بلطجة تحت قبّة البرلمان اللبناني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
"حزب السلاح" يحاول "7 أيار" نيابية
بيروت
الغيرة على النظام السوري وليس على حكومة لبنان برئاسة نجيب ميقاتي استحضرت ادبيات كتاب "كليلة ودمنة" عن عالم الحيوانات وعكّرت صفو اليوم الثاني من جلسات مناقشة البيان الوزاري التي اتسمت بـ"تفلت" نواب الأكثرية الجديدة من أي عقال سياسي أو أخلاقي، تُرجم بـ"كلمات نابية"، وبالتهويل بالفتنة، وبالعودة إلى مفردات التخوين والعمالة، التي أصاب عضو كتلة "المستقبل" النائب نهاد المشنوق بوصفها بأنها "تشبه من ينطق بها"، رداً على نائب "حزب الله" نواف الموسوي الذي اتهمه بأنه "عميل للمخابرات معروف اديش سعرك".
وكان سبق الموسوي إلى التوتير في الجولة الصباحية، نائب "البعث" عاصم قانصوه الذي ثار على إنتقاد عضو كتلة "المستقبل" النائب خالد ضاهر للنظام السوري، فكان أن نعته بـ"الكلب"، ما أدى إلى مشادة كلامية حادة بين الاثنين، انتفض في خلالها قانصوه متهجماً على ضاهر العائد إلى مقعده، قبل أن يتدخل عدد من النواب ورئيس المجلس نبيه بري لمنع تفاقم الأمور، قبل أن يبرر قانصوه فعلته بالقول :" أضفنا للجلسة جزءاً من السوسبانس"!.
وبدا واضحاً أن أعصاب نواب الأكثرية المسروقة في اليوم الثاني قد "تلفت"، لا سيما في الجولة المسائية، أمام مواصلة نواب "14 آذار" بـ"زخم" حملتهم على حكومة الانقلاب من بوابة السلاح غير الشرعي، وما تضمنه بيانها الوزاري من تخل مضمر عن الإلتزام بالتعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان. بيدَ أن اللافت تجلى في إصرار ثنائي "حزب الله" "أمل" مدعوماً من حلفائه على تمديد هيمنتهم إلى داخل المجلس النيابي، من خلال مقاطعة كلمات نواب "14 آذار"، بمداخلات متوترة وعصبية، دافعت عن النظام السوري والسلاح غير الشرعي، أكثر مما دافعت عن الحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي الذي أصابته كلمات نواب "14 آذار" مقتلاً، لا سيما في موضوع المحكمة والتنكر لدماء الشهداء، علماً أن نواب "حزب الله" واصلوا تأكيد مواقف أمينهم العام السيد حسن نصرالله ازاء التعامل مع المحكمة، إذ شدد النائب حسن فضل الله على "ان اي يد لن تصل الى المقاومين ولو كان اسمها المحكمة"، فيما اختصر الموسوي قرار "حزب الله" بإدارة "الأذن الطرشاء" للرأي الآخر وعدم احترامه قائلاً : "من يريد التكلم فليتكلم لكننا لن نسمع".
وعلق النائب المشنوق لـ"المستقبل" على الإتهامات التي وُجهت إليه من نواب "حزب الله" و"أمل" بالقول: "لن أنجر إلى كلام خارج السياسة، لأن الكلام مسؤولية، ولأن الإتهامات تنم عن عدم مسؤولية، ولست في موقع الرد على هذا النوع من السجالات التي لا تخدم، لا مصلحة البلد ولا السلم الأهلي ولا الإستقرار".
وإذ شدد على "أننا لن نقبل بإستقرار يقوم على حساب القتيل لصالح القاتل، وعلى حساب الضحية لصالح الجاني، وعلى حساب المظلوم لمصلحة الظالم"، دعا جمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى "عدم التوتر، لأن ما سمعناه من تهديدات بالأمس تجعلنا أكثر إطمئناناً، لأننا سنبقى على نضالنا السلمي من أجل الحقيقة والعدالة"، منوهاً بدعوة الرئيس بري "إلى مزيد من الحوار تحت عنوان المصالحة المسؤولة".
تجدر الإشارة إلى ان المشنوق ختم مداخلته النارية خلال الجلسة بالقول: "الحمد الله الحمد الله الحمد الله ثلاثاً أنَّ رفيق الحريري إستشهد قبل أن يسمع أحداً من أهل الأمة يقرأ بيان اغتياله مرة أخرى".
وإذا كان إحتقان نواب الأكثرية الجديدة قد طبع اليوم الثاني من جلسات مناقشة البيان الوزاري، فإن المجلس النيابي على موعد اليوم مع جولة ختامية عند الساعة العاشرة والنصف، يتحدث في خلالها 8 نواب، أبرزهم رئيس كتلة "المستقبل" فؤاد السنيورة وشقيقة الرئيس الشهيد النائب بهية الحريري، بعد أن بلغ عدد المتكلمين 50 نائباً، كما أعلن الرئيس بري، لافتا الى "ان التصويت على منح حكومة ميقاتي الثانية الثقة سيكون عند الساعة الواحدة والنصف".
