جريدة الجرائد

انهيار إمبراطورية التنصت

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عبد العزيز المقالح

هل انهيار إمبراطورية مردوخ للتنصت، بداية لانهيارات متلاحقة لإمبراطوريات رصد أنفاس البشر في الغرب الديمقراطي الذي لم يكن يزهو بشيء كما يزهو بالديمقراطية وحرية الفرد وضمان حرية التعبير؟ فلم يكن الإمبراطور روبرت مردوخ الوحيد الذي أقام إمبراطوريته الصحفية على التنصت ومتابعة الهواتف النقالة وغير النقالة للشخصيات الشهيرة، فقد تحولت الأنظمة الديمقراطية في الغرب وفي الولايات المتحدة خاصة، إلى إمبراطوريات للتنصت على مواطنيها لا سيما بعد حادث 11 سبتمبر/أيلول ،2001 الذي فضح دور أجهزة الاستخبارات في هذه الدولة العظمى وجعلها تعلن بوضوح أن كل مواطن بات رهن التعقب والتنصت، وأن عليه أن يدرك أنه تحت مجهر إمبراطورية الاستخبارات، وأن كل حركاته وسكناته مرصودة .

إن حكاية العالم الحر التي سادت وانتشرت في أرجاء الأرض، لم تكن، للأسف، إلا أكذوبة روّجت لها إمبراطورية الإعلام والمال اللذين يتلاعبان بمشاعر البشر وعواطفهم ومصائرهم، وأن إمبراطورية مردوخ الصهيونية الصحفية لم تبدأ مهمتها القذرة اليوم أو أمس، وإنما تلك كانت مهمتها الموكلة إليها من قوى معلومة ونافذة وذات أهداف محددة ومغطاة بأوراق ldquo;السلوفانrdquo; التي لا تخفي عن عيون العقلاء وأذهانهم شيئاً . وكان البعض أقصد بعض الساسة في العالم يبررون للغرب الأوروبي الأمريكي اتخاذ الإجراءات الاستثنائية في مناخ الانقسام الذي كان سائداً زمن الحرب الباردة، لكن تلك التبريرات سقطت بسقوط القطب المنافس، فما الداعي إلى إبقاء أساليب التنصت والمراقبة؟ ولماذا زادت هذه الإجراءات وأصبح التنصت على المكالمات الهاتفية أمراً شائعاً؟

لقد عرف الشرق القديم والحديث، والشرق العربي خاصة، نظام الرقابة وعانى المواطنون من العسس والبصاصين، لكنهم لم يشعروا بأن قوة هؤلاء قادرة على أن تتبعهم إلى غرف النوم لترصد مكالماتهم وتكشف خصوصياتهم والتفاصيل الدقيقة عن حياتهم، كما تعمل صحافة العالم الحر وأنظمته الديمقراطية . وما تم اكتشافه في لندن من مواقف إمبراطورية صحافة روبرت مردوخ، ليس إلا قطرات من بحر الإمبراطوريات الصحفية الأخرى، ومن أجهزة الاستخبارات التي مدّت نفوذها بعد كاميرات الشوارع والمكاتب إلى كاميرات داخل المنازل من دون أن يكترث القائمون بذلك الفعل الشنيع لمدى التناقض بين ما تقوله أنظمة العالم الحر وتدعيه من شفافية وإيمان بحقوق الإنسان، وبين محاصرةٍ وخنقٍ للإنسان وفضحٍ لأخصّ خصوصياته .

وإذا كان العالم قد استبشر خيراً بسقوط إمبراطورية مردوخ وانفضاحها بعد عشرات السنين، فإن الآمال تحدوه في أن تتساقط كل الإمبراطوريات التي أفقدت الإنسان القدرة على أن يعيش حياته الطبيعية بطمأنينة وأمان .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف