جريدة الجرائد

سمير منصور ورندة تقي الدين: ميقاتي والمحكمة ونفوذ حزب الله

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

نفوذ "حزب الله"

رندة تقي الدينالحياةإطلالة السيد حسن نصرالله السبت الماضي أكدت أمراً لم يعد مشكوكاً فيه. فالقرار القضائي والعسكري والأمني والسياسي والديبلوماسي هو عند "حزب الله" وكل ما تبقى من رموز للدولة اللبنانية ليس إلا غطاء لهذه الدولة التي رسمها السيد لكل لبناني كان ينتظر للاستماع لمن يمسك بزمام القرارات المصيرية في لبنان.فقول الأمين العام لـ "حزب الله" إنه لو كان سعد الحريري أو فؤاد السنيورة رئيساً للحكومة في هذه المرحلة لما استطاع اعتقال المطلوبين لا اليوم ولا بعد 300 سنة يناقض كلياً ما قاله الرئيس ميقاتي عن تعاون حكومته مع المحكمة الدولية فور تلقي لبنان القرار الاتهامي. ويطالب السيد المعارضة والمستمعين الى كلماته عدم تحميل حكومة ميقاتي أكثر مما بإمكانها أن تتحمل، في حين أنه يحمّلها أن تكون غير ملتزمة الشرعية الدولية ومخالفة للدستور اللبناني الذي ينص أن لبنان عضو في الأمم المتحدة وعليه أن يحترم جميع قراراتها. واقع الحال أن لا أحد في لبنان يتوقع توقيف أي متهم إذا كان من "حزب الله" كون الجميع يعرف أنه لا يمكن للدولة اللبنانية حتى جباية الضرائب أو فواتير الكهرباء من الضاحية الجنوبية في بيروت فكيف باعتقال متهمين من قبل المحكمة الدولية. فحكومة اللون الواحد هي في المظهر غطاء متنوع الطوائف لنفوذ مهيمن لـ "حزب الله" وأمينه العام عرض في خطابه عمق هذا النفوذ. فكشف لنا أن الوسيطين التركي والقطري جاءا بموافقة من الرئيس سعد الحريري على وثيقة التسوية التي سبقت سقوط حكومة الحريري ولكنه هو رفضها، إنما لم يكشف لنا أن رفضه هذا كان بإيعاز من الرئيس السوري بشار الأسد. وللتاريخ ولمن لا علم له أن الرئيس السوري هو الذي قرر تغيير سعد الحريري يجب الكشف عن مكالمة هاتفية تمت بين الرئيسين الفرنسي نيكولا ساركوزي والسوري بشار الأسد عندما كان الرئيس الحريري يزور ساركوزي بصفته رئيساً لحكومة لبنان. قال ساركوزي للأسد إنه يستقبل الآن سعد الحريري في الاليزيه ورد الرئيس السوري قائلاً لساركوزي: إنك حر أن تستقبل رئيس حكومة سابق. لا شك أن "حزب الله" حليف ثمين لسورية فهو منفذ فاعل لإرادة النظام السوري. إلا أن نفوذ الحزب كما عرضه لنا السيد لم يضعف في لبنان مع ضعف النظام السوري، لأن قوة سلاحه التي تكلمت في 7 أيار (مايو) 2007 في شوارع بيروت سيطرت على الدولة. فـ "حزب الله" وحلفاؤه أغلقوا البرلمان والطرق وفرشوا الخيم ونظموا الاعتصامات وعطلوا الدولة ليأخذوا السلطة الحقيقية في جميع المؤسسات في ظل حكومة رئيس لا يمكنه ممارسة ما يعلن عنه. فالسيد حسن نصر الله طمأن اللبنانيين والراغبين في زيارة لبنان أن لا فتنة في لبنان. فهو صاحب قرار الحرب والفتنة والسلام، فلنطمئن لأن لا أحد يريد الفتنة.إلا أننا نشهد الشعوب العربية تقاوم الأنظمة القمعية وتنتصر عليها في مصر وتونس وربما في سورية، و "حزب الله" يخطف الديموقراطية في لبنان تحت غطاء مسؤولين على رأس مؤسسات لا يمكنهم تنفيذ واجباتهم الدولية. فلنكتفِ إذن بوعد السيد بالسلام المدني ووعده لنا أن لا فتنة قادمة والحمد لله ولبنان بألف خير طالما أن السيد وحلفاءه يحموننا عبر عزلة لبنان القادمة عن الأسرة الدولية وأصدقائه التقليديين. ففي غد قريب عندما تصبح سورية ديموقراطية هل تبقى ديموقراطية لبنان مخطوفة؟التكهن حول مثل هذا السؤال صعب لأن حكومة ميقاتي أتت للسيطرة التامة على كل إدارات الدولة. فالعماد عون الذي حذر من استمرار التطاول بالكلام وعد اللبنانيين بتنظيف الإدارات وملئها بجماعته "النزيهة والمستقلة". فهنيئاً للبنان ديموقراطية "حزب الله" والعماد عون لأنها تحميه من الفتن وخصوصاً تترك المجرمين ينفذون الاغتيالات من دون محاسبة أو محاكمة. فالكل يعلم أنه لا يمكن في ظل مثل هذه الحكومة وما قاله نصرالله أن يقوم لبنان بتمويل المحكمة، والرئيس ميقاتي لن يتمكن من تجاوز قرار الحزب والعماد عون مهما قال لأن النفوذ الحقيقي اليوم أصبح للحزب خصوصاً أننا لم نسمع صوتاً عربياً يقول شيئاً.ثقة متوقّعة للحكومة بـ69 صوتاً ميقاتي يكرّر في ردّه تأكيد التعاون مع المحكمة سمير منصور النهار اللبنانية لم يكن في الإمكان إخراج موضوع المحكمة الدولية من التداول السياسي ولا سيما بعد صدور قرارها الاتهامي عشية جلسات مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي في مجلس النواب، وقد أرخى القرار بظلاله على كلمات النواب منذ الجلسة الاولى، ولكن سيبقى ممكناً التجاوب مع هذه الدعوة التي اطلقها مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني وأيده فيها على الفور رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط الذي يقود حملة اطلاق دعوات الى التهدئة واعتماد خطاب عقلاني هادئ "بعيدا من التشنج الذي يعيد انتاج التوتر، ولأن الذهاب بالبلاد الى أفق مسدود لا يخدم الاستقرار ولا يخدم العدالة" وفق تعبيره.وانطلاقا من هذه الدعوات المتتالية منذ المؤتمر الصحافي الذي عقده فور صدور القرار الظني للمحكمة، وصولا الى مقاله الاسبوعي أمس في جريدة "الانباء" الناطقة باسم الحزب التقدمي الاشتراكي، ومن اعلانه انه يضم صوته الى صوت مفتي الجمهورية في دعوته الى اخراج المحكمة من السجال السياسي، سيكون في استطاعة وليد جنبلاط الاضطلاع بدور أساسي في اعادة تصويب الامور نحو خطاب سياسي هادئ، يمنع نقل التوتر الى الشارع، وقد تعامل الناس بهدوء ورقي مع صدور القرار الاتهامي للمحكمة الدولية، ولم يتأثروا ببعض المواقع السياسية والاعلامية التي بدت احياناً وكأنها تبحث عن مشكلة!وبناء عليه، من غير المستبعد ان يزور جنبلاط قريباً المفتي قباني للتباحث في امكان التعاون على سحب قضية المحكمة من التداول السياسي ودائما على قاعدة العدالة والاستقرار معاً.ولعل معادلة "العدالة والاستقرار" تلك التي اطلقها وليد جنبلاط، من دون ان يرى تناقضا بينهما، تؤهله اكثر فاكثر للقيام بهذا الدور التوافقي، وهو يدعو الى "الارتقاء بالخطاب السياسي والاعلامي الى المستوى الذي تتطلبه هذه المرحلة والافساح في المجال امام الحكومة لالتقاط انفاسها على ان تحاسب لاحقا على ادائها".ومن خلال المعادلة التي وضعها عضو كتلة نواب "حزب الله" النائب علي عمار في كلمته التي ألقاها في مجلس النواب بعد ظهر أمس وقد شكل مفاجأة الجلسة الاولى بالهدوء الذي اتسمت به كلمته والتي رأى فيها ان "الهدف الثاني لمن ارتكبوا جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان المقاومة"، يمكن الانطلاق الى معادلة "العدالة والاستقرار" التي دعا اليها جنبلاط "والكل ملزمون مواجهة تحدي تلك المعادلة في المرحلة المقبلة، وعلى رأسهم الحكومة بطبيعة الحال" وفق مصادر سياسية مستقلة، ترى، خلافاً لوجهات نظر كثيرة، ان المواقف التي اطلقها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله حيال المحكمة الدولية تشكيكاً فيها ورفضاً للقرار الظني، لا تلزم الحكومة، فقد تحدث من موقعه كرئيس لحزب مستهدف ومعني مباشرة بالقرار الاتهامي، في حين ان منطق الدولة في التعامل مع المحكمة سيكون مختلفاً، أقله من خلال تأكيد الرئيس نجيب ميقاتي في كل مناسبة التعاون مع المحكمة.وفي ختام جلسات مناقشة البيان الوزاري سيكون لرئيس الحكومة رد مفصل على كل المواقف والملاحظات التي وردت في كلمات النواب ولا سيما نواب المعارضة. وتقول اوساطه انه سيعيد التشديد على التزام التعاون مع المحكمة وان "احداً لا يستطيع المزايدة عليه في هذا المجال. وهل قال ذات يوم غير ذلك؟ هل قال مرة انه ضد التعاون مع المحكمة او ضد القرار 1757؟".وتتوقع هذه الاوساط ان تنال الحكومة الثقة بـ69 صوتاً (68 عدد نواب الاكثرية الجديدة التي سمته لتشكيل الحكومة، والنائب ميشال المر). وتتحدث اوساط رئيس الحكومة التي تتحدث بثقة لافتة، عن مرحلة ما بعد نيل الحكومة الثقة، وتلفت تكراراً الى ان الحكم على الحكومة يكون من خلال عملها وادائها، "لا من خلال الحملات الاستباقية التي شهدتها في الايام الماضية، وصولا الى جلسات مناقشة البيان الوزاري" وكل آتٍ قريب!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف