اعتنقَتْ اليهودية لأن الفلوس أكثر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
جهاد الخازن
لكل صحيفة مصححون يراجعون المادة التحريرية قبل نشرها، ونبذل في "الحياة" جهداً إضافياً في مراجعة الأرقام، فقد لاحظنا رغم تقدم التكنولوجيا كثيراً أن الكومبيوتر يقلب الأرقام أحياناً عندما يحولها من انكليزية الى عربية أو العكس (الأرقام الغربية اسمها الرسمي "عربية" لأنهم أخذوها عنا، والأرقام التي نستعملها هي أيضاً عربية وقد تغير شكلها على مرّ القرون إلا أن الأصل واحد).
أقول عربية وإنكليزية لمجرد أن يسهل على القارئ فهم الموضوع، فقد حصل خطأ في مقال لي عن مصر نشر في السادس من هذا الشهر، وتلقيت عليه تعليقات كثيرة، آخرها قبل يومين، إلا أنني أختار ما أرسل إليّ الزميل محمود شنيشن، نائب مدير تحرير جريدة البورصة في مصر. هو قال:
أعرف وأقدر مدى حرصك على تدقيق المعلومات التي ترد في كتاباتك ولكن المقال الذي حمل العنوان "لا شيء من دون ثمن" يوم الاثنين حمل أخطاء كبيرة في الأرقام الواردة فيه.
معظم الأرقام كتب مقلوباً بسبب خطأ ما في الجمع الإلكتروني للمادة الصحافية، مثل معدلات النمو التي نشرت، وتصحيحها 7.2 في المئة، وهذا ينسحب على كل أرقام النمو الاقتصادي المذكورة في المقال...
أتوقف هنا لأقول إنني كنت أفضل أن أنشر الرسالة كلها، إلا أنني أخشى أن يتكرر الخطأ الإلكتروني في قلب الأرقام وأكتفي برقم واحد للشرح فقد كتبت 9.1 ونشر 1.9.
أرسلت الى الأخ محمود ما كتبت بخط اليد، ومعه المقال مطبوعاً في مكتبي قبل إرساله الى قسم الطباعة، فقد صححته بنفسي خشية خطأ في الأرقام، وكانت الأرقام كلها صحيحة، وقلب بعضها الصف الإلكتروني النهائي. لا أقول سوى يؤتى الحذر من مكمنه، وقد سلمت ما عندي الى جهاز الطباعة في "الحياة"، والإخوان وعدوا بوضع نظام يمنع قلب الأرقام بين العربية والإنكليزية، فأرجو لهم النجاح.
ومن المشكلة مع الأرقام الى المشاكل مع القراء، وأنا أعذرهم فنحن نقول في لبنان "الجمرة ما بتحرق إلا موضعها"، لذلك فاليمني يريد أن أكتب عن اليمن، والسوري عن سورية، والليبي عن ليبيا، والسوداني عن السودان، والعراقي عن العراق، وهكذا...
أحاول، ولكن الثورات العربية كان يجب أن تقوم تباعاً فننتقل من بلد الى بلد، إلا أنها هبت مرة واحدة، وليس متوافراً لي أن أستنسخ وأكون في كل بلد ثار شعبه أو ثارت حكومته على الشعب، ثم أن مثلي ليس شيئاً نادراً أو ثميناً يستحق أن يثقل على الأمة بنسخ منه.
أقدر مشكلة كل مواطن مع بلده، ثم أحتج على أن يطلب مني قارئ أن يستيقظ ضميري، والمعنى إنه نائم، فضميري مصاب بأرق مزمن، ثم أحتج أكثر أن يهاجم قارئ النظام في بلده بعبارات مقذعة ويتهمه بكل الموبقات، ثم يطلب مني أن أفعل مثله، وهو يكتب رسالة من دون اسم أو عنوان، ويريد مني أن أستشهد نيابة عنه، وأن أوقع أذى بمراسلي "الحياة" في البلد المعني، وبالجريدة كلها.
على الأقل القراء متفقون معي على إسرائيل، ففيها حكومة فاشستية مجرمة يستحيل عقد سلام معها. ومع ذلك أتلقى رسائل من إسرائيليين أو يهود يقرأون هذا المقال مترجماً الى الإنكليزية، يدافعون عن إسرائيل ويجدون لها الأعذار ويرفضون أن يروا عنصريتها.
كتبت غير مرة عن قوانين إسرائيلية عنصرية صدرت أو هي في لجان الكنيست، واجتمعت مع الدكتور أحمد الطيبي، عضو الكنيست، في لندن أخيراً وعرضت عليه ما عندي لاسترشد برأيه، وهو أعطاني مثلاً جديداً على العنصرية، فالنائبة (أو المصيبة) انستاسيا ميخائيل، من حزب المهاجرين إسرائيل بيتنا، وهي مسيحية من أوكرانيا اعتنقتْ اليهودية لأن الفلوس أكثر، طلبت من الكنيست منع الأذان في القرى والبلدات الفلسطينية حيث يوجد يهود حتى لا "يُزعَجوا"، بصوت المؤذن. ورد الأخ أحمد الطيبي فطلب منع استعمال البوق ووقف المشويات أو حرق الخشب في عيد "لاغ بعومر" اليهودي لأن الأصوات والرائحة تزعج المسلمين. وكان أن طوى الكنيست الاقتراح العنصري.
أخيراً، أشكر كل قارئ على اهتمامه بالتعليق على ما أكتب، ولو أدى ذلك الى قيام حرب البسوس بيننا لخلاف في الرأي، ثم أشكر بشكل خاص قارئات لا أذكى منهن أو أخف دماً. والقارئة عليا من مصر لها تحليلات سياسية راقية، ورسائلها من مستوى كاتبة سياسية محترفة، أما عزيزة من السعودية وسارة من الكويت فأرجح من رسائلهما انهما أكاديميتان، ويجمع بينهما ذكاء وظرف أتمنى لو أن عند بعض ممثلي الكوميديا العرب نصفه أو ربعه.