محللون: القذافي يخسر أصدقاءه وتأثيره الكبير في إفريقيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أعلنت السلطات الليبية مقتل خمسة على الأقل من أفراد عائلة واحدة البارحة الأولى في غارة لحلف شمال الأطلسي على طرابلس، متهمة الحلف بارتكاب "أعمال وحشية" باستهدافه "مدنيين عمدا". وأوضحت السلطات أن مبنى من طابقين تقيم فيه خمس عائلات دمر بفعل القصف في حي العراضة شرق طرابلس. وأفاد مراسل لوكالة الأنباء الفرنسية أن أضرارا لحقت أيضا بمنزلين مجاورين آخرين على الأقل. وقد تم انتشال جثتين من بين الأنقاض أمام مراسلي الصحافة الدولية ونقلتهما السلطات في المكان حيث تجمع عشرات من السكان والفضوليين. وكان البعض يساعدون فرق الإنقاذ على رفع الحصى وقطع الجدران بحثا عن جثث أخرى. وفي مستشفى طرابلس تمكن الصحافيون من رؤية جثث طفلين على الأقل لا يتجاوز عمرهما سنتين، وكذلك سيدة من عائلة واحدة بحسب السلطات. واتهم المتحدث باسم النظام الليبي موسى إبراهيم، حلف الأطلسي بارتكاب أعمال "وحشية" مستهدفا "عن عمد المدنيين". وقال إبراهيم إن ما لا يقل عن 15 فردا من عائلة الغراري بينهم أطفال يسكنون المبنى، مؤكدا أنه يتوقع حصيلة أكبر.
وتابع "إنها ليلة أخرى من المجزرة والرعب والترويع يتسبب فيها حلف الأطلسي". وأكد أنه لا يوجد أي منشآت أو آليات عسكرية بالقرب من الحي. وأكد المتحدث نفسه أن القادة الأمريكي، والفرنسي، والبريطاني، والإيطالي، الذين يقودون العمليات العسكرية في ليبيا "مسؤولون أخلاقيا وقانونيا عن عمليات القتل هذه". وأضاف "إنها ليست دعاية. إنه ليس أمرا يمكن" فبركته. ويسعى النظام الليبي للدفاع عن مصداقيته بعد أن شكك صحافيون قبل أسبوعين في أسباب إصابة طفلة قدمت على أنها ضحية غارات حلف الأطلسي، فيما كانت قد أصيبت أثناء حادث سير بحسب أحد أعضاء طاقم المستشفى حيث كانت تعالج. ودعا موسى إبراهيم الأسرة الدولية إلى وقف "الاعتداء" على ليبيا، وتشجيع الحوار بين كل الأطراف لإنهاء النزاع الذي يمزق البلاد منذ بدء التمرد في منتصف شباط (فبراير) الماضي. وقال إن "حلف الأطلسي جيد جدا إذا كان الأمر يتعلق بمهاجمة وقتل الناس، لكنه سيىء جدا عندما يتعلق الأمر ببدء أي شكل من أشكال الحوار". وإذا تأكدت الغارة، فستكون أول خطأ للحلف في طرابلس منذ بدء عملية حماية المدنيين في ليبيا. وأعلن الحلف من جهته أمس أنه يحقق في مزاعم الحكومة الليبية بمقتل ثلاثة مدنيين في غارة نفذتها إحدى طائراته على طرابلس في الوقت الذي قتل فيه ستة أشخاص وأصيب 30 آخرون بمواجهات بين الثوار والكتائب الموالية للعقيد معمرالقذافي في بلدة "الدافنية". وركز اجتماع ضم مسؤولين كبارا في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الإفريقي السبت في القاهرة، على ضرورة البدء بـ"عملية سياسية" لحل النزاع في ليبيا. وشدد بيان صدر إثر الاجتماع الذي عقد في مقر الجامعة العربية على أهمية "تعجيل البدء بالعملية السياسية التي تلبي الطموحات المشروعة للشعب الليبي". كذلك، شدد المجتمعون على "أهمية التنفيذ الكامل لقراري مجلس الأمن 1970 و1973". وأعرب بان كى مون أمين عام الأمم المتحدة عن اعتقاده بأن هناك ملامح مسار تفاوضى لإنهاء النزاع فى ليبيا بدأت ترتسم حاليا . وبدأ الزعيم الليبي معمر القذافي يخسر أصدقاءه في إفريقيا وهي القارة التي اشترى له فيها سخاؤه لقب "ملك الملوك" ولكنها بدأت الآن تتحول لحلفاء أجانب آخرين للمساعدة في رسم مستقبلها. وتعد تحركات دول من بينها السنغال وموريتانيا وليبيريا وتشاد وجامبيا كي تنأى بنفسها عن القذافي، رهانا إلى حد ما على أن المعارضين الذين يدعمهم حلف شمال الأطلسي سينجحون في نهاية الأمر في إنهاء حكمه السلطوي والخيالي الذي استمر أربعة عقود. ولكنها تظهر أيضا انحسار دور القذافي في منطقة يتفوق فيها إقبال المستثمرين الأجانب والعلاقات التجارية مع آسيا، وتلهف داخلي على الديمقراطية على جاذبية الأموال الليبية. ويؤيد معظم دول الاتحاد الإفريقي التي تزيد على 50 دولة انتهاج الاتحاد سياسة محايدة تدعو لوقف لإطلاق النار و"خريطة طريق" للخروج من الحرب الأهلية التي فجرتها أعمال شغب وقعت في شباط (فبراير) بسبب حقوق الإنسان. ولكن الجهود الرامية إلى الحفاظ على خط إفريقي واحد تبددت بسبب مجموعة من الدول التي إما دعت القذافي إلى الرحيل أو ربطت مصيرها صراحة بالمعارضين بتشجيع من فرنسا والولايات المتحدة العضوين في حلف شمال الأطلسي. وأصبح الرئيس السنغالي عبدالله واد أول رئيس من الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء يزور مدينة بنغازي معقل المعارضين للاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي. واستقبل أيضا زعماء المجلس في العاصمة السنغالية دكار. وبالقدر نفسه من الأهمية صدر بيان الأسبوع الماضي نسب إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز والذي كان جزءا في السابق من لجنة وساطة الاتحاد الإفريقي بشأن ليبيا، قال فيه إن رحيل القذافي أصبح ضرورة. وأوضحت الآن تشاد التي واجهت اتهامات من المجلس الوطني الانتقالي الليبي بأن جنودها يقاتلون إلى جانب قوات القذافي، أنها لا تدعم القذافي وذلك حسبما أعلنت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية بعد محادثات مع وزير الخارجية التشادي الأسبوع الماضي. وقطعت إيلين جونسون سيرليف رئيسة ليبيريا العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا يوم الثلاثاء، معلنة أن القذافي فقد شرعيته في حين حذت حذوها جامبيا الواقعة في غرب إفريقيا والتي تشتهر بأنها مقصد للسائحين الذين يزورون شواطئها وأحراشها. وبالنسبة لمعظمهم فإن الأثر الاقتصادي للتخلي عن القذافي سيكون محدودا بشكل مفاجيء. فعلى الرغم من الوعد المبالغ فيه بتنفيذ ما يعرف باسم محفظة ليبيا - إفريقيا للاستثمار لتحويل مليارات الدولارات إلى"الموارد الطبيعية والتكنولوجيا والسياحة والعقارات والخدمات والشؤون المالية" على مدى خمس سنوات، يقول مراسلو رويترز في شتى أنحاء إفريقيا إن كثيرا من تلك المشاريع لم تنفذ تقريبا. وهذا هو الحال بالنسبة لمشروع ليبي تبلغ تكلفته 300 مليون دولار لتشجيع الإنتاج المحلي من الأرز في ليبيريا، وتجديد فندق دوكور في منروفيا وهو أحد بضعة فنادق خمسة نجوم في إفريقيا ولكنه سقط ضحية الحرب الأهلية في التسعينيات هناك. ودفع تجميد الأمم المتحدة للتحويلات المالية الليبية النيجر المجاورة الأسبوع الماضي إلى إلغاء عقد للاتصالات قيمته 30 مليون دولار مع الشبكة الخضراء الليبية، مشيرة إلى عدم احترام بنود الصفقة. وقال مارك شرويدر المحلل في مؤسسة ستراتفور عن المنح النقدية السخية التي استخدمها القذافي لتملق النخبة السياسية المحلية "إنه لا يستطيع استخدام حساباته الخارجية، ومن ثم فإنه لا يستطيع تحويل أموال لشبكة أصدقائه القدامى في الساحل." والزعماء الأفارقة الذين يتعين على القذافي التعامل معهم الآن أذكياء ومدركين لدورهم المحوري في الهرولة العالمية على الموارد الطبيعية بشكل أكبر مما كانوا عليه قبل بضع سنوات.