اليمن: الجيش والقبائل والشباب يرسمون مرحلة مابعد صالح
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
موازين القوي الحديثة في اليمن: الجيش والقبائل والشباب يرسمون مرحلة مابعد صالح
rlm; إبراهيم العشماوي
معادلة صعبة وحسابات معقدة تلك التي يعيشها اليمن حاليا بعد إصابة الرئيس علي عبد الله صالح ونقله للعلاج في الرياضrlm;,rlm; فالجسد اليمني النحيل تتقاسمه أهواء وعواصف أفرزتها عناصر وموازين للقوة علي الأرض بعد ثورة الشباب والاحتجاجات التي تقترب من أربعة أشهرrlm;,rlm;
في الوقت الذي تبدو الصورة للتحرك السياسي غامضة ومحيرة بعد أن كانت أكثر قربا من التطورات الدرامية باستهداف قصر الرئاسة.
وتتزاحم خريطة القوي في اليمن ما بين النفوذ القبلي والعسكري والسياسي وهي توليفة غريبة نجح الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في ترويضها كلها لصالحه في العقود الثلاثة الأخيرة فضلا عن القوة الناعمة الجديدة الممثلة في شباب الساحات والمعتصمين.
ويبرز الجيش كقوة كبيرة أثبتت المواجهات الأخيرة والاشتباكات في أكثر من محافظة يمنية فعاليتها في ترجيح كفة الدولة اليمنية خصوصا أن الجيش حظي برعاية مميزة من قبل الإدارة الأمريكية التي ظلت عينها في الدوام علي تنظيم القاعدة ومحاربة الإرهاب, وبحسب تقديرات دولية يقدر عدد أفراد الجيش اليمني بنحو006 ألف فرد موزعين علي الأسلحة المختلفة خاضوا حروبا أهلية عديدة, لكن الحرس الجمهوري والقوات الخاصة التي يديرها العميد أحمد علي عبد الله صالح تعد هي الأفضل تسليحا وخبرة وقوة في الجيش اليمني, وتسيطر قوات الحرس الجمهوري البالغ عددها نحو32 لواء عسكريا بأحدث الأسلحة علي المنافذ الرئيسية للمدن والمفاصل الأهم ومناطق التمركز بالمحافظات وتعد القوة الضاربة والأساسية في المهمات الصعبة, فضلا عن حوالي21 لواء ضمن تشكيلة القوات الخاصة التي يستحوذ عليها نجل صالح أيضا والذي كان مرشحا بقوة لخلافة والده في رئاسة البلاد لولا الثورات العربية التي قضت علي آماله إلي الأبد مع أقرانه من أبناء الزعماء العرب.
قوة الأسرة
ويبدو أن الرئيس اليمني كانت لديه قراءة عميقة لتطورات الأحداث في بلاده لهذا بالغ في تكوين عزوة كبيرة من أسرته أطلق لهم العنان في الجيش والأمن وهو الآن أكثر احتياجا لخدماتهم, فهذا ابن شقيقه العميد يحيي محمد عبد الله صالح أركان حرب قوات الأمن المركزي التي تملك قوة لا يستهان بها ولديها وحدات خاصة لمكافحة الإرهاب, وذلك طارق محمد عبد الله صالح قائد الحرس الخاص للرئيس اليمني وهناك شقيقهما عمار والذي يدير فعليا جهاز الأمن القومي والمؤسس قبل بضع سنوات لمساندة جهاز المخابرات المعروف بالأمن السياسي, وبخلاف هؤلاء فإن للرئيس أخا غير شقيق هو اللواء محمد صالح الأحمر قائد القوات الجوية والدفاع الجوي وهو السلاح الفعال جدا في الساحة اليمنية كون المسلحين القبليين ولا حتي تنظيم القاعدة أو الحوثيين أو الداعين إلي الانفصال لايمكنهم أن يملكونه, ومع الولاء الكبير من الجيش للرئيس صالح وأسرته إلا أنه حصلت انشقاقات نوعية في الجيش اليمني كادت تفقده وحدته أبرزها إعلان قائد الفرقة الأولي وقائد المنطقة الشمالية الغربية اللواء علي محسن الأحمر انسلاخه من الجيش وانضمامه لدعم ثورة الشباب السلمية, وتبع الأحمر ألوية ومناطق عسكرية في شمال البلاد وجنوبها خرجت هي الأخري عن سيطرة وزارة الدفاع اليمنية ومنها المنطقة العسكرية الشرقية التي يقودها نجل اللواء علي محسن نفسه وهو ضابط برتبة لواء أيضا.