وربطا بجلسة الأمس التي تكلم فيها على مدى 9 ساعات 27 نائبا. ، لم يبد واضحا لـ"المستقبل" بسؤالها نواباً ما الاتجاه الذي سيسلكه الرئيس ميقاتي في رده على مداخلات النواب: هل يتبنى التزام القرار 1757 ام لا؟
وعلى الرغم من كل التوتر الذي ساد جلسة الأمس، ، نقل زوار رئيس الجمهورية ميشال سليمان لـ"المستقبل" عنه القول: "انه مرتاح لسير النقاش الحاصل في مجلس النواب، والذي يحتكم إلى أصول اللعبة الديموقراطية التي تريح البلاد والعباد على حد سواء". وأضافوا: "على الرغم من وجهتي النظر داخل مجلس النواب حول البيان الوزاري والقرار الاتهامي، فإن رئيس الجمهورية يرى أن الأمور تسير بشكل مضبوط أمنياً وسياسياً، سيما وأن عيون الأجهزة الأمنية ساهرة وحاضرة لتطويق أي خرق يحصل في هذا الإطار". ولفتوا إلى ان رئيس الجمهورية "يعبّر عن إيمانه بأن لبنان سيتجاوز القطوع الذي يمر فيه، كما يعبّر عن تفاؤله بقدرة حكومة ميقاتي على تجاوز الصعاب، وبالتالي لا بد من إعطائها الوقت الكافي لتبيان خيرها من شرها".
لكن رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع وجه انتقادات لاذعة الى حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، معتبراً أنها أصبحت في "وضع غير مقبول"، في ضوء تعاملها مع القرار الاتهامي في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وقال، في مقابلة مع CNN" بالعربية"، إن "التحالف المعارض سيعمل بكل قوته لإسقاط حكومة ميقاتي".
وكان المطارنة الموارنة تمنوا للحكومة الجديدة "أن تتحمل مسؤولياتها الجسام في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ لبنان والمنطقة، سواء أكان على مستوى الداخل بتقريب وجهات النظر وتوحيد صفوف اللبنانيين وجمع كلمتهم ومعالجة قضاياهم الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والإنسانية، أو تجاه الخارج فتعمد لاحترام المواثيق والإتفاقيات والتقيد بالقرارات الدولية وحفظ مكانة لبنان في مصاف الدول المتحضرة".
ورأى أن "إصدار المحكمة الدولية قرارها الظنّي في الوقت الذي كانت الحكومة الجديدة تستعد لمناقشة بيانها الوزاري قد أجّج الجدال وزاد الشرخ بين الفرقاء السياسيين في لبنان"، وناشد "جميع المسؤولين السياسيين الحفاظ على مستوى النقاش الديموقراطي الراقي، والسعي إلى توحيد الرؤية وإظهار الحقيقة والعمل على تحقيق العدالة التي من شأنها وضع حدّ لمسلسل الاغتيالات ووأد الفتنة في البلاد".
في سياق آخر، ثمّن رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط "المواقف المسؤولة التي أعلنها وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في ما يختص بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان وضرورة تعاطي اللبنانيين معها بعقلانية وهدوء"، معتبراً أنَّ موقف الفيصل "يتقاطع" مع موقفه السابق الذي أكد فيه "أهمية العدالة والإستقرار في لبنان". وقال: "هذا الموقف السعودي هو تتمة لمواقف عديدة سابقة أكّدتها المملكة في الكثير من المحطات وأثبتت فيها دعمها للبنان ورفضها أن يسقط في التوتر والفتنة"، معرباً عن أمله في أن "يشكل هذا الموقف المتقدم حافزاً لجميع القوى السياسية اللبنانية للإعتبار منه في هذه المرحلة الحساسة بالذات ولجعله منطلقاً للتعاطي بعقلانية ومسؤولية مع ملف المحكمة الدولية بكل متفرعاتها ومتطلباتها بالتوازي مع حتمية إعلان إطلاق الحوار الوطني الذي يبقى المسار الوحيد لمعالجة كل الأمور العالقة والمتفاقمة".
المحكمة
إلى ذلك، دعت الصين إلى إجراء تحقيق موضوعي وعادل في قضية اغتيال الرئيس الشهيد، وأملت على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية هونغ لي "أن يساعد حكم المحكمة الخاصة بلبنان، المشرفة على التحقيق، في استعادة العدل القضائي، والمصالحة الوطنية، ما سيؤدي لسلام واستقرار في منطقة الشرق الأوسط".