدر به أن يتخذ موقف حماس التي، حتى الآن على الأقل، تلتزم الصمت، وتعتبر أن ما يحصل في سوريا هو بين الشعب والنظام، وأنه لا يجب الدخول بينهما احتراماً للأخوّة ولمبدأ السيادة وتقرير المصير لكلا طرفي المعادلة السياسية في سورية.

"حزب الله" فعل عكسَ ذلك تماماً. لماذا اختار رجل المقاومة أن يقف مع النظام ضد الشعب؟ في هذا السؤال يكمن مأزق الثقافة السياسية العربية، لأنه يتضمن أن مفهوم المقاومة ضيق جداً، وأنه في حالة تناقض حادة مع مفهوم الحرية. لا يمكن اتهام نصرالله بأنه معني كثيراً أو قليلاً بالحرية، إلا من حيث أنها انعتاق من هيمنة الأجنبي. وعدا عن أن هذا مفهوم قاصر عفا عليه الزمن والتاريخ، إلا أنه خطير، لأنه يجيز ويبرر أن تفقد حريتك وكرامتك على يد "الدولة الوطنية".

عندما تمعن النظر في خطابات نصرالله، ستكتشف أنه ابن بار للمؤسسة الرسمية العربية. علاقاته الأساسية مع رؤساء الدول، ومقاومته تعتمد وجودياً على الأنظمة السياسية، وتحالفاته هي حصرياً مع الدول، وخطابه مصمم دائماً لمخاطبة الدول (مع أو ضد). آخر الأمثلة على ذلك خطابه الأخير عن المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي قدَّمه على أنه يشبه الأنبياء. ليس مفاجئاً، والحال هذه، أن جاء اصطفافه مع النظام ضد الشعب في سورية طبيعياً، ومن غير تكلف.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
كيف ؟؟
Adam* -

كيف يصطف حسون مع النظام الاسدي و هو كان و ما يذال احد شبيحة هذا النظام المائل الى السقوط بالقريب... اوليس حسون و حزبه احد ركائز الهلال الشيعي بالمنطقة تحت رعاية النظام العبثي و عليه يجب الحفاظ على من يحمي سردابه... المواطن السوري اصبح يعرف اكازيب حسون و نواياه الغير سليمة.

أرض الأمويين
مراقب -

أرض الأمويين لن تكون للصفويين مهما بلغ خطابهم ولبوسهم وطغيانهم ووحشيتهم , ومن لم يتعلم من التاريخ سيعلمه القادم من الأيام.

صورة القتل
حبيب سورية -

اتمنى أن يرى من يدعي انه رجل دين صورة الأطفال بسورية كالطفل ,,, حمزة الخطيب ,,, حتى ,,,, يتلذذ بالمشاهد الوحشية ... ,,,, أين الدين أو الضمير .. حسبي الله ونعم الوكيل عليهم ..

سقط القناع
حسن أبو علي -

يقول الله تعالى في سورةالصف (آية:3): كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون. كما يقول المثل لاتسأل عن المرء بل اسأل عن قرينه , فما نفع السيد باطلالاته بالدارات المغلقة وأحاديثه المنمقة,بين المصطفين من أتباعه المعبئين عقائديا أو نفعيا , من أصحاب الحناجر الجهورة والألسنة السليطة, و العضلات المفتولة, اذا كان أقرانه وأفعاله ضد الشعوب المستضعفة بالأرض.بعد أن سقطت مقولة المقاومة بالتبعية والمناكفة وشهوة السلطة والتسلط, وآخرها تأييد الحكام والظلام.

شرذمة!
محمد السوري -

بشار الاسد وعائلنه والمرتزقة حوله في سورية ولبنان هم أخر سلالات قطاع الطرق المتبقية من عصور الدويلات والهمجية التي انتشرت قبل الدولة العثمانية , وقريبا سيطوي التاريخ هذه الصفحة وتقدم تلك الشرذمة للعدالة الإنسانية المتحضرة .فليس غريبا أن نلتف العصابات مع بعضها بشكل علني في أوقات تهدد وجودها.

الحمدلله
مسلم -

من أعظم فؤاد الثورات العربية ،، ان انكشف سر حسن نصر الشيطان .. فخسر شعبيته العربية .. بعدما كنا لسنين نحذر منه ومن منهجه ومن داعميه .. لكن الحمدلله ،، انكشف أمره على الملأ ،، وما هوا سوا مجرم عميل للفرس عبدة النيران ..

