دروس من تركيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عبد المنعم سعيد
الديمقراطية وممارساتها عملية معقدة; ومن الرائع أنه تجري الآن عملية هندستها من خلال قوي سياسية كثيرة. ولكن هناك جانبا مهما كثيرا ما تم إهماله رغم أنه يشكل حجر الزاوية في الممارسة كلها وهي مشاركة المواطنين في الانتخابات العامة التي لا تزال ضئيلة في مصر حتي بعد انتهاء التزوير عندما جري التصويت علي التعديلات الدستورية حينما بلغت نسبة المشاركة41% فقط من45 مليونا في سن التصويت أو نحو18 مليونا من المواطنين.
قارن ذلك بتركيا التي انتهت انتخاباتها وجري الاهتمام بها ونتائجها إلا من جزء خاص بالممارسة ذاتها حيث كانت نسبة المشاركين68.7%- أي ثمانية وستين وسبعة أعشار في المائة- بواقع41.9 مليون- أي واحد وأربعين وتسعة أعشار- من البالغين سن التصويت وهم خمسون مليون مواطن. الفارق في العدد الكلي ربما يكون راجعا إلي التركيبة السكانية واختلافها من حيث السن مع مصر; ولكن ذلك لا يحجب الفارق في حجم المشاركة السياسية والذي ربما يرجع إلي أسباب كثيرة ولكن واحدا منها أن المواطنين الأتراك يصوتون في199 ألفا و207 صناديق- مائة وتسعة وتسعين ألفا ومائتين وسبعة- بينما في مصر لا يوجد أكثر من44 ألف أربعة وأربعين صندوق.
قارن نسبة المصوتين إلي الصندوق الواحد تجد أن النسبة في مصر تعطي صندوقا لكل ألف من المواطنين بينما هي في تركيا لا تزيد علي250- مائتان وخمسين- ناخبا للصندوق الواحد.
وسط المشاغل الكثيرة للقوي السياسية عليها أن تجد وسيلة لحل هذه المشكلة ليس فقط لأن صبر المواطنين علي انتظار التصويت له حدود; ولكن لأنه بدون حل هذه المعضلة, وإعطاء فرص متكافئة لكل المواطنين في التصويت فإن الوضع الحالي يعطي القوي القادرة علي الحشد والتعبئة واحتكار الوقوف أمام الصناديق بالقوة العضلية والمعنوية مزايا سياسية لا تحصل عليها إذا ما تغير الوضع الحالي. والحقيقة أنه كلما زادت نسبة المشاركة فإن تمثيلا أكبر للقوي السياسية سوف يكون ممكنا أما إذا ظلت الحال علي ما هي عليه فإن قوة كبري سوف يكون لها نصيب الأسد من مقاعد المجالس التشريعية. لقد كان النظام مصمما في السابق لكي يحقق هذه النتيجة, فهل يكون التغيير الذي نسعي إليه أن تحل قوة مكان أخري؟