حكومة الحاج شرف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
علاء عريبى
المشكلة في د.عصام شرف رئيس الحكومة ليست في أنه شخص طيب، أو مغلوب على أمره، أو أن يده مغلولة إلى عنقه، ولا المشكلة في الذين يعملون معه من فلول النظام، بل إن المشكلة الحقيقية، والتي تسبب الأزمة التي نعيشها، في عقلية الدكتور شرف، والتي لا تختلف عن عقلية الموظف البيروقراطي، صحيح هو من الموظفين الشرفاء، لكنه بطيء الفهم والحركة، كما أن الزمن ليس له قيمة كبيرة لديه، وعدم الإحساس بالزمن هذا غالبا ما يصيب الإنسان عندما يصل لسن الشيخوخة، فما ننجزه اليوم من الممكن انجازه غدا وبعد الغد، وهذه التركيبة غير الفاعلة قد تكون عائقا للحركة، وقد تعطلها تماما لعدم استيعابها أو عدم تقديرها بشكل جيد الظروف المحيطة، وإذا أضفنا نفس الصفات للمجلس العسكري، فهذا يفسر الأسباب الرئيسية لثورة الشارع المصري.
ولا أخفى عليكم قلقي الشديد من وقوع خلافات حادة بين الحكومة القادمة والشارع بسبب درجة الإحساس بالزمن لدى الطرفين، كما لا أخفى كذلك مخاوفى من اختيارات شرف بعقليته البيروقراطية لأعضاء الحكومة الجديدة، حيث إن المعلومات التى سربت أو أعلنت توضح تشكيله حكومة ترضى الشارع لا حكومة قادرة على الانجاز والانتقال بالبلاد من نظام سياسى إلى نظام آخر.
فقد تردد أنه اختار بعض كبار السن ليكونوا نوابا له، وقيل إنه يفكر فى تعيين نواب من الشباب لكل وزير، وهو ما يعنى انه لا يرى الحكمة والقدرة سوى لدى الشيوخ كبار السن، كما يعنى أنه سيختار من ليس لديهم حكمة ولا قدرة من الشباب لكى يرضى الشباب الثائر فى ميدان التحرير، ويعنى كذلك أن د.عصام شرف يحاول ارضاء جميع الأطراف، بمعنى آخر انه يمسك العصا من المنتصف، أو يعمل بالمثل البيروقراطى الشهير:rdquo; اربط الحمارrdquo;، وهذا المثل يؤمن به كل الموظفين الذين يعملون بثقافة العبيد، حيث الأولوية عندهم لإرضاء رؤسائهم بأى شكل ، أملا فى البقاء بموقعه والصعود درجة أعلى فى وظيفته.
وخطورة هذه الاختيارات نراها في أمرين، الأول: إهدار المال العام، حيث إنه لكى يرضى الجميع، خاصة الشباب الثائر فى الميادين، سوف يتوسع في تعيين المسئولين والمساعدين، وهذا يحتاج إلى مرتبات ومكافآت، أضف إلى أن مساعد الوزير سوف يتمتع بأغلب مميزات الوزير، سكرتيرة، وسائق، وسيارة، وبنزين، ومكاتب، وغيرها من لزوم ما يلزم، وهذا كله يحتاج إلى مخصصات مالية، فى الوقت الذى يعانى فيه الاقتصاد من اضطرابات، ناهيك عن العجز الشديد فى الميزانية العامة، وبدلا من اختزال الحقائب الوزارية فى عدة وزارات لسرعة الانجاز ولتخفيض النفقات يتوسع فيها بإسراف.
الأمر الثاني يتضح في ميوعة القرار أو ضعفه، فالعقلية التي تبحث عن إرضاء جميع الأطراف، كما سبق وأشرنا، لا تمتلك رؤية حقيقية للمشاكل التى تمر بها البلاد، كما انها غير قادرة على تكوين هذه الرؤية، وهو ما يعنى أن عقلية الحاج شرف البيروقراطية سوف تعمل على استمرارية نظام مبارك، ولن تكون له وظيفة سوى تسيير دولاب العمل، كما كان يسير سيسير.
الطريف هنا أن الحاج شرف سوف يدجن الشباب الجديد، بصياغة آخري أن مساعدى الوزراء، وبعض الشخصيات الجديدة التى تلتحق بوزارة الحاج شرف، سوف يتم برمجتها على النظام السابق الذي ثار الشعب عليه وطالب بتغييره، حيث ستكون وظيفتهم العمل من داخل دولاب مبارك القديم، وهو ما يؤدى إلى حراسته والإبقاء عليه بدلا من تغييره.
الحل في ظني أن نعلن فشل الثورة، وننضم لمن رفعوا راية: احنا آسفين يا ريسrdquo;، أو نصنع دولابا جديدا بعقول جديدة بعيدا عن شوربة الحاج شرف.