ما يروجه العدو
داخل و خارج -

تساءل مراقبون سياسيون عن اسباب قيام حزب الله بنشر مدافعه على الحدود اللبنانية السورية،,,,,

دعوة للتظاهر بالرياض
zozo -

نؤيد تماما بان تطبق السعودية مثلا مايقوله ;الدخيل; وندعوه للدعوة الى تظاهرات دعم ل;الثورة; السورية في الرياض لتأكيد;إن الإصلاح الحقيقي سيؤدي إلى تغيير النظام السياسي السوري (والسعودي)واستبداله في آخر المطاف بنظام لا يشبهه أبداً. والمقصود بالإصلاح الحقيقي هو ذاك الذي يؤدي إلى تعددية حزبية، وفصل واضح بين السلطات، وتداول سلمي للسلطة، وحماية قانونية لحرية الرأي والتعبير، وحق المشاركة السياسية للسوريين جميعاً من دون تمييز;.

اكيد مندسين
ابن الرافدين -

واللة يااستاذ خالد هذة النصائح والافكار ان تطبقوها عليكم اولا وبعدها نصح الاخرين بدل الذهاب يمينأ وشمالا هذا هذا لا يخفي على احد تمارسون الازدواجية في كل ما تطرحونة عندكم موقف من ايران العدو المشخص لديكم ومادام السيد حسن نصر يتعامل مع ايران فهو غير مقبول لديكم انتم تسيرون في خط وحسن نصر اللة يسير في خط لماذا توجية النقد الى حسن نصر اللة لاانة وقف موقف يساند النظام السوري وبارك الثورات العربية في كل من مصر وتونس واليمن حسن نصر يعتبر سوريا العمق الجغرافي للمقاومة اللبنانية فهو يخشى ان ياتي نظام في سوريا ضد سلاح المقاومة التي يومن بها حسن نصر اللة ويتبنها للعلم ان اعداء حسن نصر اللة من اسرائلين وبعض العرب لكن هذا السوال ارجو ان يجيبني السيد الكاتب ما دام حسن نصر اللة وقف من النظام السوري ضد الشعب السوري انتم ايضا وقفتم بالضد من الثورة المصرية وهذا ما جاء من راس الهرم في السعودية يصف الثوار المصرين بالمندسين بالعربي الفصيح يعني النظام المصري حليف السعودية مع انكم دولة ومقومات الدولة تملوكنها اذن لماذا تستكثرون على حسن نصر مادام انتم دولة كالسعودية وتبحثون عن الحلفاء فلماذا تنتقدون الاخرين وانا ايضا اويد صاحب التعليق رقم 8 سؤال ايضا لماذا اجمع القادة في دول الخليج لقمع ثورة البحرين ماذا يختلفون عن الاخرين في مطالبهم ايلاف ايضا اصبحت تمارس قمع الافكار كتبت 3 تعليقات على موضع الراشد واخر على القلاب واخر على العجمي يوم 12-6-2011ولم ينشر مع العلم اني لم اسئ الى احد ياللة خلي انشف ينشر يو لا.

انهضي يا نجد
سوري -

على الشعب السعودي ان يثور ليطالب بالحريه و دولة القانون و المؤسسات...اين حرية الانتخاب ..اين حرية النساء....لماذا لا تثوروا على الزواج من الاطفال...ان دولة الامر بالعروف معروفة لدى الشعب السعودي الا انه خائف....تحرضون في سوريا و عندكما المصائب

الثورة
سوري -

على الشعب السعودي ان يثور ليطالب بالحريه و دولة القانون و المؤسسات...اين حرية الانتخاب ..اين حرية النساء....لماذا لا تثوروا على الزواج من الاطفال...ان دولة الامر بالعروف معروفة لدى الشعب السعودي الا انه خائف....تحرضون في سوريا و عندكما المصائب

سوريا
Arabi -

وقوف حسون ناصر الفقيه مع الدكتور هو موقف عقائدي.لقد نسي عبداللت يوم ان شجع الثورات بأن الدور القادم سوف يكون على النظام النصيري في سوريا. وهو يزج الان بمقاتليه لضرب الشعب السوري الاعزل.االله ينتقم من النصيريين ومن والاهم من الروافض.