جريدة الجرائد

الصراع التركي الإيراني على سوريا

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

سمير الحجاوي

يغيب العرب تماما عن المشهد السوري حيث لا مواقف من أي دولة عربية حيال المظاهرات الاحتجاجية التي تطالب بإسقاط النظام، بينما تتخذ كل من إيران وتركيا مواقف مؤثرة على الأحداث هناك.
فقد انحازت إيران إلى نظام بشار الأسد كليا وأعلنت دعمها الكامل له، وتحدث الأمريكيون والأتراك وشهود عيان عن إقدام إيران على تقديم دعم عسكري لنظام الأسد من أجل التصدي للاحتجاجات، وصلت إلى حد اتهام إيران بإرسال جنود من الحرس الثوري أو بعض مقاتلي حزب الله اللبناني للتصدي للمتظاهرين، وهي اتهامات لم يتم تقديم أي أدلة عملية عليها، باستثناء احتجاز تركيا لطائرة أسلحة إيرانية كانت متجهة إلى سوريا.
في الجانب الآخر اتخذت الحكومة التركية موقفا صارما يطالب الأسد بالإصلاح وإجراء انتخابات ديمقراطية والاستجابة للمطالب الشعبية، وإن لم تصل تركيا في مطالبها إلى درجة مطالبة نظام الأسد بالرحيل، وكذلك الأمر بالنسبة للموقف الفرنسي وموقف الاتحاد الأوروبي وبدرجة أقل المواقف الأمريكية المرتبكة والمترددة والتي "تقدم رجلا وتؤخر أخرى"، ومع ملاحظة تطور الموقف الروسي حيث أعلن رئيس الوزراء فلاديمير بوتن أنه لا يوجد علاقات خاصة بين روسيا وسوريا، وهو ما يفتح الباب أمام تغير أكبر في هذا الموقف والابتعاد عن دعم نظام الأسد.
في ظل هذا المشهد يغيب أي رد فعل عربي رسمي ، فالحكومات العربية منقسمة بين من يؤيد نظام الأسد تحت الطاولة ، وبين من ينتظر النتيجة النهائية للصراع ببين نظام الأسد والشعب.
وخلافا لليبيا التي انحازت فيه بعض الدول العربية للشعب الثائر، خذل الجميع الشعب السوري على الصعد كافة، سياسيا وإعلاميا، خاصة في الأيام الأولى للثورة حيث تعاملت وسائل الإعلام العربية مع ما يجري هناك إما بالتجاهل التام أو على طريقة "رفع العتب"، وهو ما أثار غضب الثوار السوريين، أما سياسيا فقد لاذ الجميع بالصمت على أمل أن يحسم النظام السوري المعركة لصالحه، وهو ما لم يستطع فعله.
لا شك أن التأثير الجيوسياسي لسوريا كبير جدا، خاصة وإنها على تماس تام مع عدد من الملفات الساخنة في المنطقة، من إيران والعراق ولبنان وفلسطين، وبالتالي فإن سقوط النظام بشار الأسد قد يؤدي إلى بعثرة الأوراق وتغيير قواعد اللعبة، وهذا ما يجعل من نظام البعث السوري ورقة مطلوبة عربيا وإقليميا وإسرائيليا، وهذا بالضبط ما يربك الحسابات الرسمية العربية ويجعلها في حيرة من أمرها، أو مساندة نظام الأسد من وراء ستار، كما أعلن وليد المعلم، وزير الخارجية السوري عندما أكد "أن جميع الدول العربية بلا استثناء" تدعم نظامه. وهو أمر يمكن أخذه على محمل الجد وتصديقه في ظل "مواقف الصمت" المعلنة للأنظمة العربية الحاكمة.
في ظل هذا المشهد العربي تمسك إيران وتركيا بالورقة السورية، فإيران ومعها حزب الله اللبناني اختارا دعم نظام الأسد والدفاع عنه، وتطور الموقف التركي خلال 100 من الثورة في سوريا، فقد انتقل من مرحلة الصمت، إلى مطالبة النظام بتنفيذ إصلاحات، ومن ثم إلى التهديد بالانحياز إلى المواقف الأوروبية ضد النظام السوري، وحثه إلى الكف عم ممارسة العنف ضد المدنيين العزل، وهو ما دفع بشار الأسد إلى إرسال مبعوث إلى أنقرة لمحاولة تخفيف الضغط التركي.
في المقابل يغيب أي فعل عربي على الساحة السورية، ويتصرف النظام في دمشق وكأنه يضع جميع الحكومات العربية "في جيبه"، مما يجعل الساحة السورية ملعبا للقوى الدولية والإقليمية، في ظل شلل عربي وعجز عن التأثير.
مشكلة نظام الأسد أنه لا يقدم ما يمكن الحكومات العربية من لعب أي دور إيجابي لإيجاد حل يخرج سوريا من أزمتها، فالنظام متمسك بالسلطة، واحتكار الحكم بواسطة أجهزة الأمن، ويرى أن "الحل الأمني" هو الأمثل، ويمارس أقصى درجات العنف ضد المتظاهرين، ويحاصر المدن، ويمنع المدنيين من الفرار من الموت إلى ملاذات أمنة في تركيا، ويمعن في التضليل والخداع دون أن يقدم أي إجراءات لإرضاء الشعب باستثناء الوعود التي لا يصدقها السوريون.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف