هل تكون المرأة العربية ضحية ?
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
هل تكون المرأة العربية ضحية الثورات العربية والثورات المضادة؟
جهاد الخازن
الأخبار من مصر مقلقة جعلتني، كالمتنبي قبلي، أفزع فيها بآمالي الى الكذب، ووجدت خبراً في آخر مكان أتوقع الأخبار الطيبة منه.
هل يصدِّق القارئ أن أسوأ خمس دول في معاملة النساء ليس بينها دولة عربية واحدة، باستثناء الصومال، وهو لا يكاد يكون دولة.
مؤسسة تومسون-رويترز جمعت 213 خبيراً عالمياً من الجنسين ليدرسوا أخطر الدول على النساء، وهم وجدوا ان هذا "الشرف" من نصيب أفغانستان، حيث تتضافر عناصر النزاع المستمر وغارات الناتو والثقافة المحلية والتقاليد... لتجعل البلاد الأسوأ في العالم كله للنساء. وقال الباحثون إن الأفغانيات اللواتي يحاولن أن يعترضن أو يعملن، يهدَّدن أو يُقتلن.
يكفي من معاناة النساء في أفغانستان، أن 87 في المئة منهن أمّيّات، وأن 70 الى 80 في المئة من كل الزيجات يتم بالإكراه، أيْ من دون أخذ رأي المرأة.
البلد الثاني في الخطر على النساء هو الكونغو، حيث تُغتصب 1152 امرأة كل يوم، وحيث 57 في المئة من النساء مصابات بفقر الدم (الرجال نشّفوا دمهنّ).
باكستان هو البلد الثالث، حيث يتعرض 90 في المئة من النساء للعنف المنزلي، وتُقتل أكثر من ألف امرأة كل سنة في جرائم شرف (الرجال لا يُقتلون في جرائم شرف، كأنهم من دون شرف).
الهند هي البلد الرابع في سوء معاملة النساء، وحوالى نصف البنات يُرغمن على الزواج في سن المراهقة، وقد "فُقدت" 50 مليون بنت على مدى القرن الماضي، والأرجح أنهن قتلن إما عند الولادة أو في جرائم شرف. ومكتب التحقيق المركزي في الهند جمع إحصاءات عن مدى المتاجرة بالنساء، ويقدِّر ان في البلاد ثلاثة ملايين مومس.
الصومال هو البلد الخامس في القائمة، غير ان ماريان قاسم، وزيرة النساء السابقة التي تعيش في المنفى، أصرت على ان بلدها هو الأخطر على النساء، وأنه يجب ان يحتل المرتبة الأولى سوءاًً.
الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه، وأعترف بأنني بعد قراءة القائمة لم أحاول أن اعرف أسماء الدول التالية، خشية ان تكون المراكز الاثنان والعشرون التالية للدول العربية، أو المراكز الثلاثة والخمسون للدول العربية والإسلامية.
حسناً، نحن لسنا أسوأ الدول في معاملة النساء، ولكن هل هذا خبر جيد؟
غيّرت رأيي بعد التفكير الى نقيضه، فالخبر سيء جداً للنساء في البلدان الخمسة، ثم إنه أسوأ إذا حاولنا المقارنة الكاذبة بين بلادنا والبلدان الخمسة، فالمرأة العربية ليست في موقع جيد لمجرد أنها أفضل وضعاً من الأفغانية أو الصومالية.
عندي رأي مسجل في كل الدول العربية يبدأ بالقول: الدول العربية كلها غير ديموقراطية، وينتهي بالقول: ولا حقوق للمرأة فيها.
لا أريد أن أعود الى تاريخ أو جغرافيا، وإنما أشير الى "الهباب" الذي نحن فيه، فالمرأة العربية كانت في قلب ثورات الغضب في كل بلد، بدءاً بتونس، ثم مصر، وما "كرّ من حجارة المسبحة" حتى الآن.
توكّل كرمان قادت أول تظاهرة في حرم جامعة يمنية ضد النظام، ثم رأينا على شاشات التلفزيون نساء يمنيات أخريات يتظاهرن تأييداً للنظام. وتكررت هذه الظاهرة في كل بلد، ففي البحرين كانت النساء بين أنشطِ عناصر المعارضة، كما نشط غيرهن في تأييد النظام. والفاجعة هنا، ان التأييد والمعارضة كانا على أساس طائفي سني-شيعي.
أما في ليبيا، فالنساء في قيادة الثورة على القذافي في بنغازي، ثم رأينا منهن اللواتي أحطن بالعقيد المنكود لتوفير درع بشري لحمايته.
للمرة الألف وواحد، المرأة العربية افضل أخلاقاً بشكل عام من الرجل العربي، لأنها لا يمكن ان تكون أسوأ، وهي تستحق الحرية والمساواة في الحقوق والواجبات وفرص العمل.
ما أخشى هو ان تتراجع حقوق المرأة، المنقوصة أصلاً، في اكثر البلدان العربية تقدماً اجتماعياً، فعودة الجماعات الإسلامية الى تونس بعد حظرها تهدد قانون منع تعدد الزوجات الذي أصدره الرئيس الحبيب بورقيبة في بداية عهده بعد الاستقلال، وفي مصر خلت لجنة صياغة الدستور الجديد من أي امرأة، ما جعلني أقلق على مصير قانون يعود الى سنة ألفين، ساوى بين الرجل والمرأة في حقوق الطلاق.
هل تكون المرأة العربية ضحية الثورات العربية والثورات المضادة؟ الجواب في بطن المستقبل.