جريدة الجرائد

الشعب السوري في مواجهة «ورد الشوم»!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عبدالسلام اليمني


للرجولة والفروسية صولات وجولات، وامتداد تاريخي تجذر في الشام وأهلها، وللبيت الدمشقي سحر تحطمت أمامه خزعبلات فسوق وهرطقات أزياء العمارة الإيطالية والفرنسية والأميركية.

البيوت الدمشقية على رغم جاهلية هجرانها لا تزال عظيمة بعمارتها، عنواناً لحياة الوحدة والأسرة والدفء، حديقتها المتربعة في وسط الدار الغنية بالأزهار والورود والأشجار المثمرة، عطر يتدفق بالحياة وملاذ آمن للسكينة والوقار.

الحارة الدمشقية منذ القدم أُسست على تقوى البساطة والمحبة والطيبة والتكافل والتسامح، وعند الشدة يرتجف العدو الغادر من صهيل خيول الفروسية والبطولة، و"دبكة" رجال تهز الأرض في الأفراح والمسرات.

سطوة الزمن الرديء في السياسة ورؤوس الأموال، قلّبت المراجل واجتثت الشوارب و"علمنت" العقول، ولَمّعت البيوت الدمشقية لتبقى مزاراً لسيّاح من الغرب والشرق يهزّون الرؤوس من تاريخ يحكيه وينشده نادل في هيئة الجذب السياحي.

ألقت الحركة الانقلابية التصحيحية بـ"يا عيب الشوم" في بئر معطلة، أخرجها مؤرخو الحزب الواحد محرفة المعاني والاستخدام، وأصبح التصرف غير اللائق وغير السوي قولاً وفعلاً هو ما يتعارض مع مبادئ الحزب، ويقف أمام أهل الحزب ويستنكر اعوجاج أعضاء الحزب المباح!

يُحكى من قصص الزمانات أن "الشوم" ورد جميل ينبت في صحراء الشام، داعبته فتاة بدوية بيدها فتناثرت ألوان من رحيق الورد على فستانها، حاولت إزالة الألوان من على الفستان فلم تستطع، عَلّقت الفتاة الخجلى على الموقف بعبارة تفوح برائحة نقاء الصحراء "يا عيب الشوم" ساحرة أخاذة في المعنى واللفظ والمناسبة، فكان لا بد لها من أن تنتشر بين أهل الشام حتى أصبحت من الأقوال الشامية والعربية المأثورة للتعبير عن التأنيب بفعل أو قول سيئ وغير لائق.

شاهدت على شاشة التلفاز نهاية الأسبوع الماضي رجالاً من الجيش السوري في مدينة حمص، وقد تجمعوا حول رجل اشتعل رأسه شيباً، وأخذ كل واحد منهم يطبق أقسى همجية الركل والرفس واللكمات الخطافية الطائرة على مختلف أنحاء جسد المواطن المسجون في الوطن منذ أمد بعيد، يتنافسون ويتسابقون بصلف بهيمي أمام رؤسائهم لإثبات الولاء والطاعة العمياء، وبعد أن سقط المواطن الشريف على الأرض جثة هامدة اصطف الجنود وقوفاً على جسده تعلو وجوههم الابتسامات وهم يرفعون علامات النصر المؤزر على جثة ابن من أبناء وطنهم؟!

احتفالهم عار عليهم، وجسدك أيها الشريف أسهل عليهم من رفع علامات النصر على أرض مغتصبة في هضبة الجولان، جريمتك التي اقترفتَها لسانُ صدق نطق بالحرية والعتق من نار الظلم والقهر والفساد السلطوي، وصوت شجي مسالم يتغنى بأبسط حقوق الإنسان للعيش على كوكب الأرض، لكنه عند العرب وفي قاموس وملة العرب عيب ومنكر يستحق التنكيل والعذاب المرير!

دفن الشعب السوري العظيم في التراب مهزلة توريث أول جمهورية عربية، وتجرع مرارة اغتصاب السلطة واستمرار هيمنة الحزب الواحد على أمل انفراج لحرق مراحل الزمن المتوقفة في الدرك الأسفل، نظر الشعب في الطبيب ومعه، لمستقبل يأتي من عمق مهنة عُرّفَت أصولُها ومفاهيمها بمبادئ وقيم وأخلاق وإنسانية، لطي حقبة حكم التبعية بالحديد والنار، والانطلاق نحو آفاق المشاركة في بناء الوطن تعيد لسورية والشام ابتسامة الشرق وحضارته.

تطلع الشعب السوري للمستقبل بعيون طبيب، أصابها الرمد الحزبي المزمن سريعاً فضعف البصر وضاعت البصيرة، فكانت الحرب الشرسة على التمدد الناعم للتعبير عن الرأي والمطالبة بالحقوق والعدالة الاجتماعية، في زمن انتفض فيه الشباب والشابات على وصمة عار العيش على طريقة تشاوسيسكو الرومانية!

"صمتكم يُقلقنا"، رسالة وجهها الشعب السوري لأشقائه العرب يوم الجمعة الماضية ولا مجيب أو مستجيب، وأتساءل، متى كان الكلام أو الموقف العربي إيجابياً وفاعلاً ومفيداً حتى يكون صمته مقلقاً أو قاتلاً، ضياع الأرض والقضية الفلسطينية كان من أسبابه الاتكالية على العرب، وبعد حديث "العربي" الأمين العام الجديد للجامعة العربية في دمشق قبل أسابيع، من المناسب أن تكون رسالتكم الموجهة للحكومات العربية "صمتكم يشد من أزرنا"، الصمت حكمة وقليل فاعله، وربما يكون الصمت العربي هذه المرة أعظم إنجاز يتحقق من دون إرادة أو تخطيط.

تسلم العسكر مهمة القمع وإخماد الأصوات بعقيدة لا تعترف بالدساتير والمواثيق والقوانين؛ الأوامر برزخ يعيشون فيه ومن أجله، و"حاضر سيدي"، و"أمرك سيدي"، أناشيد الصباح والتحايا في المساء، العسكر العرب الذين رأيناهم في مواجهة الثورات العربية، تعلموا كل شيء بالمقلوب في معاهدهم وكلياتهم العسكرية، ولو طلبت من أحدهم في بلاد الشام أن يوضح لك معنى "يا عيب الشوم"، فسيحدثك عن الحكاية بمضمون وثقافة الولاء والطاعة في الكتب العسكرية، وسيخبرك أن الشوم أجمل ورد ينبت في صحراء الشام، منظره جذاب ورائحته زكية، والشوم هم الرئيس وأعضاء الحكومة والحزب، والعيب والردى والعمل السيئ هو ما يفعله الثوار من الشعب ضد ألطف وأرق ورد في

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
انهم يكذبون
غافر -

كان لايزال عندي شيء من الظن ان ما يصفونه بثورة الحرية المطالبة باليموقراطية في سوريا قد تكون فعلا سلمية وأن السلطة قد تكون تحاول شيطنتها ووصفها بالعنفية لكي تبرر استخدام القوة ضدهاالى يوم أول أمس حين قادني حظي العاثر في ذلك اليوم الى ارتكاب حماقة كادت تودي بحياتي عندما استقليت الميكرو المتجه من قريتي شمال حماه الى عملي في مدينة حمص وكان لزاما علينا الدخول الى حماه مرورا عابرا فب الطريق الى حمص .صدقوني ليس من يسمع كمن يرى لقد مررنا على أكثر من ستة حواجز يقيمها شبان صغار في الشوارع - شيء مرعب حقا- حفاة وعاريي الصدور بعضهم ملتحي ويحملون أدوات لم أرها في حياتي الا في ذلك اليوم - سيوف-شنتيانات بلطات - فؤوس -قضبان حديد-اجتزنا الحواجز الأربعة الأولى بتفتيش خارجي فقط أما الحاجز الخامس فطلب فيه أحدهم من السائق ايقاف السيارة على اليمين وانزال الركاب لتفقد هوياتهم والى أي منطقة ينتمون ففعل السائق - هنا ايقنت أني هالك لامحالة لأني من غير طائفتهم - سبحان الله المنجي والمحدد الاجال - صدف أن جاءت في نفس اللحظة سيارة أخرى مدنية وتبدو لهم مغرية اكثر من حيث ركابها فكان أن تحول من كان بدأ في تدقيق هوياتناالى تلك السيارة ليرى من فيها واوكل المهمة الى رفيق له ظن عندماجاء الينا أن التفتيش قد انتهى فأوعز الينا بالصعود الى السيارة ومتابعة السير فتنفست الصعداء عندئذ لأن عمرا جديدا كتب لي عندها عرفت فعلا من هم هؤلاء السلميون المطالبون بالحرية ; كان الله في عون حكومتنا وجيشنا.

mmmmmm
mamoon -

الاأت الثلاثه اللتي ترفعها المعارضه ـ لا للحرب الطائفية ـ لا للتدخل العسكري الخارجي ـ لا لتسليح الثوار إن هي الا مؤامره كبرى على الشعب السوري الطيب والنبيل لأن تبني اي من الخيارات الثلاث سيشكل ضربه قاضيه للنظام المجرم ـــالخاسر الوحيد في الحرب الطائفيه هو النظام لانهم أقليه ـ الخاسر الوحيد من التدخل الخارجي هو النظام لأنه ضعيف جدا أمام حلف الناتو وأخيرا لو أن الشعب السوري مسلحا لأسقط النظام منذ زمان ــ ؟؟؟؟؟؟

حاجتك
monsef -

روايتك على كل مقال في ايلاف تعليقك انشره في اخبار الفن والممثلين احسن