جريدة الجرائد

في الثورات العربية الإسلام لا «الإخوان»

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

حمد الماجد

طوابير مد البصر من المنتقبات في اعتصامات اليمن في ميدان التغيير، وصلاة الجمعة بالملايين في ميدان التحرير، وصيحات التكبير للثوار في فيافي وقفار ليبيا، وزغاريد زفة الشهداء في المدن السورية المنتفضة، إذن ليس غيرهم: الإخوان المسلمون أو السلفيون الذين يخرجون ويثورون ويتظاهرون ويعتصمون ويلتحون وينتقبون ويكبرون ويهللون ويستاكون ويصلون ويتصدقون. هذا التحليل البسيط ذو المخرجات الساذجة تخبط في تحليل واقع المجتمعات العربية المسلمة والمحافظة بالفطرة، هو ذات التحليل الساذج الذي صور طالبان بأنها وراء شيوع ظاهرة النقاب واللحى الطويلة في المجتمع الأفغاني، وكأن المجتمع الأفغاني قبل أن تستولي طالبان على السلطة في التسعينات كان مجتمعا ليبراليا منفلتا لا تُرى أغلب سيداته إلا بـ"التي شيرتات والشورتات"، ورجاله قبل طالبان كانوا أغلبية ساحقة من الذين يسحقون لحاهم، ثم حكم كرزاي ذو المذاق الليبرالي بالنكهة الأميركية، وتفاجأ السذج بأن النقاب واللحية الأفغانية لا يتغيران؛ سواء حكم الشيوعيون أو المستغربون أو الإسلاميون أو الطالبانيون، وأن هذه المظاهر الإسلامية المحافظة ثابتة في نسيج المجتمع الأفغاني المتدين ثبوت جبال الهندكوش الرواسي.

صلاة الجمعة في ميداني التحرير والتغيير بثت الرعب في كثير من العلمانيين السذج، فقالوا هم "الإخوان"، وكأن النداء الرباني "إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله" نزل على "الإخوان" أو الإسلاميين فقط.

يجب أن لا تنجر الحكومات المولودة من رحم الثورات العربية إلى هذا التحليل المريض لواقع المجتمعات العربية، وأن تدرك أن هذه المجتمعات متدينة محافظة بالفطرة، وأن شعبية "الإخوان" أو الإسلاميين بصورة عامة ليست لذواتهم، وإنما لأن الشعوب العربية تنظر إليهم على أنهم مساهمون في المحافظة على سمت المجتمع المتدين، مقاومون لسياسات التغريب والانفلاتات العقدية والفكرية والأخلاقية.

أحد الأخطاء القاتلة التي ارتكبتها بعض الحكومات التي أسقطتها الثورة، أو التي في طريقها للسقوط، أنها صادمت بمنهجها التغريبي أوجه التدين في مجتمعاتها المحافظة؛ فأمسى الرئيس ووزراؤه وأسرته وحاشيته وبرامجه وخططه لا يمثلون المجتمع المحافظ الذي يحكمونه، فصارت الفجوة ثم الجفوة، غذّاها الاستبداد السياسي والقمع الأمني، فكونت البيئة الخصبة لثورات داهمتهم كـ"تسونامي" هائج.

كانت الأنظمة العربية التي سقطت تتعامل بدرجة من الحساسية المفرطة مع تشجيع مظاهر المحافظة في المجتمع، خوفا من أن يكون في ذلك مناصرة للإخوان المسلمين وبقية التوجهات الإسلامية، والنتيجة صارت عكسية، أي أن خصومهم من "الإخوان" وبقية التوجهات الإسلامية صاروا يكسبون مزيدا من الأرض على ميدان المعركة السياسية والفكرية والآيديولوجية، كلما أوغلت الأنظمة في محاربة التدين ومظاهر الفضيلة، وهذا بالضبط ما جرى مع متطرفي العلمانية في كل من تركيا وتونس، وبدرجة أقل في بقية الأنظمة المخلوعة أو الآيلة للسقوط هذه الأيام.

كانت الأنظمة المخلوعة وغير المخلوعة تقول، وهي محقة، إن الإسلام ليس حكرا على "الإخوان" ولا غيرهم من الإسلاميين، ولكنها بسماحها للنيل من عدد من الثوابت الإسلامية، وتشجيعها للإعلام الهابط ومظاهر العري، بل والسماح في بعض الدول بالانفلات الأخلاقي والتستر عليه بطريقة شبه مكشوفة، جعلت الشعوب تتعلق بقشة "الإخوان" وغير "الإخوان"، فاستفردت تلك التوجهات بالساحة، وصارت لاعبها المؤثر والأكبر سياسيا وآيديولوجيا، ليس ذكاء في "الإخوان" وبقية الإسلاميين، بل غباء في الأنظمة المخلوعة التي لم تحسن قراءة خارطة شعوبها المحافظة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الحكام ليسوا أغبياء!
محمد السوري -

إنهم ليسوا اغبياء , بل موظفون لدى الغرب الذي استخدمهم لتخريب المجتمع المسلم , وتسهيل ابتلاعه من قبل الغرب أو ليكون اكثر قابلية وطواعية لسياسات الغرب في مشروعاته الكبرى التاريخية , وقد نجحت تلك الأنظمة بإحداث الصدع المجتمعي , وإن على درجات مختلفة بين دولة واخرى , لذلك نجد اليوم عدة أصوات في بنية المجتمعات العربية ستشكل عائقا أساسيا لمشروع نهضة الامة على الطريق الصحيح المتوافق تاريخيا مع تطلعات الشعوب العربية المسلمة , لذلك فمهمة الثورات العربية عظيمة وخطيرة , حين تقدم على معركة البناء والنهوض الحقيقية مع تجنيب المجتمع المخاطر المحيطة بها .

مصر والتسامح
same -

اصل امصريين ثقافيا وتاريخا تمشيفي عروقهم الصوفيه-لكن مع الاسف هناكبعض الجماعات الاسلاميه المتطرفه والتكفيريهدمرت الكثير من ثقافة التسامح-وخصوصاان مصر قبل 30 سنة خاليه من السلفيه التكفيريهوقد جاءت مع العمالة المصريه في السعوديهوالان بعض المتطرفين يريدون هدم الاضرحه الدينيه-بل يريدون هدم ابو الهول والاهرامات والاصنام الفرعونيه-ارأيت بشر متخلف مثل هؤلاء على الارض؟؟؟