القبيلة
وتعد القبيلة في اليمن رأس الحربة في مختلف المواجهات السياسية أوالعسكرية وقد لعبت دورا مناهضا تارة ومرة مؤيدة ومتحالفة تارة أخري مع الدولة اليمنية, لكنها حاليا تعتبر لاعبا رئيسيا في مسار الأحداث في اليمن بعد المواجهات الشرسة لقبيلة حاشد بزعامة الشيخ صادق الأحمر مع القوات الحكومية فيما عرف بحرب الحصبة, وتواجه القبائل اليمنية التي يقدر عددها الإجمالي بنحو002 قبيلة مشكلة هي الأخري في انقسامها علي نفسها تجاه الأحداث, فجزء من حاشد القبيلة الأكبر في اليمن يدعم الرئيس صالح بزعامة كهلان مجاهد أبو شوارب صهر الرئيس اليمني, والجزء الآخر تحت زعامة صادق الأحمر, وكذا الوضع في قبيلة بكيل الثانية من حيث الحجم والتأثير فبينما يدعم جزء منها برئاسة الشيخ ناجي الشايف الرئيس اليمني فإن جزءا آخر منها بزعامة محمد علي أبو لحوم وأمين طعيمات يؤيدون ثورة الشباب السلمية ويطالبون بتغيير النظام, وتملك القبائل اليمنية السلاح بوفرة بمختلف أنواعه باستثناء الأسلحة الثقيلة فقط حيث تتوفر أسواق شعبية لتجارة السلاح كانت حاولت الحكومة تحجيمها والتضييق عليها دون جدوي, ولديها مسلحون مدربون علي القتال في مختلف الظروف الصعبة, بالإضافة إلي دعم مالي منظم من دول خليجية جارة لضمان ولائهم, ويرجع المراقبون قدرة الرئيس اليمني علي حشد مئات الآلاف من المؤيدين إلي ارتباطة القوي بقيادات القبائل المؤثرة وجذب ولائهم بالمال والمناصب الأمر الذي قد يعوق في نظر البعض سرعة حسم الأوضاع كون الكثير منهم يرون أن مصالحهم الاستراتيجية مع الرئيس إلي الآن وأن القادم إما غامض أو مجهول أو خصم لدود من القبائل الأخري.
شباب التغيير
أما القوة الثالثة المؤثرة في المعادلة اليمنية فهم شباب ساحات التغيير والاعتصامات الذين تحركوا بعفوية بعد نجاح ثورتي تونس ومصر لإسقاط النظام اليمني, وقد انطلقت أولي الاعتصامات في ساحة التغيير بالقرب من مدخل جامعة صنعاء ببضع مئات فقط من الشباب والفتيات وبعد أقل من شهر كانت خيامهم نصبت في مختلف شوارع المنطقة المحيطة بالجامعة وحي الدائري وامتدت الساحات الشبابية لتشمل نحو51 مدينة لكن الأكثر فعالية فيها كان في صنعاء وتعز وعدن والحديدة وإب والمكلا وهي مدن يزيد تعداد سكانها عن06% من إجمالي سكان اليمن.
ونجح شباب الثورة في تطوير قدراتهم التنظيمية وتصعيد الفعاليات الاحتجاجية وخاصة العصيان المدني, وزادتهم المواجهات مع الأمن صلابة وقوة حيث ساهمت خسارتهم لنحو002 شهيد في تأجيج نار الإصرار علي نجاح الثورة, ومع كل ذلك يواجه شباب الثورة اليمنية مشاكل متعددة أبرزها استغلال بعض الأحزاب والتيارات لهم وركوب موجتهم بل والتحدث باسمهم واضطهادهم في بعض الأحيان ودخول القبائل المؤيدة لهم علي خط الأحداث بمواجهات عسكرية مع الدولة وخضوعهم رغم أنفهم للمبادرة الخليجية لتسوية الأزمة التي تجاهلتهم تماما في المباحثات أو الترتيبات الخاصة بالمرحلة الانتقالية اللاحقة.
كما يواجه الشباب ضعف الخبرة السياسية وتشتت الوعي وعدم الثقة بقيادة المعارضة وتعدد الكيانات المعبرة عنهم والتي تجاوزت المائة تنظيم ومسمي ثوري وبعض الصراعات علي التمويل الداخلي والخارجي, وقد احتفل الشباب بخروج صالح إلي السعودية للعلاج بذبح الذبائح والمهرجانات لكنهم عجزوا أن يفعلوا شيئا مؤثرا وفوريا لقطف ثمار ثورتهم فاكتفوا بالتلويح بتأسيس مجلس انتقالي مدني لقيادة المرحلة الانتقالية بعد أن صدمتهم أنباء تحسن حالة صالح الصحية واحتمال عودته.
وبخلاف القوي التقليدية في الساحة اليمنية مثل تنظيم القاعدة الذي يستعرض عضلاته في مواجهات واسعة في أبين وأيضا الحوثيون الذين تسلموا فعليا محافظة صعدة وكذلك الحراك الجنوبي الذي يتحرك بتحفظ وترقب لما يجري, فإن هناك لاعبين أساسيين يمكنهم التأثير علي التطورات في اليمن وفي المقدمة السعودية التي تربطها بكل الأطراف علاقات وثيقة وكذا الولايات المتحدة التي لا ترغب بولادة قيصرية للأحداث في اليمن وتعمل كثيرا عبر سفيرها دون إعلان لكي تكون التحولات الجديدة في صالحها أو علي الأقل غير معادية لمصالحها الاستراتيجية.