دول الخليج وثورات الكرامة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سمر المقرن
من أصعب الأشياء على الكاتب أن يتطرّق لموضوع سياسي محدّد في هذه الأيام, حيث تتشابك القضايا إلى حد الصداع. كل شيء من حولنا يأتي برتم سريع، حتى أننا لم نعد نفاجأ بأي خبر حتى وإن أتى على هيئة (عاجل)، فكلما سمعنا شيئاً جديداً أصبح يمر مرور الكرام وربما كان بالأمس سيتحول لقضية القضايا، وأعتقد أنه كلما فكرنا بالأحداث مجتمعة قد نتخيلها - أحياناً- أحلام يقظة.
نحن كعرب دائماً ما نستورد كل شيء، إلا أننا فيما يبدو سنبدأ بتصدير مبادئ الثورات السياسية ذات النهج الإلكتروني الجديد, كما حصل مؤخراً في إسبانيا واليونان، بل في كيفية استفادة كل ثورة من أختها، وأضحت تحمل دلالات ومعاني جديدة، فثورتا تونس ومصر الناجحتان نظرياً حتى الآن بدأتا تصيب الشعوب بالقنوط واليأس من انتظار نتائج ما بعد الثورة وحالة من الهياج ضد كل شيء, أما في اليمن وليبيا وسورية فالمشهد ما زال يحمل كثيراً من الغموض وسط تفاوت ردود الأفعال الدولية من بلد لآخر.
لا أعلم أين ستنتهي أحداث الدول العربية ولن يستطيع أحد أن يتنبأ بمستقبلها، فالثورات الأولى لم تعلن النجاح بعد وما زالت في خطواتها الأولى والمؤشرات الراهنة تدل على عدم الرضا الجماهيري.
وبالنظر للوضع التونسي فالشعب الذي اعتاد على نهج الدولة السابق لم يتقبل بعد التعدد الحزبي مع عودة المعارضين المهاجرين. أما في مصر فأحداث الشغب الأخيرة تعكس حالة الشارع المصري الذي يعيش صراعاً نفسياً خطيراً في انتظار الفرج.
على الجانب الآخر ما زال البعض ينتظر على أحر من الجمر قيام ثورات في دول الخليج العربي, ليس حباً في شعوب هذه المنطقة ولكن للتخلص من تراكمات سابقة ضد المنطقة وأهلها.
وإذا ما استثنينا البحرين التي تتعرّض لمؤامرات ودسائس خارجية, فإن ما لم ولن يفهمه هؤلاء أن هذا الانتظار برأيي لن يفلح كون المشهد الخليجي مختلفاً ومتماسكاً ولنا في أحداث البحرين أكبر شاهد على مدى تعاون الدول الخليجية في التصدي لمكائد ما وراء الخلجان.
ولكل المنتظرين أسأل: ما الفرق بين دول الخليج "العربي" وبين الدول التي قامت بها الثورات؟ سأجيب، وأقول: إن الراصد للمشهد يعرف أن الثورات قامت في أكثر الدول قمعية وتعاملاً مخابراتياً وبوليسياً مع الشعوب، شعوب الخليج لم يعانوا يوماً من رجل بلباس مدني يحمل بزهو سلاحاً خلف ظهره ويضرب عباد الله أمام طوابير الأرغفة الصباحية. شعوب دول الخليج لم تتواجه يوماًً مع رجال قمع وإذلال، ولم تُعامل يوماً كحشرات قذرة يجب القضاء عليها.
وبغض النظر عن المقارنة المادية فكل دول الخليج فيها فقراء وفيها ما فيها من أخطاء, ولكن لم تتعرّض شعوبها للاضطهاد. وبرأيي أن كل الثورات العربية الجديدة لم تهب فيها الشعوب من أجل الرغيف بقدر ما انتفضت من أجل الكرامة.
لذا فأنا على يقين من أن دول الخليج في منأى عن رياح الثورات الشبابية التي هبّت بحثاً عن الكرامة، ومن يعتقد غير هذا فهو بالتأكيد مخطئ في قراءة الواقع، أو أنه يعتمد على أخبار مدسوسة وأهدافها المغرضة معروفة للجميع، والأنظمة الخليجية لا تتشابه لا من قريب ولا من بعيد مع تلك الأنظمة التي اشتعلت ضدها الثورات، ومن يستشهد بالبحرين، فأوضح له أن ثورة الشعب البحريني الحقيقية هي تلك التي انطلقت من مسجد الفاتح رافعة صور القيادة تأكيداً على ولاء الشعب ومحبته لحكامه، وعلى هذا الغرار بقية دول الخليج.
ولا يبقى لنا إلا الدعاء لإخوتنا العرب في الدول المشتعلة على سباقهم لحفظ الكرامة.
التعليقات
واحد من أهل الفاتح
واحد من أهل الفاتح -شكرا للكاتبة على هذا المقال نعم نحن اهل الفاتح الذين ثاروا على من سموا انفسهم بالثوار ومن الظلم مقارتنا بالثورات العربية الشريفة فللاسف الاعتصام في البحرين كان له اجنده خارجيه وينفذها فئة ضالة من الشعب ويستثنون ويهمشون كل شخص لايقف معهم ويسمونه بالبلطجي والمجنس ويشككون في ولاءه للوطن ونحن نوالي الوطن والمليك بالروح والقلب