جريدة الجرائد

الناتو ينحرف عن أهدافه المشروعة في ليبيا

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

مكرم محمد أحمد

في الوقت الذي يسائل فيه الكونجرس الأمريكي الرئيس أوباما عن جدوي استمرار الولايات المتحدة في عمليات القصف الجوي المتواصل لليبيا التي تجاوزت

الأهداف التي حددها مجلس الأمن في حماية المدنيين الليبيين لتتحول علنا إلي عملية مطاردة منظمة تستهدف اغتيال العقيد الليبي متي سنحت الفرصة في سابقة دولية خطيرة تصمت الدول العربية التي سارعت إلي مساندة مهمة الناتو عن هذا الانحراف الخطير في مهمة الحلف, ليس لأن العقيد القذافي يستحق مصيرا افضل ولكن لأننا إزاء سابقة خطيرة لا نظير لها يتكاتف فيها الأمريكيون ودول الناتو علي تنفيذ حكم مسبق بإعدام القذافي بينما تتباطأ جهودهما في تقديم عون حقيقي لمجلس الحكم الانتقالي في بنغازي, الأمر الذي يثير المخاوف والشكوك من أن يكون الهدف النهائي للتحالف الغربي تكريس انفصال شرق ليبيا عن غربها وتمزيق وحدة التراب الليبي!
وبرغم أن القصف الجوي لقوات الناتو الذي يتواصل الآن علي امتداد ما يقرب أربعة أشهر بهدف تقليم أظافر القذافي وتقليص قدرته علي إيذاء شعبه وإلزامه القبول بالتخلي عن السلطة بعد أن فقد شرعيته لفظاعة الجرائم التي ارتكبها ضد الشعب الليبي علي مدي حكمه الذي استمر42 عاما لايزال القذافي يسيطر علي معظم المنطقة الغربية بما في ذلك العاصمة طرابلس ولاتزال قواته قادرة علي أن تضرب مدينة مصراته بقوة التي استولي عليها الثوار قبل شهر برغم تقارير الناتو التي تقول إنه فقد ما يقرب من80% من قدراته العسكرية في الوقت الذي يسيطر فيه الثوار الليبيون علي المنطقة الشرقية من طبرق حتي أجدابيا غرب مدينة بنغازي يتقدمون في اتجاه العاصمة طرابلس بضعة أميال لكنهم لا يلبثون أن يتراجعوا تحت ضغوط قوات القذافي يعانون من نقص المؤن والمعدات والأموال برغم اعتراف الغرب بأنه يستحوذ علي أكثر من45 مليار دولار أرصدة مجمدة للعقيد القذافي تم مصادرتها في الولايات المتحدة وانجلترا.
لقد كان المتوقع أن تستمر حملة الناتو لعدة أيام أو بضعة أسابيع علي الأكثر كي تنهي مهمتها في ليبيا لكنها تدخل شهرها الرابع دون أي إشارة تدل علي أن المهمة قاربت علي الانتهاء برغم حجم التدمير الهائل الذي طال مؤسسات الدولة والجيش والذي يحتاج إلي مليارات عديدة سوف تذهب إلي جيوب من خربوا ليعاودوا إعمار ما خربوه. برغم أن الناتو قصف باب العزيزية مقر إقامة العقيد ومقر الحكم أكثر من مرة حتي تحول إلي مجرد انقاض لايزال القذافي يخرج من مخبئه بين الحين والحين في أكمل هندام ليؤكد للشعب الليبي أن الناتو لن ينتصر ولن يتمكن من الوصول إلي مخبئه الحصين الذي يعتقد كثيرون أنه يختفي عميقا تحت الأرض لأنه يشكل جزءا من تجهيزات أنفاق مشروعه الاسطوري النهر العظيم.. وكان المتوقع ايضا أن يخرج سكان العاصمة طرابلس إلي شوارع المدينة علي بكرة أبيهم يطالبون باسقاط العقيد فور استيلاء الثوار علي مدينة مصراته وبدء زحفهم إلي المنطقة الغربية لكن الخوف لايزال يسكن المدينة التي آثرت التريث والانتظار إلي أن ينبلج الخيط الأبيض من الخيط الأسود وزاد من سوء الموقف أن قصف الناتو طال بعض المناطق السكنية غرب العاصمة حيث سقط اكثر من15 قتيلا بينهم ثلاثة اطفال في عملية طالت بناية خويلدي الحميدي أحد أنصار القذافي وصهر ابنه سعدي قائد القوات الخاصة, ومع أن المسئولين في حلف الناتو يصرون علي أن البناية كانت تستخدم كمركز قيادة للعمليات العسكرية يؤكد شهود عيان وبينهم صحفيون أجانب أن كل الضحايا من المدنيين أقارب صهر القذافي.
هل كان الناتو يعرف أنه يستهدف بناية خويلدي الحميدي صهر سعدي القذافي؟! المسئولون عن الحلف يؤكدون أنهم لا يستهدفون اشخاصا برغم أن الحلف سبق أن قصف مقر إقامة القذافي في باب العزيزية حيث قتل ابنه الأصغر وولديه كما قصف الخيمة التي يلتقي فيها القذافي مع ضيوفه الاجانب ولا أظن أن أيا من القائمين علي أمر الناتو يمكن أن ينكر التغييرات الواضحة التي طرأت علي أهداف التدخل الغربي في ليبيا التي تحددت في البداية في إقامة منطقة حظر جوي تمنع قوات العقيد من الوصول إلي مدينة بنغازي وارتكاب مجزرة ضد سكانها الذين أعلنوا خروجهم عن طوع العقيد, مع عدم توريط الحلف في أية محاولات لإسقاط نظام الحكم الليبي كانت قوات العقيد أيامها علي مشارف بنغازي توشك علي اقتحامها لولا تخدل قوات الناتو في مارس الماضي ثم ما لبث أن تغير هدف العمليات مرة ثانية ليصبح تخليص ليبيا من حكم ديكتاتوري استمر أكثر من40 عاما, والآن لا يخفي قادة الحلف أن هدفهم الأساسي هو التخلص من شخص العقيد بأي ثمن وملاحقته بالقصف الجوي في أي مكان يمكن أن يوجد فيه.
صحيح أن دولة القذافي قد تفككت وأن حاجز الخوف قد انكسر وأن عددا من وزراء العقيد المؤثرين قد غادر الحكم ليلتحقوا بالثوار أو يهربوا إلي الخارج وأن عزلة العقيد الدولية تزداد إحكاما بعد موافقة الروس علي اسقاط شرعية حكمه وأن الجيش الليبي يتعرض لعمليات خروج جماعي بدأت بخروج ثمانية جنرالات الشهر الماضي ظهروا لأول مرة في ايطاليا وانتهت قبل عدة أيام بخروج20 ضابطا شابا رفضوا اطلاق النيران علي الشعب الليبي لكن القذافي لا يزال يملك من أسباب القوة التي تمكنه من شراء ولاءات قوي قبلية عديدة, اضافة إلي سيطرة ولديه سعدي وسيف الإسلام علي أهم فرق الجيش وأقواها تسليحا وتدريبا فضلا عن توجس عديد من الليبيين من أن يكون هدف التدخل الغربي الاستيلاء علي البترول الليبي برغم أن القذافي لا يمانع في إعادة التفاوض مع شركات البترول الأمريكية والغربية إذا قبل حلف الناتو وقف اطلاق النار والدخول في مرحلة جديدة من التفاوض تنظم عملية نقل السلطة لكنها تبقي علي العقيد القذافي داخل البلاد, الأمر الذي يرفضه مجلس الحكم الانتقالي في بنغازي الذي يطالب برحيل القذافي وأولاده قبل الدخول في أي تفاوض.
والواضح الآن أن الأمريكيين خاصة أعضاء الكونجرس يتململون من حرب طالت دون مبررات واضحة لا تشكل دوافعها جزءا من الأمن القومي الأمريكي لأن الولايات المتحدة لاتستفيد من البترول الليبي الذي يذهب معظمه إلي الغرب الأوروبي وتسبب حرجا بالغا للولايات المتحدة لأنها تكشف عن معاييرها المزدوجة في التعامل مع الثورات العربية كما تكشف نفاق الغرب الذي تحمس للتدخل العسكري في ليبيا لحماية مصالحه وتكريس سيطرته علي بترول البلاد, فضلا عن أن نتائج التدخل العسكري لاتزال في علم الغيب, تتعلق بمجرد صدفة قد تقع غدا وقد تتأخر طويلا تمكن طائرات الناتو من اصطياد العقيد أو إثارة فزعه إلي حد يدفعه إلي طلب النجاة بجلده برغم أن الأمريكيين تركوا في مايو الماضي قيادة عملية ليبيا إلي حلف الناتو واكتفوا بدور داعم يمكن الحلف من طلب استخدام القوة الجوية الأمريكية للمعاونة في بعض العمليات, إلا أن نسبة غير قليلة من أعضاء الكونجرس تقترب من ثلث مجلس النواب87 جمهوريا و61 ديمقراطيا تصر علي إلزام الرئيس أوباما إنهاء التدخل العسكري الأمريكي في ليبيا خلال اسبوعين علي الاكثر وتهدد بوقف أية اعتمادات مالية تتعلق بالانفاق علي القوات التي تشارك في هذه العمليات, لكن ثمة ما يؤكد أن الجمهوريين والديمقراطيين يمكن أن يتفقوا علي حل وسط يخول للرئيس أوباما الاستمرار في استخدامه المحدود للقوات الأمريكية لحماية المصالح الأمريكية في ليبيا لمدة عام علي الأكثر لعل العقيد القذافي يسقط أو يرحل أو يقتل خلال هذه المرحلة لكن مشروع القرار يقيد سلطة الرئيس الأمريكي في نشر أي قوات أمريكية علي الأرض ويلزمه مراجعة الكونجرس في أية خطوات تتعلق بالشأن الليبي.
يحدث ذلك في الولايات المتحدة بينما يتواني العرب الذين سارعوا إلي تأييد قرار مجلس الأمن بفرض منطقة حظر جوي عن اتخاذ أية خطوات واضحة وجادة تعزز المشاركة العربية في القرار الدولي المتعلق بالشـأن الليبي الذي اصبح وقفا علي الأمريكيين والفرنسيين والبريطانيين برغم أن التأييد العربي لقرار الحظر الجوي كان الغطاء الأهم الذي مكن مجلس الأمن من إصدار قراره وتلزم حلف الناتو الالتزام بمنطوق قرار مجلس الأمن وعدم تجاوزه إلي أهداف لا يتضمنها مغزي القرار أو مبناه وتطالب الغرب بتحويل الأرصدة المجمدة باسم العقيد القذافي في بنوك أمريكا وأوروبا لصالح مجلس الحكم الإنتقالي في بنغازي والالتزام الواضح والموثق بالحفاظ علي وحدة التراب الليبي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لن يغفر التأريخ لهم.
صخر -

لن يغفر التأريخ لمن ساهم في الحرب القذرة على ليبيا أبدا....و تحت أية يافطة أو بأي حجة كانت!!!!! نعم يحق للشعب الليبي المسالم أن يتمتع بكل ما يلزمه الأنسان من معان الحرية و التعبير و التطلع للحصول على ما يمكنه من الأعتزاز بنفسه كأنسان و آدمي....و لكن تبقى ليبيا كوطن هي رصيد الشعب الليبي و أن ما تم بنائه يعتبر ملك لهم جميعا , و يحق لأي فريق من الأخوة الأعداء أن يعتز بها ويتمتع بخيراتها, أما ان يأتي الأجانب تحت أية مسميات و حجج و يدمروا و يقتلوا و يخربوا.... فهذا الأمر يتعدى حدود السياسة و السياسيين و يتجاوز حق الأنسان اليبي في الرد و الوقوف ضده و يصبح الأمر ضرورة أنسانية و أخلاقية يتطلب من الجميع الوقوف ضده و منعه.......لأن السكوت عن الضلم يعني التجرد من الأنسانية و الأخلاق و المباديء التي تربينا عليها....... و لنرفع أصواتنا و نكتب أحتجاجنا لما يحدث في ليبيا ....فأن الأنسان الليبي له حق كأي أنسان و كأي كائن حي أن يحترم و أن يعيش بسعادة وحرية سالما آمنا في بلده ليبيا التي كانت واحة حضراء لهم و لضيوف أقاموا فيها و خدموا تلك البلد......ليحمي الله ليبيا و جميع البلدان الأمنة و كوردستان الحبيبة, و شكرا ليلاف.

الظلم وليس الضلم
جيل الإنتكاس والجهل -

الحرب القذرة قام بها القذافي! كان الوضع سيكون أقذر لولا انجدنا العالم! وحتى بعد ان جاءت النجدة لا زال يرسل آلته الدموية حتى الساعة! اذا عنده ذرة حب لهذا البلد لما استمر دقيقة واحدة في الحكم بعد التدخل الدولي لكنه أبى وأخذته العزة بالإثم واستكبرا إستكباراً! بالأحرى لن ينسى العالم مدى حقارة هذا الكائن في قتله لشعبه الذي تحمله 42 عام وكانت هذه هدية الرحيل المتفردة في الحقد والإجرام! وهذا الإعتزاز والفخر الذي علمه لكم القذافي نظف به القاذورات التي طفحت على اسطح شوارع المدن الليبية التي تم قصف الصرف الصحي فيها بمدافع القائد الزعيم في العفن والسعار والدموية الفاشية!مثلكم مثل قائدكم الأعور لا يهيجكم الا دفاع الناس عن أنفسهم أما أفعالكم المشينة وشنائعكم فهي حق لكم وحدكم وهذا حسب عقيدتكم المريضة فمسعوركم الكبير هو الذي يمنح الحياة وبالتالي فبإمكانه ان يأخذها ولا من يحاسبه على ذلك! وهو الذي يعطي كل شيء الخبز والحليب والبنزين والحرية والكرامة والشرف والباطرول كما ينطقها فمه العفن! شينك جيش الكتروني متخلف متعبين روحكم وتتسخفوا وتتباكوا لحل ورطتكم اللعينة ومساعدة مخلصكم واهب الحياة والموت والدنانير الحقيرة التي منعتكم من وقفة الرجال! يا عديمي الحياء لا تستحون تتكلموا عن الانسانية والاخلاق وتحتجوا وانتم تساندون هذا الخفاش الذي يتخفى ويبعث بكم لمهامه الخسيسة!أنتم قلة وكل يوم تنقصون للنجاة بحياتكم ومن لا زال معه حتى الساعة ليس إلا شيطاناً مثله! الإنسان الليبي بريء منكم ولا يتشرف ان ينتمي اليكم وهو سعيد من يوم قالها لكم انتم وقائدكم المسعور لم يعد لكم مكان بيننا!ستكون ليبيا أجمل وأأمن بدونكم أكثر خضرة ونماء وكرامة وحرية وكل شيء يتمناه كل ليبي حر شريف ولم يكن ليتحصل عليه في ظل قائدك الغائر في أعماق الأرض كالجرذان! وستفتح ليبيا أبوابها على مصراعيها لكل العالم الحر النزيه وليس لإصدقاء المنفعة و زيادة الإذلال! أنتم وقائدكم وليس غيركم السبب الأول والأخير فيما عانته وتعانيه ليبيا اليوم وهي في طريقها الى الخلاص منكم إلى الأبد!ليحمي الله ليبيا من أمثالكم في الحقد والإنانية وحب إيذاء الغير واستعباد البشر فكة من وجوهكم القبيحة في كل ليبيا الحبيبة!

الانحراف الأحلى
الطرابلسي الغربي -

ليت الناتو إنحرف أكثر وخلصنا من هذا الرجل. كان ذلك سيكون أحلى إنحراف يسجله التاريخ.