البحرين وخيارات التقسيم!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يوسف البنخليل
هل وصلنا لمرحلة ينبغي أن ندرس فيها خيارات تقسيم البحرين بين مكونات الشعب، فمحافظة المحرق يأخذها أبناء الطائفة السنية، والمحافظة الشمالية يأخذها أبناء الطائفة الشيعية.. ويمكن القياس على ذلك؟ لا أعتقد أن التعايش السلمي بين مختلف الطوائف بات مستحيلاً رغم صعوبته. وندرك جيداً أن هناك من ينظر في خيارات التقسيم كأحد خيارات البقاء الاستراتيجية لمكونات المجتمع البحريني في مستقبل الدولة البحرينية. فهل يحق له ذلك؟ هناك من وصل إلى مرحلة متقدمة من الإحباط حتى أصبح ينادي بتقسيم البحرين جغرافياً لإنهاء الخلافات السياسية التي لم تنته منذ الاستقلال بين مطالب بجمهورية ومطالب بملكية ومطالب بدولة دينية. في الجغرافيا السياسية، فإن البحرين تصنف بأنها من الدول الجزرية محدودة الإمكانات الطبيعية والبشرية، ومثل هذا النوع من الدول غالباً ما يعاني تحديات تتعلق بالبقاء، وتكون الدولة في قلق مستمر بشأن خيارات بقائها، خصوصاً إذا كانت في منطقة استراتيجية تضم مصالح دولية أساسية. لا يعني ذلك تماماً أننا بحاجة لأن ندرس خيارات تقسيم البحرين الآن أو حتى مستقبلاً فدراسة خيارات البقاء ينبغي ألا تشمل التقسيم بقدر ما تشمل السعي نحو إقامة كيانات سياسية أوسع يمكن أن تضيف لقوة الدولة البحرينية قيمة مضافة، وتحقق لها مزيداً من الأمن والاستقرار والرخاء بمرور الوقت. وبالتالي فإن الاعتقاد السائد بإمكانية تقسيم البحرين إلى كنتونات صغيرة أو متناهية الصغر يدخل في نطاق الخيال السياسي لا أكثر، ولا يمكن فهمه بغير ذلك. الخيارات الاستراتيجية لبقاء الدولة البحرينية ينبغي أن ترتكز على الحفاظ على وحدة الإقليم الجغرافي للدولة، وليس تفكيكها، فالموارد المتاحة محدودة جداً، وأي تقسيم سيؤدي إلى صراع آخر حول الموارد بدلاً من الصراع حول الهوية والأيديولوجية كما هو دائر الآن. بالمقابل فإن المزاج السياسي العام حالياً يتجه نحو الحفاظ على التوزيع الجغرافي القائم على أسس طائفية، ونبذ أية محاولات لإنشاء مناطق جغرافية جديدة سواءً كانت مدن أو قرى تقوم على أسس مختلطة بحيث تضم مختلف مكونات المجتمع، كما هو الحال بالنسبة لمدينة عيسى أو مدينة حمد. وسبب ذلك هو حالة الكراهية المتبادلة التي ظهرت إثر الأحداث الأخيرة لاعتبارات طائفية عديدة، وهذه باتت الآن مطالبات شعبية كما نراها تجاه العديد من المشاريع الإسكانية التي أعلن عنها مؤخراً. قد تكون التأثيرات الأمنية لمثل هذه الفكرة معروفة وإيجابية، ولكننا نتحدث عن هوية دولة ومستقبل دولة، وهو أمر مازال غامضاً إذا كنا نتحدث عن تأثير التوزيع الطائفي للمناطق الإسكانية الجديدة على الدولة، وأعتقد أنها مسألة بحاجة لدراسة ميدانية شاملة بشكل عاجل