جريدة الجرائد

اندفاع نحو الفاشية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

حلمي موسى

أقر الكنيست مطلع الأسبوع قانون المقاطعة الذي يحرم على الإسرائيليين الدعوة لمقاطعة اقتصادية أو ثقافية أو أكاديمية في إسرائيل أو في المستوطنات واعتبار ذلك مخالفة مدنية. ويسمح القانون للمتضرر من هذه المقاطعة رفع دعوى تعويض مدنية ضد الداعي لها، ويلزم الدولة بمنعه من المشاركة في عطاءات حكومية. وأثار القانون غضب شرائح محدودة في الحلبة السياسية الإسرائيلية ممن رأوا فيه مخالفة للنهج الديمقراطي وتكميما لأفواه الجماعات اليسارية التي تحاول الضغط على الحكومة اليمينية أو المستوطنات بالتعاون مع جهات دولية.
ومن المهم معرفة أن المنطق الذي استند إليه دعاة هذا القانون هو أن الولايات المتحدة تحارب من يفرض المقاطعة على إسرائيل، فلماذا لا تطبق إسرائيل القانون هذا على مواطنيها؟ ومعروف أن الكونغرس الأميركي أقر في السبعينيات قانونا يحظر مقاطعة إسرائيل أو تقديم معلومات قد تساعد في فرض المقاطعة عليها.
والواقع أن القانون الجديد ينطوي على مخالفة فاضحة للاتفاقيات التي وقعتها إسرائيل بشأن حرية الرأي وهو ما دعا المستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشتاين، لاعتباره من القوانين التي يصعب الدفاع عنها أمام المحكمة العليا. كما أن المستشار القضائي للكنيست نفسها رأى فيه مخالفة للقوانين والاتفاقيات السارية. وذهب آخرون إلى حد اعتبار القانون الجديد حلقة في سلسلة القوانين التي تقود إسرائيل بقوة نحو الفاشية.
والحال أنه لا يمكن النظر إلى هذا القانون من دون وضعه في السياق العام للتشريعات الأخيرة في الكنيست والتي دللت على سباق محموم بين القوى اليمينية لسن قوانين متشددة ضد العرب حينا (مثل قانون النكبة وقانون قبول سكن العرب في التجمعات السكنية) وضد اليهود ممن يخالفونهم الرأي حينا آخر. ويستكمل هذا القانون الجهد المبذول مؤخرا لإخضاع منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية للمساءلة القانونية والمالية، بعد أن أسهمت في فضح السلوكيات الإسرائيلية ضد العرب سواء في إسرائيل ذاتها أم ضدهم في الأراضي المحتلة العام 1967.
على أن قانون المقاطعة يفضح في الوقت نفسه كلا من المعارضة والائتلاف الحكومي. فالمقاصة التي جرت بين أعضاء الكنيست من الطرفين دللت على حجم التواطؤ بين اليمين المعلن في الائتلاف واليمين المستتر في المعارضة خصوصا كديما. وهو ما يشير إلى الأرضية المشتركة التي يقف عليها أساسا اليمين، خصوصا الليكود، وكديما الذي يشكل أساس المعارضة. ففي كل ما يتعلق بالعداء للعرب والعداء لليساريين ثمة توافق شبه تام تجلى بوضوح في نتائج التصويت. ولا يقلل من ذلك شيء إعلان زعيمة المعارضة، تسيبي ليفني، بعد التصويت أن "هذه دولة تلاحق مواطنيها... وقد توصلت إلى قناعة بأن رئيس الحكومة لم يعد يميز بين الصواب والخطأ، بين الخير والشر، لقد فقد ببساطة القدرة على التمييز".
ويتفق كثيرون في إسرائيل على أن هناك توترات بين الليكود وإسرائيل بيتنا جراء التنافس على زعامة اليمين. وتنعكس هذه التوترات في التنافس بينهما على سن قوانين تزداد تشددا وتتلاءم مع مزاج الجمهور الإسرائيلي الذي يزداد يمينية وتطرفا. وفيما يقف نتنياهو أحيانا في وجه مشاريع قوانين يعرضها أفيغدور ليبرمان يحاول الالتفاف على بعضها الآخر من جهة اليمين ليبدو هو من يصنعها ويسجل نقاطها في خانته.
صحيح أن اليسار الإسرائيلي رفع التماسا ضد القانون إلى المحكمة العليا ولكن اليمين بالمقابل يعمل على سن قوانين تقيد هذه المحكمة أصلا

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف