جريدة الجرائد

خلاصات القارة القصية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

سمير عطا الله


ذهب العدد الأكبر من الطلاب والدارسين والباحثين العرب، غربا وشرقا.. الغرب يعنون به أميركا وكندا وأوروبا الغربية، والشرق كانوا يقصدون به موسكو وبعض أوروبا الشرقية. عدد قليل جدا اختار، أو صدف، وذهب أكثر قليلا، نحو الشرق الأقصى، أو ما نسميه، لفائدة الجمع والاختصار، آسيا. لكن من يمكن أن يضع تجربته الآسيوية في كتاب، ومن أجل مَن؟

لا أعرف الكثيرين، على الرغم من إدراكي أن معرفة الدول والسياسات الآسيوية عمل شاق؛ فهي قارة مغلقة بلغاتها وطقوسها وعاداتها وغموضها، ولم يكن فيها ما يجتذب الفضول الفكري العربي، اللهم إلا بعد انفتاح بعض دولها على السياحة ذات الاختصاص.

وصل الدكتور عبد الله المدني إلى آسيا من بوابة فيتنام بعد انتهاء حروبها، كمسؤول مع الأمم المتحدة في حقل الإغاثة.. وهكذا بدأ اهتمامه بدنيا مجاهلها لا تدرك وسياساتها مذهلة في سرعة تحولها. وقد وضع كل شيء في كتاب فسيفسائي ممتع عنوانا وتفاصيل: "لوحات بيوغرافية من الشرق الأقصى". وبدل أن يختار المدن والأنظمة والسفر والتاريخ، انتقى المؤلف مجموعة من الشخصيات المؤثرة والمغيّرة، رسم من خلال سيرها، الباهرة أو المؤلمة، لوحة ملونة ومزركشة للقارة؛ مرة بلون الأمل، ومرة بلون النجاح، ومرة بلون الفساد القاتم.

على الرغم من متابعتي المهنية الضرورية أو الشغف التلقائي، فإنني وجدت في مؤلف الدكتور المدني إضافات وإضاءات لا تحصى. وعلى الرغم من الاختصار النسبي، فإن ثمة تعمقا عند كل شخص توقف عنده.. هنا نعرف، في باقة واحدة، الرجال الذين أحدثوا التغيير العظيم في الصين، ونعرف كيف ينجح اليابانيون في السياسة ولماذا يخفقون. وإذا كنا نعتقد أننا نعرف ما يكفي عن الكوريتين، فإننا نكتشف أننا كنا على خطأ. وللمرة الأولى، يعثر لنا كاتب على ميزات موضوعية للزعيم المبجل كيم إيل سونغ، وإن وجد أن ذلك صعب في سيرة كيم جونغ إيل "شمس القرن الحادي والعشرين"، وهو أحد ألقابه الأكثر تواضعا.

يحمل عبد الله المدني دكتوراه في فلسفة العلوم السياسية من جامعة إكستر والماجستير في العلاقات الدولية والاستراتيجيات من جامعة بوسطن. ويبدو هذا العلم جليا في تناول قضايا القارة وتحولاتها.. من تيمور الشرقية إلى طوكيو، ومن بورما إلى كمبوديا. والذي تعنيه مثل هذه المعارف، سيجد نفسه أمام موسوعة جذابة. (صادر عن "مركز الشيخ إبراهيم الخليفة" - المنامة).



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف