الشيخ رائد صلاح 'ارهابيا'؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عبد الباري عطوان
اعتقال الشيخ رائد صلاح من قبـــل قوات الامن البريطـــانية بعد دخوله بطريقة مشروعة تلبية لدعوة من قبل برلمانيين بريطانيين للمشاركة في ندوة سياسية، هو احد ابشع انواع المكارثية، واحياء لمحاكم التفتيش الاوروبية الديكتاتورية التي تنتمي الى عصر الظلمات والتخلف الفكري.
الشيخ رائد صلاح لم يدخل بريطانيا متزنرا بحزام ناسف، ولم يخف متفجرات تحت قبعته، كما انه لا يعتنق فكر تنظيم 'القاعدة' وايديولوجيته، وانما دخلها كرجل صاحب رسالة سلمية، وداعية للتعايش بين الاديان والثقافات، اسلحته الحجة والمنطق والفكر المستنير.
تيريزا ماي وزيرة الداخلية البريطانية التي اتخذت حكومتها قرار الاعتقال، ومن ثم الابعاد لا تقف على اي ارضية قانونية، وانما تخضع في موقفها هذا لابتزاز جماعات ضغط يهودية صهيونية، تريد تحويل بريطانيا الى جمهورية موز، وتشوه صورة مؤسساتها الديمقراطية، وبرلمانها الاعرق الذي كان الشيخ رائد صلاح سيحاضر في احدى قاعاته، وبحضور عدد من نوابه.
فكيف تبرر حكومة المحافظين الائتلافية منع رجل مسالم لم يدن في البلد الاكثر عنصرية في العالم الذي يحمل جنسيته، وسمح له بالمغادرة، وهي التي تتدخل عسكريا في ليبيا، وتقتل صواريخها وطـــائراتها عشرات المدنيين تحت شعار الحرية وحقوق الانسان وترسيخ قيم العدالة والديمقراطية؟
انها حكومة اكثر اسرائيلية من اسرائيل نفسها، وتمارس قمع الحريات التعبيرية والانسانية ضد كل صاحب حق يريد التعبير عن مظالم شعبه بالطرق الحضارية الديمقراطية، ويدخل الدول من ابوابها وليس متسللا في شاحنة او بجواز سفر مزور.
الشيخ رائد صلاح يتحدث باسم اصحاب الارض الشرعيين الذين اغتصب اليهود الهاربون من القمع والمحارق الاوروبية ارضهم وطردوا وهجروا الغالبية العظمى منهم، اما من تبقى، وهم يمثلون خمس عدد سكان الدولة الجديدة العنصرية فيواجهون اقسى انواع التمييز والتفرقة، ويعاملون كمواطنين من الدرجة العاشرة في دولة تتباهى زورا وبهتانا بانها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة.
كنا نتمنى لو ان الحكومة البريطانية قد اعتقلت ايهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي الذي ارتكب جرائم حرب في قطاع غزة، واصدر اوامره باستخدام قنابل الفوسفور الابيض ضد ابنائها العزل المحاصرين، او بنيامين نتنياهو وافراد حكومته الذين ارتكبوا مجزرة السفينة مرمرة في عرض البحر المتوسط في المياه الدولية، ولكنها لم تفعل ولن تفعل، لان هؤلاء يمثلون دولة تعامل من الغرب المتحضر الديمقراطي كما لو انها فوق كل القوانين، ويتمتع ارهابيوها بالحصانة مهما ارتكبوا من جرائم او مجازر.
' ' '
كيف يمكن ان يكون الشيخ رائد صلاح معاديا للسامية وهو وكافة ابناء الشعب الفلسطيني اكبر ضحايا السامية. الشيخ رائد صلاح لم يقتل اسرائيليا ولم يلق حجرا على اي يهودي داخل اسرائيل او خارجها، بل لم يؤذ احدا طوال حياته، فكيف يعامل بهذه الطريقة العنصرية المهينة استجابة لجماعات تريد كتم الصوت الآخر، ومصادرة حرية التعبير في دولة تقول انها قبلة الرأي الآخر والقيم الديمقراطية.
هذا الرجل الوقور القادم من رحم المعاناة، المؤمن بدينه، المدافع عن عقيدته مثال الصبر والجلد في وجه الظلم والاضطهاد، لا يستحق مثل هذه المعاملة ذات الطابع العنصري الاقصائي، ومن حكومة تمثل الدولة التي تسببت في نكبة الشعب الفلسطيني، وحرمانه من ارضه ووطنه، وتشريده في مختلف انحاء المعمورة دون ان يرتكب اي ذنب، تكفيراً عن خطاياها في الصمت على محرقة اليهود في المانيا النازية.
لا نستغرب مثل هذا الموقف العنصري من حكومة يرأسها ديفيد كاميرون أحد الاعضاء البارزين في جمعية انصار اسرائيل في البرلمان البريطاني، ومن حزب المحافظين ان يتباهى بان ثمانين في المئة من نوابه اعضاء في هذه الجمعية، وعلى رأس هؤلاء وليام هيغ وزير الخارجية الذي يفتخر بانه انضم الى اللوبي المؤيد لاسرائيل عندما كان عمره لا يتجاوز الخمسة عشر عاماً.
انها احدى حلقات 'الاسلاموفوبيا' او المعاداة للاسلام التي تجتاح اوروبا، وبريطانيا على وجه الخصوص، هذه الايام، وتجعل من المسلمين الاعداء الجدد بعد انهيار امبراطورية الشر السوفييتية، فاذا كنت مسلماً فانك ارهابي، وعليك ان تثبت العكس.. انه امر مؤسف بكل المقاييس.
' ' '
ولعل ما هو أخطر من ذلك اتهام كل شخص ينتقد اسرائيل ومجازرها ضد العرب والمسلمين بانه معاد للسامية، ويجب مطاردته واغتيال شخصيته، ومنعه من التعبير عن وجهة نظره، بغض النظر عن دينه او جنسيته، فاسرائيل كيان مقدس، ويهودها هم الملائكة الذين يحرم توجيه اي نقد اليهم، وشاهدنا كيف كتب نيكولا ساركوزي رسالة الى الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليط الاسير لدى حركة 'حماس' بينما لم يعر اي اهتمام لعشرة آلاف اسير فلسطيني معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال.
نلوم انفسنا كعرب ومسلمين قبل ان نلوم بريطانيا وفرنسا وكل حكومات الغرب المتحضر على هذه المعاملة الاحتقارية لنا، والخنوع الكامل للابتزاز الاسرائيلي، فنحن الذين نملك البترول والارصدة، ونحن الذين نستثمر اكثر من ثلاثة تريليونات دولار، ونشتري صفقات اسلحة بمئات المليارات من الدولارات لانقاذ الاقتصادات الغربية من الافلاس، ومع ذلك لا نملك ذرة من التأثير لوقف هذا الهوان والذل اللذين نتعرض لهما على أيدي الحكومات الغربية واللوبيات الصهيونية المتحكمة فيها.
تضامننا الكامل مع الشيخ رائد صلاح، ونقدم شكرنا له في الوقت نفسه، لانه فضح اكذوبة ادعاءات الحكومة البريطانية حول الحرية واحترام حقوق الانسان، وكشف لنا الوجه الاستعماري البشع والقبيح الذي تحاول اخفاءه بلبس قناع الديمقراطية الزائف.
الاعتقال ليس جديداً على هذا الشيخ المجاهد من اجل قضية شعبه ومطالبه في العدالة والمساواة واستعادة حقوقه المشروعة، فقد قضى حياته متنقلاً من زنزانة الى اخرى، ولم يهرب مطلقاً، وهو المريض المتقدم في السن، اعتقاله وسام فخر جديد نضيفه الى اوسمة اخرى عديدة، وهو لن يكون الوسام الأخير على أي حال.
التعليقات
تثير الشفقة
عبدالسلام-لندن -لماذا لاتعمل موضوع عن كرة القدم أو عن موضى ملابس الصيف مثلا. هناك شعب سوري قتل منه أكثر من 1800 شهيد وأكثر من 20000 معتقل. هلا خصصت مقالا واحدا تطالب قتلة الشعب السوري من نظام و عصابات حزب الله وإيران بالرحيل والتوقف عن جرائمهم. لماذا كنت تتباكى على الشعب المصري وتكتب مقالين في اليوم, أما الان فقد جف قلمك حينما يكون المقتول هو الشعب السوري والقاتل هم تلك العصابة التي كنت تدافع عنها كل يوم.
كفانا مزايدات
لله جنود من عسل -تقول ان بريطانيا بلد الديمقراطيه الاوسع والبرلمان الاعرق فان كان صاحبك مظلوما في مثل هذا البلد فهذه تحتاج الى تفسير وثانيا اليس مجرد دفاع عبد الباري عطوان عن شخص هو دليل على ان ذلك الشخص اما ارهابي في التنفيذ او في التفكير والتشجيع وثالثا اذا بريطانيا غير ديمقراطيه فما راي السيد عطوان ان يعيش في قطر مثلا او في احد بلدان الممانعه والصمود والتصدي
اعانك الله
شاهين -اعانك الله يا استاذ عطوان على تعليقات المتصهينين والشعوبيين من خدام الصهاينة والمارينز بالفعل ان بريطانيا هي القابلة غير الشرعية التي ولدت الجنين ابن الحرام المسمى باسرائيل
Go Home
Abu Ari -ولكي تثبت كلامك انك لديك فعلا مبادئ، عليك فورا التنازل عن جنسيتك البريطانية والتوجه الى بلدك غزة للدفاع عن فلسطين، كفى المزايدات سمعنا منك كثيرا من للكلام .
عنوان الارهاب
ahmed -انا لا اعرف رائد صلاح وليست عندي عنه اي فكرة ولكن مجرد ان يدافع عنه عطوان فاني اضعه في خانة الارهاب بدون تردد
معاداة السامية
اوميد -ان اعتقال الشيخ صلاح جاء بسبب اتهامه بمعاداة السامية وهو ما يحاسب عليه القانون البريطاني فلاداعي لجر الموساة للمسألة ،حسب القوانين الأوربية كل من يعادي السامية تعتبر جريمة بالنظر لقوانيينهم وكان آخرها احد مصممي الأزياء الفرنسية الذي يحاكم الان ببريطانيا لاتهامه بمعاداة السامية .
معاداة السامية
اوميد -ان اعتقال الشيخ صلاح جاء بسبب اتهامه بمعاداة السامية وهو ما يحاسب عليه القانون البريطاني فلاداعي لجر الموساة للمسألة ،حسب القوانين الأوربية كل من يعادي السامية تعتبر جريمة بالنظر لقوانيينهم وكان آخرها احد مصممي الأزياء الفرنسية الذي يحاكم الان ببريطانيا لاتهامه بمعاداة السامية .
اين حرية الرأي
نادر -يا ايلاف لقد خذلتموني.كنت اقول لللاصدقاء ايلاف فعلا موقع ليبرالي ولكن للاسف بزرة المنع والحذف ما زالت متغلغلة في جيناتكم
اين حرية الرأي
نادر -يا ايلاف لقد خذلتموني.كنت اقول لللاصدقاء ايلاف فعلا موقع ليبرالي ولكن للاسف بزرة المنع والحذف ما زالت متغلغلة في جيناتكم